حسنُ المنقَلَب بعد طول المرتَقَب

نشر في 31-12-2024
آخر تحديث 30-12-2024 | 20:20
 أ. د. محمد حسان الطيان

﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾

الحمد لله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده...

الحمد لله الذي أذاقنا حلاوةَ النصر، بعد أن تجرَّعْنا مرارةَ القهر...

الحمد لله الذي نجَّانا من آل الأسد، بعد أن سامونا سوء العذاب، فذبحوا أبناءنا، واستباحوا نساءنا، وفتكوا بنا، ودنَّسوا أرضنا، ودمروا ديارنا، وشردوا أسرنا، وعذبوا معتقلينا، وفعلوا ما لم يفعله فرعونُ وهامانُ وجنودهما، بل ما لم يفعلْه أعتى عتاة المجرمين والطاغين عبر التاريخ.

وقد أرانا الله فيهم عذابَه الأدنى..

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

ولا ريبَ عندنا ولا شكَّ في أن لهم من وراء ذاك عذاباً أكبر، جزاءً وفاقاً على سوء صنعهم وإجرامهم، لعنهم الله لعناً كبيراً، ولعن كلَّ من أيَّـدهم ونصرهم وكان ذيلاً لهم.

الحمدُ للهِ على ما أنعما

حمداً يُوافي الأرضَ حقًّا والسما

سبحان من طهَّر البلدان من رجسهم

فكما تنفي العين قذاها..

وكما ترمي النفس أذاها..

وكما تنفي النار لظاها..

وكما تنفي المدينة شرارها..

نفت الشام عنه ضُرَّها وبلواها

وأخرجت منها أطغاها وأشقاها

مَنْ كان يحسب أن الشامَ تلفظهمْ

وأن طيفهمُ في الشام مفقودُ؟

يومَ الثامن من كانونْ...

يا أجملَ يومٍ في الكونْ..

يا يوم الفرح المكنونْ

والله لأَنتَ أحبُّ إليَّ من يومِ مولدي..

وأحبُّ إليَّ من يوم نجاحي وتخرُّجي

وأحبُّ إليَّ من يوم زواجي وزَفَّتي

بل أنتَ أحبُّ إليَّ من كلِّ أيام فرحتي

كيف لا؟ وفيكَ نلتُ حريَّتي..

وعادت إليَّ عزَّتي وكرامتي..

وذهب عنّي خوفي وفزعي وجزعي؟

وزال عني كَرْبي وألمي ووجعي

لم يزُلْ عنّي فحسبْ

بل زال عن شعبٍ لاقى الألاقي

ونزل به ألوان السحق والمحق والسجن وسفك الدماء وهتك الأعراض...

وعانى ما لم يعانِهِ شعبٌ في الأرض

وصبر وجاهد وجالد وعاندَ..

برغم الجراح والقهر..

والقتل والتعذيب..

والتهجير والتشريد..

والتدمير والتعذيب

فأذاقه الله حلاوة العزّ بعد مرارة الذلّ.

وأكرمه بحسنِ المنقَلَب بعد طولِ المرتَقَب!

وَحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقَى عَوَاقِبُهُ

جَاءَتْ بَشَاشتُهُ مِنْ سُوْءِ مُنْقَلَبِ

نسأل الله سبحانه أن يتمَّ نصرَنا، وأن يهيئ لنا من أمرنا رَشَداً، وأن يردَّ عنا وعن بلادنا كلَّ من تسوِّل له نفسه السوءَ والشرَّ والأذى.

اللهم مكِّن لنا في أرضنا تمكينا، ولا تجعل لهؤلاء الطغاة والعُداة والمجوس إلينا سبيلا...

لا يصلُحُ الناسُ فوضى لا سَراة لهمْ

ولا سَراةَ إذا جهَّالهمْ سادُوا

تُهْدَى الأمورُ بأهلِ الرأْيِ ما صلُحتْ

وإنْ توَلَّتْ فبالأشرارِ تَنْقادُ

* أديب وأكاديمي سوري مقيم بالكويت

back to top