مداخلات حول آلية إحالة الموظفين للتقاعد (1-2)
أثار مقال «آلية إحالة الموظفين للتقاعد» عند الإخوة والمتابعين الأفاضل العديد من الآراء والمداخلات القيمة، وقد كانت أكثر المداخلات نقداً ومناقشة للنقاط التي أثارها المقال قد وصلتني من الدكتور الفاضل ناصرالمصري، الذي لم يكتف بمناقشة المقال بشكل مسهب بل طرح العديد من المقترحات والتوصيات القيمة التي لا تسهم في مجال التقاعد فقط، بل تسهم في تطوير الإدارة الحكومية بشكل عام، ونظراً لأهمية مداخلة الدكتور ناصر سأنقلها كما أرسلها كاملة مع بعض التعديلات على جزأين نظراً لطول المداخلة والآراء والمقترحات والتوصيات القيمة التي اشتملت عليها المداخلة كي يتم الاستفادة منها على نطاق واسع.
وسأتناول في الجزء الأول من هذه المداخلة القيمة مناقشته ونقده للمقالة، أما في الجزء الثاني فسأستعرض فيه بعض الأفكار والتوصيات والحلول التي تناولها في مداخلته، حيث ذكر في مقدمتها أن المقال يناقش قضية حساسة ومهمة تتعلق بسياسات التقاعد في الكويت، ويطرح العديد من النقاط المهمة التي تستحق الدراسة والإمعان، وأشار إلى رأيه حول محتوى المقال حيث ذكر:
1. أهمية ضخ الدماء الشابة: لا شك أن تمكين الشباب وإحلالهم في الوظائف الحكومية هو توجه إيجابي، خاصة في ظل التطورات التقنية والتحول الرقمي لكن هذا التوجه يجب أن يتم بعناية لضمان استمرارية العمل الحكومي وعدم فقدان الخبرات المتراكمة التي تمتلكها الكفاءات الأكبر سنًا.
2. مخالفة قوانين الخدمة المدنية: يبدو أن تحديد سن التقاعد للمرأة عند 50 والرجل عند 55 يتعارض مع قانون الخدمة المدنية، الذي يحدد سن التقاعد بـ60 سنة مع إمكانية التمديد إلى 65 أو حتى 70 لبعض الفئات، وهذا يشير إلى أن القرار يحتاج إلى إعادة النظر ليكون متسقًا مع القوانين القائمة.
3. النقص في التخصصات الحساسة: الإشارة إلى نقص الكوادر الكويتية في مجالات حيوية (الطب، الهندسة، التعليم، وغيرها) تستدعي وقفة، فمن غير المنطقي إحالة الكفاءات المتخصصة للتقاعد دون وجود بدائل كويتية كافية لسد الفجوة، مما قد يزيد الاعتماد على العمالة الأجنبية.
4. الآثار الاجتماعية والاقتصادية: تقاعد المرأة عند 50 والرجل عند 55 في مجتمع يتمتع فيه الأفراد بمتوسط أعمار مرتفع نسبيًا قد يشكل عبئًا على النظام التقاعدي، فالمدد الطويلة للتقاعد ستزيد التكاليف على مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وتؤدي إلى تقليص الإنتاجية في المجتمع.
5. غياب الدراسات الكافية: يبدو أن المقال يطرح شكوكًا حول وجود دراسات شاملة لتوصيف الوظائف الحكومية وتأثيرات التقاعد المبكر، وهذا نقص جوهري قد يؤدي إلى قرارات غير مدروسة تؤثر سلبًا في الجهاز الحكومي والخدمات العامة.
6. إنهاء عقود المستشارين والمتخصصين: قرار عدم تجديد عقود من بلغوا 55 عاما يحتاج إلى إعادة تقييم، فإذا كانت هذه الفئة تضم خبراء ومستشارين نادرين، فإن الاستغناء عنهم قد يضر بالمشاريع الحيوية التي يعتمد عليها التطور التقني والاستراتيجي في البلاد.
7. التعامل مع الموظفين كأرقام: التحذير من التعامل مع الموظفين كأرقام فقط في ظل التحول الرقمي يُعد تنبيهًا مهمًا، ويجب أن تكون القرارات متوازنة، تراعي الاحتياجات البشرية والاجتماعية بجانب التوجهات التقنية.
توصيات د. ناصر المصري:
- إجراء دراسات شاملة قبل اتخاذ أي قرارات تخص التقاعد المبكر، تشمل الأثر الاقتصادي والاجتماعي والإنتاجي.
- مراجعة السياسات الحالية لضمان انسجامها مع القوانين القائمة.
- تطوير نظام متكامل لتوصيف الوظائف الحكومية لتحديد الاحتياجات الفعلية للكوادر البشرية.
- منح مرونة في تطبيق قرارات التقاعد بناءً على طبيعة الوظيفة ومدى الحاجة إلى الخبرات.
- تحسين التواصل مع المجتمع لضمان تفهم القرارات الحكومية وتقبلها.
ويرى الدكتور ناصر المصري بشكل عام، أن المقال قد سلط الضوء على نقاط محورية تحتاج إلى نقاش واسع وصياغة سياسات تأخذ في الاعتبار مصلحة الجميع... ودمتم سالمين.
يتبع، ، ،