كوريا الجنوبية: توقيف الرئيس المعزول وسط جدل

يون يعتصم بحق الصمت و5 ساعات احتاجها المحققون لاختراق قلعته الحصينة

نشر في 15-01-2025 | 08:17
آخر تحديث 15-01-2025 | 20:44
أنصار الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يتجمعون بالقرب من مكتب التحقيقات بعد اعتقاله
أنصار الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يتجمعون بالقرب من مكتب التحقيقات بعد اعتقاله

رغم الجدل القانوني والسياسي المتواصل حول شرعية الخطوة، أوقف يون سوك يول، رئيس كوريا الجنوبية، المعزول من قبل البرلمان، اليوم، على خلفية محاولته الفاشلة فرض الأحكام العرفية، ليصبح أول رئيس يعتقل في تاريخ الاقتصاد الرابع في آسيا، وإحدى حلفاء واشنطن الآسيويين الأساسيين.

وأفاد يون، الذي يواجه اتهامات بالتمرد، على خلفية مسعاه الذي لم يدم طويلا لفرض الأحكام العرفية الشهر الماضي، بأنه سيتعاون مع المحققين لتجنب «سفك الدماء». وقد يواجه يون، وهو مدع عام سابق، قاد «حزب سلطة الشعب» لتحقيق فوز انتخابي عام 2022، عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة في حال إدانته بتهمة التمرد.

قلعة حصينة

وسعى إلى تجنب توقيفه على مدى أسابيع، عبر البقاء في مجمعه السكني بحماية عناصر «جهاز الأمن الرئاسي»، الذين بقوا موالين له، وأقام حراسه الأسلاك الشائكة والحواجز حول مقر إقامته، ليتحول إلى ما وصفه معارضوه بأنه «قلعة حصينة».

ونجح يون، الذي تعهّد «القتال حتى النهاية»، في إفشال محاولة أولى لتوقيفه في 3 يناير، بعد مواجهة استمرت ساعات مع الحراس والمحققين في قضايا الفساد، لكن قبيل فجر اليوم، أبرز المحققون مذكرة توقيف جديدة لحراس يون، واضطروا إلى المرور عبر حواجز أقيمت باستخدام حافلات وقطع الأسلاك الشائكة للدخول إلى المجمع.

وجرت مناوشات لمدة وجيزة عند بوابة مقر إقامته، حيث اعتصم أنصاره لحمايته، مع بدء تحرك السلطات لدخول المجمع. وسُمع أنصاره وهم يهتفون «مذكرة مخالفة للقانون»، بينما رفعوا الأعلام الكورية الجنوبية والأميركية، واستلقى بعضهم على الأرض خارج البوابة الرسمية للمجمع.

وحاصر مئات عناصر الشرطة والمحققين من «مكتب التحقيق في الفساد» مقر إقامته مجدداً، حيث صعد بعضهم فوق جدرانه، وساروا في طرق خلفية للوصول إلى المبنى الرئيسي. وبعد حوالي 5 ساعات، أعلنت السلطات أنه تم توقيف يون.

ونشر يون تسجيلا تم تصويره مسبقا، قال فيه: «قررت الاستجابة لمكتب التحقيق في الفساد»، مضيفا أنه لا يوافق على قانونية التحقيق، لكنه يمتثل «منعا لأي سفك مؤسف للدماء».

وبعيد ذلك، نُقل ضمن قافلة إلى مقر مكتب التحقيق في الفساد، وبدأ المحققون استجوابه، لكنهم أشاروا لاحقا إلى أنه مارس «حقه في لزوم الصمت».

وفي منشور لاحق على «فيسبوك»، قال يون إنه كتبه بينما كان مختبئا في مقر إقامته، كرر مزاعم تزوير الانتخابات، وتحدث عن بلدان «معادية» تهاجم بلاده، في إشارة إلى كوريا الشمالية.

وأحدث يون صدمة في البلاد ليل الثالث من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية، مشددا على أن عليه حماية كوريا الجنوبية «من تهديدات القوى الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المناهضة للدولة»، ونشر قوات في البرلمان، لكن النواب تحدوها وصوتوا ضد الأحكام العرفية، وألغى الأحكام العرفية بعد ست ساعات فقط.

وندد فريق يون القانوني مرارا بالمذكرة على اعتبارها غير قانونية، معتبرين خصوصاً أن اختصاص لجنة مكافحة الفساد يقتصر على التحقيق وليس الملاحقة القضائية، وأن تصرفاتها لها دوافع سياسية وتحقيقها يفتقر إلى الأسس القانونية المناسبة واعتمد على إجراءات غير سليمة.

ولدى كوريا الجنوبية تاريخ من ملاحقة الرؤساء السابقين بتهم الفساد وإساءة استخدام السلطة، مثل بارك غون هيه ولي ميونغ باك، وبينما يعتبر البعض هذا دليلا على التزام سيول بمحاسبة القادة، يرى آخرون أنه وسيلة للانتقام السياسي تُضعف الاستقرار السياسي.

واعتبر حزب سلطة الشعب، المحافظ الحاكم، الذي ينتمي الى يون أن توقيفه مخالف للقانون. وقال رئيس كتلة الحزب في البرلمان كيون سيونغ-دونغ، في اجتماع حزبي، إن «التاريخ سيسجل لا محال حقيقة أن مكتب التحقيق في الفساد والشرطة نفذا مذكرة غير منصفة ومخالفة للقانون».

من جانبه، رحب «الحزب الديموقراطي» (ليبرالي) المعارض بعملية الاعتقال التي اعتبر أحد كبار مسؤوليه أنها «الخطوة الأولى» باتجاه إعادة فرض النظام الدستوري والقانوني بعد أسابيع من الاضطرابات.

يمكن إبقاء يون قيد التوقيف مدة 48 ساعة بعد عملية اعتقاله، وسيحتاج المحققون إلى مذكرة توقيف أخرى لإبقائه في الحبس. وفي تحقيق مواز، بدأت المحكمة الدستورية أمس جلسات للنظر في قرار البرلمان عزل يون.

وفي حال ثبتت المحكمة العزل، فسيخسر يون الرئاسة، وستجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوما. وتم تأجيل المحاكمة الثلاثاء بعد جلسة استماع مقتضبة، نظرا لرفض يون الحضور، لكن الإجراءات قد تتواصل لأشهر.

back to top