واشنطن تطالب دمشق بمنع عودة إيران... وفرنسا تقصف «داعش»
إيران تتوقع ظهور مقاومة جديدة ضد إسرائيل بسورية
• الشرع يلتقي قيادات الفصائل المدعومة من تركيا
وسط تقديرات واسعة بأن أكثر خطوة حاسمة في جهود السلطات الجديدة بدمشق لإعادة الإعمار لا يمكن اتخاذها إلا من الولايات المتحدة، التي يجب عليها رفع العقوبات التي قطعت سورية عن التجارة والاستثمار الدوليين، عقد وفد أميركي رسمي لقاء هو الثاني مع قائد الإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع، منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، تضمن بحث عدة ملفات مهمة في مقدمتها منع عودة إيران، ومواصلة قتال «داعش»، إضافة إلى المخاوف بشأن التقارير عن وقوع عمليات انتقامية خاصة ضد الأقليات.
وأفادت سفارة الولايات المتحدة في دمشق بأن المسؤولين الأميركيين أثاروا الحاجة إلى منع إيران من الظهور مرة أخرى في البلاد.
وقالت السفارة، في بيان، إن المسؤولين الأميركيين أكدوا خلال اللقاء مع السلطات المؤقتة بدمشق الحاجة إلى مواصلة القتال ضد «داعش»، إضافة إلى «تمثيل جميع السوريين بشكل كامل، وضمان عملية سياسية شاملة».
وأضافت أن المسؤولين أثاروا الحاجة كذلك إلى «حماية المواطنين الأميركيين، والتأكد من مصير المختفين».
في موازاة ذلك، ذكر موقع «أكسيوس» الإخباري، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن مبعوث وزارة الخارجية، دانييل روبنشتاين، الذي وصل، الأحد الماضي، إلى العاصمة السورية، أعرب لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد الشيباني، عن قلق واشنطن بشأن تقارير تحدثت عن هجمات «انتقامية وعنيفة» شنتها جماعات مسلحة ضد الأقليات وأعضاء النظام السابق خلال الأيام القليلة الماضية.
وتزامنت الدعوة الأميركية لقادة دمشق بشأن منع عودة نفوذ طهران، مع تصريح لافت لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، خلال اجتماع مع وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، قال فيه إن «مقاومة جديدة» ستظهر في سورية لمواجهة إسرائيل، مشدداً على أن المقاومة لم تضعف بعد سقوط الأسد.
دعم إقليمي
ومع توالي وصول الوفود الأجنبية والإقليمية إلى قصر الشعب للقاء الشرع، وبحث سبل دعم مرحلة انتقالية جامعة لإعادة الاستقرار لدمشق، شدد مجلس الوزراء السعودي على أهمية احترام سيادة سورية، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها.
وتلقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي أكد دعم المملكة للشعب السوري، وتأييده لسيادة سورية ووحدة أراضيها، وتطلعه لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
كما أجرى وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، اتصالاً بنظيره السوري، بحث خلاله تطوير علاقات التعاون بين البلدين في جميع الصعد.
جاء ذلك غداة زيارة وزير الخارجية الكويتي، عبدالله اليحيا، وأمين عام مجلس التعاون، جاسم البديوي، دمشق في أرفع خطوة مساندة خليجية تجاه الإدارة الجديدة.
وأمس، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستقدم «كل الدعم اللازم لتحقيق السلام الدائم والاستقرار والازدهار الاقتصادي في سورية خلال المرحلة المقبلة».
في موازاة ذلك، يتوقع أن يصل المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسون إلى سورية للقاء الشرع، ورئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير، بعد أن أجرى لقاءات مع مسؤولين فرنسيين وألمان وروس خلال اليومين الماضيين.
تعيينات وترتيبات
إلى ذلك، أكدت السلطات السورية الجديدة رسمياً تعيين القائد العسكري لـ«تحرير الشام»، مرهف أبوقصرة، الذي يعرف كذلك باسمه الحربي أبوحسن الحموي، وزيراً للدفاع في الحكومة الجديدة.
وفي خطوة تهدف إلى ترتيب المشهد العسكري ضمن الجهود الرامية لحل كل الفصائل المسلحة وتوحيدها في جيش نظامي، التقى قائد إدارة العمليات العسكرية زعيم «تحرير الشام» أحمد الشرع مع قيادات «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا بحضور أبوقصرة. ويُعتبر «الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة، ثاني أكبر فصيل معارض مسلح بعد «تحرير الشام».
على الصعيد السياسي، تعالت دعوات تطالب بحل «حزب البعث العربي الاشتراكي» ومحاسبة مسؤوليه، وسط اتهامات متراكمة بارتكاب جرائم طوال عقود من حكم البلاد، فيما اشتكى رئيس الائتلاف المعارض هادي البحرة من أنه لم يتلق حتى الآن دعوة للمشاركة في «الحوار الوطني» المزمع عقده بعد نحو أسبوع.
ومع توارد الأنباء حول التحضير للمؤتمر الذي يتوقع أن تتم دعوة 1200 شخصية سورية من الداخل والخارج لحضوره، وسط تكهنات بغياب الهيئات التي مثلت المعارضة في الخارج، أفادت تقديرات بأن من أبرز الشخصيات التي سيتم توجيه الدعوة لها، نائب رئيس الجمهورية وزير الخارجية الأسبق بالنظام فاروق الشرع، ورياض حجاب الذي شغل منصب المنسق العام للمفاوضات التابعة للمعارضة، والإسلامي المعتدل معاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف المعارض ورئيس المجلس الوطني المعارض جورج صبرا، ورئيس ائتلاف قوى الثورة أحمد الجربا، والأكاديمي البارز برهان غليون، والناشط القانوني والحقوقي هيثم المالح، ورئيس الائتلاف المعارض هادي البحرة، بالإضافة إلى شخصيات عسكرية في مقدمتها الشرع، والضابط المنشق عن النظام أسعد الزعبي، ومؤسس الجيش الحر رياض الأسعد.
حملة وتسوية
في غضون ذلك، كثفت القوات الأمنية بالإدارة الجديدة حملتها لإخضاع جيوب النظام خصوصاً في دمشق وحمص ومحافظات الساحل، بينما شهدت مراكز التسوية لعناصر النظام البائد إقبالاً ملحوظاً في عدة مناطق من بينها مصياف.
ودارت اشتباكات محدودة في حي المزة بمحيط العاصمة، فيما أفاد المرصد المعارض بأن حملة مداهمة قامت بها «تحرير الشام» في بلدة رأس المعرة بمنطقة القلمون الغربي بريف دمشق أسفرت عن مقتل مختارها، واعتقال 30 شخصاً.
وأصدرت مجموعة تطلق على نفسها «المقاومة السورية في الساحل» تضم أفراداً من دمشق والساحل ومدن أخرى بياناً يطالب الشرع بـ«وقف الانتهاكات»، تفادياً لوقوع حمام دم يصل إلى قلب العاصمة.
وعلى صعيد قريب، وقعت مناوشات جديدة بين قوات سورية الديموقراطية الكردية التي تعتمد عليها القوات الأميركية المنتشرة بسورية في محاربة «داعش»، وعناصر الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا بمنطقة شاش البوبنا قرب منبج بشمال سورية أمس، لكن واشنطن أكدت تماسك الهدنة بين الطرفين.
ضربة فرنسية
في هذه الأثناء، أعلن وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، أن بلده نفَّذ ضربات صاروخية في سورية استهدفت ما وصفها بمواقع لتنظيم «داعش»، أعلنت الأمم المتحدة، أن المبعوث الخاص غير بيدرسون، يعتزم زيارة سورية مرة أخرى قريبا.
ويأتي الهجوم الفرنسي في أعقاب ضربة عسكرية مماثلة نفَّذتها الولايات المتحدة في سورية، والتي قالت واشنطن إنها قتلت اثنين من عناصر التنظيم المتشدد.