إسقاطات خطاب ترامب على تحالفات أميركا

نشر في 22-01-2025
آخر تحديث 21-01-2025 | 19:47
 د. محمد المقاطع

لم يكن خطاب الرئيس الأميركي ترامب بعد أدائه قسم تقلد منصب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية يوم الاثنين 20 يناير 2025، خطاباً عادياً، بل كان خطاباً بمضامين ورسائل متعددة الاتجاهات! كما كان خطاباً مقلقاً لحلفاء أميركا قبل غرمائها، ويثير تساؤلات وتحفظات عديدة داخلياً وإقليمياً ودولياً!

لا جدل أن المخاطب الأول والرئيسي في هذا الخطاب كان الشعب الأميركي، وكان غاية ذلك إبراز حرصه على مصالحهم الاجتماعية والمالية والحفاظ على قوة البلد وسطوته السياسية عالمياً ونفوذه السيادي، وهي رسالة أظن أن معظم الأميركيين سيستقبلونها بالقبول والرضا، خصوصاً مع الوعد بإثراء البلد في قادم الأيام ورفع المستوى المعيشي للفرد الأميركي، وزيادة الإنتاجية والقضاء على البطالة! وهي جميعاً غايات ينشدها الشعب الأميركي.

إلا أن اللافت حقاً هو أن الخطاب يثير قلقاً متزايداً لدى حلفاء أميركا، سواء في أوروبا أو أميركا الشمالية أو الجنوبية أو كندا وكذلك بنما. فقد كان الخطاب واضحاً بنية الرئيس ترامب فرض ضرائب وتعريفات جمركية عالية على الدول الأوروبية! ومطالبتها بسداد حصة أكبر من ميزانية «الناتو»! فضلاً عن فرض ضرائب وتعريفات جمركية على الصين وكندا!

وربما نشهد حرباً ضريبية وجمركية عالمية غير مسبوقة، ما لم يتم استيعاب هذا الأمر بصورة دبلوماسية توافقية سريعة، وإلا فإن العالم سيشهد اضطراباً وهزات اقتصادية قد تقود لصراعات لا أحد يرغب بها، وقد لا تحمد عواقبها.

وقد وجه الرئيس ترامب للصين تهديداً مباشراً إن لم تحصل أميركا على نصف ملكية «تيك توك»، كما أنه وضع تحدياً مباشراً لصناعة السيارات الإلكترونية من خلال مصنعها الرئيسي القادم، وهي الصين، وذلك من خلال فرض ضرائب عليها. وأخيراً، أثار القلقَ إعلانه وضع اليد على قناة بنما، وهو ما أسماه «استعادة ملكيتها» بسبب ما أنفقته أميركا من أموال على شقها وما فقدته من آلاف الأرواح لإنجازها، حتى لا تكون هذه القناة، كما قال، بيد الصين مستقبلاً!

ومن ذلك إعلانه المواجهة المباشرة مع المكسيك وعدد من دول أميركا الجنوبية من خلال ترحيل مهاجريها غير القانونيين، فضلاً عن إعادة تسميته لخليج المكسيك بـ «خليج أميركا»!

أما داخلياً، فإنه وعد بإعادة ضبط التركيبة السكانية بتهجير ملايين من المقيمين بصورة غير قانونية أو غيرهم، وضبط الحدود، ووقف منح الجنسية للمواليد في أميركا، مع منع زيادة الأسعار وخفض أسعار الطاقة بزيادة الإنتاج والمخزون من الطاقة البترولية في أميركا! كما أنه وضع سياسة للقضاء على الهندسة الجينية وتغيير الجنس، وألا يكون هناك اعتراف إلا بالجنسين الطبيعيين وهما الذكور والإناث، وهو عودة للمسار الإنساني الطبيعي في هذه القضية.

ولا شك أن خطاب ترامب يثير كثيراً من القلق الإقليمي والدولي مع امتعاض واضح من قبل الحزب الديموقراطي وكذلك حكام الولايات، لكونه ينسف جميع السياسات التي أصدرها الرئيس بايدن، وسيمهد ذلك، ربما، لصراع سياسي وقانوني محتدم في أميركا!

وأظن أن الأيام القادمة حبلى وتستحق المراقبة.

back to top