كويتي أصلي كويتي قبيح

أعتقد جازماً أننا فهمنا خطأ نفي وزارة الداخلية يوم أمس. فالوزارة لم تنفِ بشكل مباشر التصريح المنسوب للشيخ فهد اليوسف، لكنها نفت «فقط» أن يكون لديه حساب. هذا يعني أن مقولته بأنه أو حكومته لن تقبل بوجود غير كويتي رئيساً للكويتي صحيحة 100%.

يؤكد ذلك مشروع القانون الذي تسلمه المجلس الأعلى للقضاء من الحكومة. والتأكيد هنا يتجاوز المليون بالمائة لأن اتجاه الحكومة في القانون لم يمنع غير الكويتي من العمل قاضياً وحسب، بل اشترط أن يكون القاضي كويتياً بصفة أصلية.!!!! كارثة ما بعدها كارثة.. وجريمة تُرتكب بحق الدستور وإقصاء ونفي لمئات الآلاف من الكويتيين الحاليين... وربما ملايين غيرهم في القادم من السنين.

المادة السابعة من دستور دولة الكويت تنص على أن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع». الحرية بعيدة المنال في مجت مع متخلف ووسط بدائيين مثل شعبنا وحكومتنا، لكن العدل والمساواة من المفروض أن تكون قضايا سهلة وليست محل خلاف. المادة 29 من الدستور لم تنص على أن الكويتيين متساوون أمام القانون فقط، لكنها نصت على أن «الناس» كل الناس، وافد أو غير كويتي، متساوون لدى القانون، لا «تمييز». لا حظ لا تمييز لهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. لا تمييز بسبب الأصل، وحضرة قانون الحكومة يقول يجب أن يكون القاضي كويتياً ثم يزيد الأمر تعقيداً ويشترط أن يكون كويتياً بصفة «أصلية».

يعني مادة ثانية ومادة سابعة ومادة ثامنة، ومعهم كل من سيولد اليوم أو قبل يوم القيامة بيوم لأب وأم كويتية، كل هؤلاء الملايين القادمة في المستقبل القريب والبعيد سيكون محظوراً عليهم تولي منصب القضاء لأنهم ليسوا كويتيين بصفة أصلية أو أنهم حسب وجهة نظر حكومتنا «مو كفو» وليسوا أهل ثقة.

معقول بعد هذا العمر الطويل، أكثر من نصف قرن على الممارسة الديمقراطية؟ معقول في القرن الواحد والعشرين يوجد بيننا من يقسم الناس إلى أصلي وتقليد، كفؤ وغير كفؤ؟ ومعقول بعدما أكد الآباء المؤسسون في لجنة مناقشة الدستور وفي نقاشات مجلس الأمة أن الكويتيين متساوون، وأن من يولد لأب كويتي هو «كويتي»، معقول بعد كل هذا تأتي حكومة أقسم كل وزرائها على احترام الدستور بقانون صريح يميز ليس بين الناس، ولكن بين كويتي وكويتي؟