الفراغ قاااادم

نشر في 22-01-2025
آخر تحديث 21-01-2025 | 18:08
إعادة النظر في جواز حصول ديوان المحاسبة على نسخ ضوئية من اللوائح والعقود تعتبر خطوة تصحيحية في دعم الديوان لممارسة اختصاصاته.
 إبراهيم المليفي

منذ أن نُشر تعميم مجلس الوزراء في 20 أكتوبر من العام الماضي، بخصوص المحظورات العشرة التي يجب على ديوان المحاسبة عدم الاقتراب منها، وأنا أراجع نفسي في الكتابة عن بعض الأمور المتعلقة بأسلوب عمل الديوان، وتحديداً بعض العاملين فيه وليس الديوان كفكرة ومؤسسة وتاريخ من العمل المهني المتراكم منذ ستة عقود.

تلك المراجعة أو الحيرة بمعنى أصح، مصدرها الخشية من أن يحسب ما أقوله في خانة مَن يطالبون بإزالة ديوان المحاسبة أو تقليم أظافره للحد الأقصى، بحجة أن وجوده يعوق حركة المشاريع التنموية ويؤخر نهضة الكويت المنتظرة، وانتهيت إلى الامتناع عن التعليق لأن المحظورات العشرة غيّرت مجرى الحوار بالكامل.

أمس كانت الكلمة اللافتة في خبر «الجريدة» عن ديوان المحاسبة هي (خطوة تصحيحية) في إشارة إلى قرار مجلس الوزراء بجواز حصول الديوان على نسخ ضوئية من القرارات واللوائح والعقود لممارسة اختصاصاته في الرقابة المالية، وهي ما يعني بقاء 9 محظورات، خطوة تصحيحية لأن مجلس الوزراء أعاد النظر في قراره دون ضغوط غير ضغط التجربة الفعلية على الأرض لأقل من ثلاثة أشهر، دون وجود جهاز رقابي محترف يعينه في أعماله مثل ديوان المحاسبة.

وأعتقد أن المزيد من الممارسة العملية للجهات الحكومية دون وجود رقابة فاعلة من «المحاسبة» كفيلة بإعادة النظر في المحظورات المتبقية، خصوصاً أن التوجهات العامة للحكومة تولي ضبط المصاريف وسلامة الإجراءات ومكافحة الفساد أولوية قصوى، وتلك لن تتأتى بجهاز رقابي مشلول وعاجز عن التنقيب في أضابير العوالم الخفية داخل تلك الجهات الكثيرة.

إن ما كنتُ أريد الكتابة عنه بخصوص ديوان المحاسبة، يدور حول الإرهاق الذي يسببه بعض العاملين فيه من الطلبات الورقية والأسئلة المكررة للجهات الحكومية وإعادة فتح الملفات بعد إغلاقها، والأخيرة اعتبرها لمسة خاصة من بعض المسؤولين المتحمسين، وكم كنت أتمنى توصيل هذه الرسالة، وهي أن على الفرق الرقابية التي ينتهي عملها في أي جهة تسليم كل أوراقها للفريق الذي سيتسلم بعدها حتى لا تتكرر العودة إلى طلبات (الجذور) وشجرة أنساب الكتب الرسمية التي وقعها الراحلون وضيّعها اللاحقون وابتلعها الأرشيف الرقمي، خصوصاً في الجهات التي تفتقر لعناصر الخبرة القادرة على التعامل السريع والفعال مع فرق ديوان المحاسبة.

في الختام، لعل تلك الخطوة التصحيحية من الحكومة فاتحة خير لكي تعيد النظر في بقية المحظورات المفروضة على «المحاسبة»، كما أنها أيضاً فرصة للديوان لكي يراجع نفسه ويطور أعماله الرقابية، استعداداً للمرحلة القادمة، نظراً لأن القادم من الأيام يحمل الكثير من المؤشرات على قرب حدوث فراغ قادم في وزارات الدولة من عناصر الخبرة، إما بالتقاعد المبكر أو التقاعد الإجباري لمن يرغبون في البقاء، وهو ما سيجعل من إنجاز الأعمال الروتينية معجزة بحد ذاتها.

back to top