ألف شكرٍ للكويت

نشر في 05-01-2025
آخر تحديث 04-01-2025 | 19:50
 أ. د. محمد حسان الطيان

نَهَوني عن هواكِ فما انتهيتُ

وضجَّ بي العذولُ فما انثنيتُ

وجئتُ يقودُني ظمَأٌ وشوقٌ

ولولا عشقُ أرضكِ ما أتيتُ

فإنْ أهلِكْ بداءِ الحبِّ حسبي

بأني قد عشقتُكِ يا كويتُ

*****

اغرورقتْ، واللهِ، عيني بالدموع وأنا أتابع خبر الوفد الكويتي الرسمي برئاسة وزير الخارجية الكويتي رئيس المجلس الوزاري لمجلس التعاون، عبدالله اليحيا، والأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، يزور سورية، ليؤكدَ تضامن الكويت ودول المجلس مع تحريرها وانتصار إرادة الشعب فيها، ويؤكد التزامَ المجلس بمواقفه الثابتة تُجاه ضرورة الحفاظ على وحدة سورية وسلامة أراضيها، واحترام استقلالها وسيادتها، مع رفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.

والحقُّ أنها زيارة أقرَّتِ العيون، وأثلجتِ الصدور، وحرَّكتِ القلوب، لأنها جاءت في اللحظة الحاسمة التي نتطلَّع فيها نحن - معشر السوريين - إلى من يدعم تحررنا، ويثبِّت انتصارنا، ويؤكّد تضامنه معنا.

إنها زيارة تطمئننا إلى أننا لسنا اليوم في حُلم، وأن الكابوس الذي استحوَذ علينا وجثم فوق صدورنا إحدى وستين سنةً قد زال عنّا، وآن لنا أن نفرحَ بعد طولِ حزن، ونتحرَّر بعد طولِ أسرٍ وقهْر، ونستردَّ عزَّتنا وكرامتنا بعد طول ذلٍّ وسلب.

ورأيتُني أسارع فأسجِّل للوزير اليحيا رسالة صوتية، على الواتساب، أشكره فيها وأشكر الكويت أميرًا وحكومةً وشعبًا وأهلًا.. على جميل صنيعهم وإحسانهم وتأييدهم ودعمهم،

فإذا به يتصل مشكورًا ليزيدَ سروري سرورًا، وفرحي غِبطةً وحُبورًا، واطمئناني ثقةً وثباتًا، اتَّصل مهنئًا ومؤكداً أن سورية ستعود أحسن مما كانت، وأن ما فيها من طاقاتٍ ورجال، كفيلٌ بالنهوض بها في أسرع الآجال.

ولا بُد من القول إن هذا التأييد والدعم الكويتي امتدَّ واشتدَّ، ورأيت صداه في كل ما عرفت من محافل الكويت ودواوينها ومؤسساتها ووزاراتها، بدءًا من كليتي التي أعمل أستاذًا بها، إذ دعانا - معشر السوريين في الكلية - رئيس الكلية، د. محمد المقاطع، مباركًا ومهنئًا وناصحًا ومرشدًا، وقد أبدى بالغَ سروره بهذا الحدث الجَلَل، وكذا لقينا من كل زميلٍ في الكلية، وعلى رأسهم رئيسة قسم اللغة العربية د. سهام الفريح.

ومرورًا بالدعوات التي تلقيتُها من هنا وهناك، وهي تضم نخبةَ المجتمع الكويتي من علماء ووزراء وخطباء وإعلاميين وشعراء وحكماء ووجهاء.

وانتهاءً بما نراه يوميًّا في وجوه إخواننا في الكويت من البِشْر والفرح والسرور والتهنئة والمباركة أنَّى اتجهْنا وحيثُ حللْنا.

وليس هذا بغريب عن الكويت وأهلها، وهي التي احتضنتْنا ورعَتْنا، ومدَّت يد العَون والدعم المادي والمعنوي لنا، منذ بدء ثورتنا المباركة في وجه الظلم والبغي والعدوان المتمثل بآل الأسد، والطُّغمة الحاكمة في البلد.

وما ذكرتُ هذا مرةً إلا تبدَّى لي ما قاله سيدنا أَبوبَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رضي الله تعالى عنه، وهو يشكر للأنصار جميلَ صنعهم مع إخوانهم المهاجرين:

«مَا وَجَدْتُ لَنَا وَلِهَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ مَثَلًا إِلَّا مَا قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ:جَزَى اللَّهُ خيرًا جِيرَةً حِينَ أَزْلَقَتْ

بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ

أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أمَّنَا

تُلَاقِي الَّذِي يَلْقَوْنَ فِينَا لَمَلَّتِ

هُمُو خَلَطُونَا بِالنُّفُوسِ وَأَلْجؤوا

إِلى حُجُرَاتٍ أَدَفَأَتْ وَأَظَلَّتِ

فشكرًا ثم شكرًا، بل ألفُ شكرٍ للكويت، أميرًا وحكومةً وشعبًا وأهلًا، شكرًا لوقفتها معنا، وشكرًا لما لقينا وما نلقى منها، وشكرًا لعطائها وعطاء أهلها، وشكرًا لأصالها وعروبتها، وشكرًا لإنسانيتها ومحبتها، ولا زالتْ موئلًا للخير والجود، ومنهلًا للإحسان والحب، وموطنًا للعزِّ والمجد.

* أستاذ في كلية القانون الكويتية العالمية

back to top