إسرائيل تسعى لتحويل جنين إلى «غزة مصغرة»

العمليات في «الضفة» تُحْيي التحذيرات من «الضم» وإدارة ترامب تنخرط بالمرحلة الثانية من اتفاق غزة

نشر في 23-01-2025
آخر تحديث 22-01-2025 | 19:24
أخذ التصعيد الكبير في الضفة الغربية بعداً أخطر من محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي استرضاء شركائه المتطرفين في الائتلاف الحاكم، والحفاظ على عقده من الانفراط، مع الحديث عن تحوّل في استراتيجية الجيش، وتحويل مدينة جنين إلى غزة مصغرة.

لليوم الثاني على التوالي، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حملته البرية والجوية الواسعة على مركز ثقل الفصائل الفلسطينية في مدينة جنين، مشيراً إلى تحوّل في استراتيجيته الأمنية في الضفة الغربية.

وحذر محافظ جنين كمال أبوالرب من أن إسرائيل تريد تحويل المدينة إلى «غزة مصغرة مدمَّرة»، وتعمل على تحويل مخيمها إلى «بؤرة جديدة من الحرب على الشعب الفلسطيني».

وأشار أبوالرب إلى استمرار إسرائيل في إرسال التعزيزات لجنين لإحراج السلطة الفلسطينية أمام العالم بأنها غير قادرة على حفظ الأمن في الضفة الغربية والأوضاع فيها غير مستقرة، وهناك عنف يستدعي تدخُّله لبسط الأمن، وهي طريقة لاستمرار الاحتلال واتساع رقعة احتلال الأرض.

وأكد محافظ جنين أن «الوضع صعب، وجيش الاحتلال جرف جميع الطرق المؤدية إلى المخيم وإلى المستشفى الحكومي، وهناك إطلاق نار مستمر وتفجيرات وطائرة إسرائيلية تحلّق في سماء المدينة والمخيم».

ومع تواصل الهجوم الشامل، قال وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، إن عملية «الجدار الحديدي»، التي بدأت في جنين، أمس الأول، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات «ستمثل تحولا في استراتيجية الأمن التي ينفذها جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية»، مضيفاً أن هدفها «القضاء على الإرهابيين والبنية التحتية لهم في المخيم - بدون تكرار الإرهاب في المخيم بعد انتهاء العملية، وهو أول درس من أسلوب الغارات المتكررة في غزة»، مشيرا إلى أن العمليات قد تتوسع الى كل أنحاء الضفة.

وفيما أكدت إذاعة «كان» أن طائرة إسرائيلية بدون طيار نفذت غارة في جنين، أعلنت وكالة «أونروا» أنها لم تتمكن من تقديم خدماتها بشكل كامل في مخيم جنين، محذرة من تطورات بالضفة تهدد بزعزعة وقف إطلاق النار الهش في غزة.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية بأن إسرائيل شدَّدت إجراءاتها على مداخل ومخارج محافظات، لليوم الثالث على التوالي، وتُعرقل التنقل عبر حاجزي عطارة وعين سينيا في رام الله والبيرة، وأغلقت حاجز تياسير شرق طوباس، وفصلت مدن الضفة الغربية عن الأغوار من خلال منع المرور من حاجزيْ تياسير والحمرا.

بدوره، اعتبر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، أن الهدف النهائي للعملية الانتقامية والاستعراضية في جنين هو ضم الضفة والتهجير، مؤكداً أن رسالة الاحتلال إلى الفلسطينيين والسلطة أنه لا أحد في مأمن.

«الجهاد» والسلطة

وصبت حركة الجهاد غضبها على السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، وحملتها وأجهزتها الأمنية مسؤولية «المشاركة والتواطؤ في العدوان على جنين»، معتبرة أن «حصار المخيم لأكثر من 40 يوماً مهّد لاقتحام الاحتلال له وملاحقة المجاهدين».

وشكلت الحركة غرف عمليات لتنسيق العمل الميداني مع مقاتلي «القسام»، و«شباب الثأر»، و«التحرير»، مؤكدة أن مقاتلي جناحها العسكري «سرايا القدس» يخوصون معارك ضارية مع العدو، ويمطرونه وآلياته بالرصاص والعبوات الناسفة، ونددت بقيام جيش الاحتلال بالتهجير والتدمير، وقتل أهل جنين ضمن حرب الإبادة التي يشنها.

وبينما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، من خطورة مساعي إسرائيل إلى ضم الضفة الغربية وانتهاكها الكامل للقانون الدولي دعم حزب القوة اليهودية المتطرف برئاسة وزير الأمن المستقيل، إيتمار بن غفير، مشروع قانون لفرض السيادة على المستوطنات في غور الأردن بالضفة

وبينما أخطرت قوات الاحتلال سكان 7 منازل في غرب الخليل بقرارات هدم، قرر مجلس مستوطنة معاليه أدوميم برئاسة جيا يفراح إطلاق اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مستوطنة قرب القدس مع بدء بنائها.

اتفاق غزة

إلى ذلك، بدأت إدارة ترامب العمل على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين إسرائيل و«حماس»، بحسب صحيفتي بوليتيكو وتايمز أوف إسرائيل. وذكر مسؤولون ومستشارون في الحزب الجمهوري أنهم عملوا مع إدارة بايدن، لكنهم اعترفوا بأنه لن يكون من السهل دفع الاتفاق المرحلي قدماً. وقال أحد المسؤولين: «ما تركه لنا جو بايدن هو نهاية البداية وليس بداية النهاية».

وقال مسؤولون إن مستشار الأمن القومي، مايك والتز، ووزير الخارجية الجديد ماركو روبيو سيبدآن العمل في القضية على الفور تقريباً.

ونقل موقع واللا عن مسؤولين أن نتنياهو لم يعقد اجتماعاً بعد لمناقشة المرحلة الثانية من الصفقة، لكنه أكد رغبته في المضي قُدماً، مشيرين إلى أن «إسرائيل ستطالب خلال المفاوضات بعدم بقاء حماس في السلطة بغزة، وبأن تحكم القطاع جهة أخرى». وذكر مكتب نتنياهو أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة على معبر رفح بين مصر وغزة، خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وأكد مكتب نتنياهو أنه حسب اتفاق غزة، فإن الجيش سيطوق معبر رفح، ولا يسمح بعبور أي شخص دون موافقته، والأمور الفنية فيه سيديرها سكان من غزة بعد أن يتحقق «الشاباك» من أنهم غير المنتمين إلى «حماس».

ووفق مكتب نتنياهو، فإن الدور العملي الوحيد للسلطة الفلسطينية في معبر رفح سيقتصر على ختم الجوازات، وهذه الترتيبات جرت في المرحلة الأولى من صفقة التبادل، وستتم مراجعتها لاحقاً.

وفي مصر، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على أنه سيدفع بمنتهى القوة لتنفيذ الاتفاق بالكامل لحقن دماء الفلسطينيين وإعادة الخدمات إلى القطاع ليصبح قابلا للحياة.

وفي قطر، أعرب مجلس الوزراء عن الأمل في استكمال تنفيذ الاتفاق بكل بنوده والوفاء الكامل بالتزاماته، بما يحقن دماء المدنيين وينهي مأساة أهل غزة.

حكم «حماس»

وفي رسالة واضحة مفادها أنها لا تزال في السلطة، يشرف مسؤولو «حماس» على إزالة الأنقاض، وحراسة قوافل المساعدات، وتسيير الدوريات في الشوارع.

ووصف مسؤولون إسرائيليون الظهور العسكري الذي نظمه مقاتلو «حماس» للاحتفال بوقف إطلاق النار يوم الأحد أمام الحشود بأنه محاولة منظمة بعناية لتضخيم قوتها.

وبينما كان قطاع غزة يستقطب أنظار المراقبين والمحللين لرصد مؤشرات قدرة اتفاق وقف إطلاق النار على الصمود، فجّرت استقالة رئيس الأركان، هيرتسي هاليفي، وقائد المنطقة الجنوبية، يارون فنكلمان، بؤرة جديدة للتوتر.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين إسرائيليين سابقين أن استقالة هاليفي قد يكون لها تأثير مخيف، وسقوط قادة المؤسسة الأمنية قد يؤدي لاستبدال الخبراء بموالين لحكومة نتنياهو.

back to top