«تيك توك»... والنظام العالمي الجديد
بدا واضحاً في الآونة الأخيرة تخوّف العديد من الدول من تطبيق تيك توك، التابع لشركة بايت دانس الصينية، مما دفع الإعلانات المتتالية إلى حظره على أراضيها على أجهزة المسؤولين العسكريين والسياسيين، لعله تخوّف غير واضح المعالم مما إذا كانت العمليات تجسسا أو ما يملكه التطبيق من قاعدة جماهيرية من الممكن التأثير عليها من قوى خارجية.
وفي ظل ارتفاع وتيرة الصراعات حول العالم للتخلص من النظام الأحادي القطبية، يختلط العسكري بالتكنولوجي، فلم تكن القوة قد أجدت نفعا لفرض بعض الدول سيطرتها على النظام العالمي، ولعله بات واضحا صراع بكين والولايات المتحده الأميركية، ولكن هذه المرة ليس لمنع الغزو الصيني لتايوان، بل لمنع السيطرة التكنولوجية على العالم.
كان دونالد ترامب قد وقّع في 6 أغسطس 2020 أمرا تنفيذيا يحظر معاملات التطبيق في البلاد، فنرى الرئيس يصدر قرارا جديدا في 14 أغسطس لنفس العام، يمنح الشركة المالكة 90 يوما لبيع أو تفكيك أعمالها، كما ذكر وقتها أن هناك أدلة موثوقة تدفعه إلى الاعتقاد بأن «بايت دانس» قد تتخد إجراء يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة.
وقد تصاعد القلق الأميركي بعد مزاعم تفيد باحتمالية وجود عمليات تجسس تخدم بكين من خلال مشاركة بيانات التطبيق معها، لأن لديها خوارزمية مقلقة، الأمر الذي قابلته «تيك توك» آنذاك بتبنّي حزمة إصلاحات، منها تطبيق عالي الشفافية، والسماح بمراجعة الخوارزميات الخاصة بالبيانات.
إنه تصعيد غير مبرر تجاه التطبيق على الصعد السياسية والاقتصادية، وهذا ما يؤكد أن أوروبا وأميركا قد شعرتا بالخطر، حيث يستخدمه 125 مليونا في الاتحاد الأوروبي
و90 مليونا في الولايات المتحدة الأميركية فقط، وهي أرقام لعلها أثارت القلق بشأن قدرته على تغيير معادلات قد تكون سياسية على أرض الواقع، خصوصا أنه يمتلك قاعدة جماهيرية تديرها خوارزمية صينية تسعى حكومتها لتغيير نظام العالم أحادي القطبية، وأنها على دراية بأن نظام السلطة الجديد سيتطلب ليس أمما متحدة جديدة، بل حكومة عالمية جديدة تسعى للتعبير عن «شعب عالمي» جديد.
* صحافية من غزة