بوصلة: دورة الخليج الاقتصادية

نشر في 13-01-2025
آخر تحديث 12-01-2025 | 19:26
 د. عبدالعزيز إبراهيم التركي

بدايةً لنتعرف على مفهوم الدورة الاقتصادية من وجهة نظر خبراء الاقتصاد الذين يرون أنها مجموعة من التغيرات التي تحدث دورياً في المؤشرات الاقتصادية للدول، كالبطالة والتضخم والناتج المحلي الإجمالي، وتعرف أيضاً على أنها تقلبات منتظمة في مستوى النشاط الاقتصادي تتعرض لها اقتصادات العالم وتختلف مدة كل دورة وفقاً لقدرة الاقتصاد على الخروج من مراحلها المختلفة والوصول لمرحلة الانتعاش أو الرخاء.

وهناك نوعان من الدورات الاقتصادية:

1- دورة كلاسيكية: تشير إلى الارتفاعات والانخفاضات في إجمالي الإنتاج.

2- دورة النمو: تهتم بالتقلبات في معدل نمو الإنتاج.

ويتفق معظم الاقتصاديين أن مدة الدورة الاقتصادية بداية من نقطة محددة ورجوعاً إليها قد يتراوح من 3 إلى 10 سنوات، وتتكون من أربع مراحل: الازدهار، الذروة، الركود، الكساد.

والجدير بالذكر هنا أنه في السابق كانت الدورة الاقتصادية محدودة ضمن إطار الدولة، وقد لا تتعدى آثارها أبعد من الدول المحيطة في الإقليم، في حين في عصر العولمة والرقمنة والتجارة العالمية أصبحت للعالم أجمع دورة اقتصادية سريعة، تعصف بكل الدول بعد الربط الإلكتروني بين أسواقها، وتوسع التبادل التجاري لسلعها وخدماتها، ولكن الأمر مختلف عندنا في الكويت التي لها دورة اقتصادية خاصة بها، بدأت بمرحلة الازدهار في أواخر الأربعينيات وعقد الخمسينيات، وبلغت مرحلة الذروة في الستينيات والسبعينيات، وتذبذبت بين الركود والكساد منذ عقد الثمانينيات إلى أواخر سنة الجائحة 2020، فتوقف اقتصادها عن الدوران والتنوع، والنبض والتحرك، حتى أصبح أحادي المصدر، ومختل الهيكل، إلى أن داهمها الموج الخليجي بألوانه الحمراء والزرقاء والخضراء، وأنعشها بربطها الجماهيري والرياضي والإعلامي والسياحي، كما أنعشها سابقاً بالربط الكهربائي والأمني والعسكري.

فدورة خليجي 26 التي استمرت عدة أيام! هزمت كل النظريات الاقتصادية في أنواعها ودوراتها ونموها ومراحلها، فهي ليست دورة كلاسيكية ولا دورة نمو بل دورة اقتصادية غير تقليدية لأنها قلبت الموازين في أيام قليلة بمرحلة واحدة تستحق أن تُطلق عليها «ذروة الازدهار»، حيث أشارت الإحصاءات (التي نادراً ما تتوافر عن عوائد السياحة) إلى بلوغ العائد المالي الإجمالي للبطولة، حوالي 61 مليون دينار كويتي، بعد أن تم استقطاب أكثر من 70 ألف زائر للكويت خلال فترة خليجي 26، وقدر عدد المستفيدين من فعاليات البطولة المختلفة بحوالي 4.2 ملايين شخص.

وقد تم نقل المباريات عبر 10 قنوات رياضية، وبلغ عدد المشاهدات التلفزيونية نحو 16 مليون مشاهدة، وعدد الجماهير التي حضرت المباريات نحو 400 ألف متفرج، بمعدل 26 ألف متفرج لكل مباراة، وقد مثل الكويتيون 50% منهم، ولم تنحصر فعاليات البطولة في الملاعب فقط بل تعدت إلى الساحات العامة والمولات والمجمعات التجارية والحدائق والفنادق والأسواق التراثية، فامتلأت عن بكرة أبيها، ونفدت منها البضائع والسلع، وأظهرت أصالة الضيافة الكويتية، وما تملكه من خبرات وقدرات تنظيمية، شارك فيها القطاعان العام والخاص بتناغم واحترافية.

ولكن يبقى التحدي في الاستمرار والمتابعة، والجد والمثابرة، والمحافظة على المكتسبات من منظمين وإداريين ومتطوعين ورياضيين، وتجهيز البنية التحتية الخدمية من فنادق ومنتجعات ووسائل نقل، وتحديث المنافذ البحرية والبرية والجوية، وتسهيل إجراءات دخول المسافرين، ودعم المبادرات السياحية والتراثية المبتكرة المعززة لجودة الحياة والاستدامة البيئية، والمستقطبة لأكبر عدد ممكن من السياح والمستثمرين والمهتمين بالفعاليات الدولية، حتى تستمر الآثار الطيبة والتبعات الجميلة والإيرادات المتنوعة التي أنتجتها دورة الخليج الاقتصادية.

back to top