الكل مفلس
التيارت السياسية العربية على مختلف مشاربها ومقاصدها، سواء كانت أحزاباً جماهيرية أو تنظيمات عسكرية سرية... جميعها معنية إما بمعارضة السلطة السياسية التي تحكمها، أو بإسقاطها كلياً عبر الانقلابات العسكرية التي سميت خطأ «ثورات»، أو من خلال عصيان شعبي تقوده طوائف ومجموعات عرقية أو دينية ليس لها الانتماء والعمق الوطني الذي تتدثر به.
منذ انقلاب الشيشكلي في سورية... إلى إقصاء الأسد في سورية أيضاً... ذات الأهداف وذات التوجهات ونفس الأشخاص والرموز.
الهدف والنتيجة هما إقصاء سلطة سياسية وإحلال سلطة بديلة بينما يبقى الواقع الاجتماعي كما هو دون تغيير ودون مساس.
التخلف والعداء للجديد والتمسك بما يسمى تقاليد وموروثاً كما هو منذ ما يسمى ثورة 23 يوليو وحتى صنوها البعثي في العراق... كل ما يحدث هو تغيير القادة والرموز... وفي الغالب إقصاء متفرد أو دكتاتور وإحلال متفرد أو دكتاتور آخر بديلاً له.
التعامل مع الجانب السياسي مع الأسف ينسحب بقوة وبانضباط على الجانب التنموي أيضاً ويسير متوازياً معه، فالمجاميع السياسية عندنا لا تطرح شيئاً إيجابياً أو تنموياً، بل كل برامجها وسياساتها وخطبها هي حول سلبيات أو أخطاء الإدارات بينما ينعدم الجانب الإيجابي أو التنموي في طروحات ومساعي هذه المجاميع.
عندنا الكل يسعى إلى الإصلاح... والإصلاح وحسب. ولكن كل الذين ينادون ويضجون بالإصلاح لم يطرحوا ولن يطرحوا البديل... هم يريدون إصلاح التعليم... هكذا دون أن يبينوا كيف... ويريدون إصلاح الاقتصاد وتحقيق التنمية وبناء المجتمع إلى آخر الشعارات الرنانة... ولكن دون برامج حقيقية أو خطط مرسومة أو حتى فلسفة واضحة.
بل المؤسف أنه عندنا في الكويت عندما سبقت الحكومة معارضيها وما يسمى بالقوى السياسية الناشطة التي كانت تدندن وتطنطن بتنويع مصادر الدخل وإيجاد مصادر بديلة عن دخل النفط، عندما سبقت الحكومة هنا هذه التيارات وطرحت مشروع «الداوكيمكال» العملاق... عارضه بشدة وعنف أغلب دعاة الإصلاح والتنمية وتنويع الدخل، عارضوا المشروع، بينما اكتفى البعض الآخر بالوقوف موقف المتفرج تاركاً الحكومة وحدها تحت رحمة زعيق وضجيج المعارضة.
حتى مشروع تطوير الجزر الذي طرحته السلطة أو أحد اقطابها بالتحديد - المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد- لا يزال في الأدراج المقفلة وبرسم المعارضة أيضاً بحجة التقاليد والأعراف.
لقد دمر المتمسكون بكراسيهم والمغرمون بالحكم الفردي كثيراً من البلدان والأنظمة في المنطقة... لكن من دمرها بقوة أكثر هي التنظيمات أو «الثورات» العربية، ولعل ما يسمى ربيعها العربي ونتائجه خير دليل على ذلك.