إيران تغرق في انقسامات حول التفاوض مع ترامب

خامنئي يصف الرئيس الأميركي بـ «الواهم الحالم»... وظريف يدعو للعقلانية
• وزير الاستخبارات يحذر من خدعة المفاوضات
• غوتيرش يحث طهران على توضيح نبذها «النووي»

نشر في 23-01-2025
آخر تحديث 22-01-2025 | 20:47
دبابات إيرانية خلال مناورات عسكرية قبل أيام (رويترز)
دبابات إيرانية خلال مناورات عسكرية قبل أيام (رويترز)

غداة تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة، وجدت إيران نفسها غارقة في انقسامات حادة حول التفاوض مع «قاتل» جنرالها الأشهر قاسم سليماني، وممزق الاتفاق النووي لعام 2015، في ظل ارتباك إيراني تعززه مخاوف من أن انحسار نفوذ طهران الإقليمي، قد يشجع ترامب على مباركة وربما مواكبة، حلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن ضربة ضد البرنامج النووي الإيراني قد تصل تداعياتها إلى رأس النظام الحاكم في طهران.

في هذا السياق، أكد مصدر مقرب من نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف، أن الأخير عقد لقاءات ثنائية ومباشرة مع بعض الشخصيات الأميركية المقربة من ترامب على هامش مشاركته في مؤتمر دافوس بسويسرا.

وفي تصريحات من دافوس أمس، قال ظريف إن إيران تأمل أن يختار الرئيس الأميركي العقلانية في تعامله مع الجمهورية الإسلامية، مضيفاً أن طهران لم تسعَ قط إلى امتلاك أسلحة نووية ولا تشكل تهديداً أمنياً للعالم.

ورغم تأكيد مسؤول في مكتب ظريف أن الأخير «لم يُجرِ مفاوضات مع أميركا أو أي جانب آخر خلال المنتدى»، أكد المصدر لـ «الجريدة» أن وزير الخارجية الإيراني الأسبق المثير للجدل، حصل على ضوء أخضر من المرشد علي خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان لإجراء اللقاءات.

وبحسب المصدر، تتمحور الخلافات بين الإيرانيين حول عدة نقاط أبرزها جدول أعمال المفاوضات وهوية المفاوضين. وتحدث مقربون من ترامب عن رغبة الإدارة الجمهورية الجديدة في التفاوض على كل الملفات الخلافية، خصوصاً أنشطة إيران الإقليمية، ودعمها ميليشيات في عدة دول، وبرنامجها الصاروخي، وبرنامح المسيّرات.

وكان ترامب أشار إلى أن أحد أسباب خروجه من الاتفاق النووي عام 2018 هو أنه لم يعالج أياً من النقاط الخلافية مع طهران، واقتصر على الملف النووي، حيث تمكنت إيران من جني ثمار الاتفاق، واستثمرت في دعم حلفائها الذين يعملون ضد المصالح الأميركية، ويساهمون في عدم الاستقرار بالمنطقة.

وبحسب المعلومات، فإن إدارة ترامب تعتبر أن البرنامج النووي أمر مفروغ منه، وغير أساسي للتفاوض، لأن واشنطن مصممة على ضرب منشآت إيران النووية وتدميرها في حال لجأت طهران أو اقتربت كثيراً من تصنيع سلاح نووي، وبالتالي يجب التركيز على الملفات الأخرى.

ويرفض المتشددون الإيرانيون أن تشمل المفاوضات المقبلة مع ترامب أي ملفات غير نووية، على عكس فريق الحكومة، خصوصاً ظريف، الذي يعتبر أن هناك فرصة تاريخية لحل الخلافات المزمنة مع واشنطن، والدخول في علاقات طبيعية معها.

ولفت المصدر إلى أن الرئيس بزشكيان يعتبر ظريف الشخص المناسب لقيادة المفاوضات باعتباره مهندس الاتفاق النووي السابق، في حين يصر المتشددون على ضرورة أن تكون المفاوضات تحت إشراف المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يضم مندوبين عن كل التيارات ومراكز القوى الإيرانية.

وفي دليل على حدة هذه الانقسامات، حذّر وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل خطيب، أمس، من خدعة المفاوضات، معتبراً أن «العدو لا يريد المفاوضات كوسيلة للتعاون المتبادل، بل يريد المفاوضات لمصلحته فقط».

وخطيب هو وزير أصولي متشدد، أبقاه بزشكيان في المنصب الذي كان يشغله في حكومة سلفه الراحل إبراهيم رئيسي بعد أن شكّل حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطياف.

وقال خطيب، خلال مؤتمر سياسي لقادة ومسؤولي الجيش الإيراني، إنه «من الواضح أن الأميركيين سيزيدون من ضغوطهم لخلق ظروف مفاوضات مفروضة على إيران، وسيقدمون يومياً اقتراحات تبدو مغرية، سواء من ناحية الإغراء أو التهديد. يجب أن نكون واعين لهذا الأمر، فقد دعت أميركا دائماً إلى المفاوضات خلال الثورة الإسلامية، بينما تصرفت بشكلٍ مخالف».

وفي إشارة إلى اتفاق 2015، قال خطيب إن «الأميركيين أبرموا اتفاقات ولم يلتزموا بها، لذا فإن الطريق الوحيد لتحقيق النجاح هو الاستمرار في سياسة واستراتيجية المقاومة. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار هذه الرؤية في الأمن، وفي القوة الدفاعية والردع العسكري».

من جهتهم، تعهّد بعض مساعدي ترامب بالعودة إلى سياسة الضغط الأقصى التي انتهجها في ولايته الأولى، وسعى من خلالها إلى تدمير اقتصاد إيران، لإجبارها على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجها النووي والصاروخي وأنشطتها في المنطقة.

وفي وقت يتحدث محللون عن وجود تيار قوي في إدارة ترامب متشدد ضد إيران، يرى أن هناك فرصة مناسبة قد لا تتكرر لإضعاف طهران وربما الذهاب إلى حد تغيير النظام، وصف المرشد علي خامنئي، في تلميح غير مباشر، ترامب بأنه «واهم حالم»، وقال: «أعلن الواهم الحالم أن إيران ضعفت... المستقبل سيُظهر من الضعيف حقاً».

وذكر خامنئي أن «صدام حسين أيضاً ظن سابقاً أن طهران ضعفت، فبدأ العدوان»، مضيفاً أن «رونالد ريغان كذلك تصور أن بلادنا ضعفت فساعد صدام».

واعتبر أن «هؤلاء وغيرهم من عشرات الواهمين لاقوا مصائرهم، في حين استمر النظام الإيراني في النمو يوماً بعد يوم»، مؤكداً أن تلك التجربة ستتكرر مجدداً، في إشارة إلى عهد ترامب.

في غضون ذلك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، أمس، خلال منتدى دافوس، أن إيران «يجب أن تتخذ خطوة نحو تحسين العلاقات مع دول المنطقة والولايات المتحدة من خلال توضيح أنها لا تهدف إلى تطوير أسلحة نووية»، مشيراً إلى أن «المسألة الأكثر أهمية هي إيران والعلاقات بينها وبين إسرائيل والولايات المتحدة».

وحذّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمس الأول في «دافوس» من الخيار العسكري للبرنامج النووي الإيراني عبر زيادة طهران مخزونها من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء تصل إلى 60 في المئة، داعياً إيران للتفاهم مع ترامب.

back to top