حوار مع الشيطان

***
• لماذا - أيها اللعين - تقتحم حياة الفقير لله بوساوسك الخناسة، وتنفثها بصدري؟!
- لكي أؤكد مصداقيتي.
• وما هي مصداقيتك، لعنك الله؟!
- لأغوينهم أجمعين، ألست واحداً من الأجمعين؟!
• لكن الله - سبحانه - أخبرك بعدم قدرتك على إغواء عباده المؤمنين.
- وهل أنت من المؤمنين؟!
• مَنْ أخطأ ثم تاب فهو مؤمن.
- وهل قَبِلَ منك ربك توبتك؟!
• إنه التواب، الغفور، الرحيم، العفو.
- هذا ما تُمنِّي به نفسك، لكن ملفك الذي أعرفه عند ربك حافل بكل ما يجعلك من غير المؤمنين.
• إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إلا أن يُشرَك به، وأنا موحِّد بالله الفرد الصمد، الذي ليس كمثله شيء، لا إله إلا هو.
- أين كان هذا الذي تقوله الآن في مراهقتك، وأفكارك أثناء شبابك، واضطرابك الإيماني عند كهولتك؟!... وسنأتي إلى شيخوختك.
• الإنسان يمر بأطوار مختلفة في كل مراحل حياته، لكن لم يحدث أبداً أن ابتعدت يوماً عن الإيمان بالله - جل وتبارك.
- وكيف كنت تعبِّر عن ذلك الإيمان؟!
• كنت مجتهداً بتطبيق كل واجباتي في المجتمع.
- واجباتك في المجتمع!
• نعم.
- أيعني ذلك أنك لم تكُن تكذب؟!
• لا أُنكر أنني اضطررت للكذب في بعض الأحيان.
- ارتباطاتك الزوجية... ألم تخالف ما أوصاك ربك به؟!
• الذي سوَّى النفس، ألهمها الفجور والتقوى، وهناك مَنْ يُفلح، وهناك مَنْ يفجُر.
- أجب عن السؤال.
• البشر خطَّاؤون، والله يغفر.
- هل تريد أن أسترسل بذكر ما ينفي عنك صفة المؤمن؟!
• الأخطاء والمعاصي لا تحرمني من رحمة الله إذا تبتُ توبة نصوحاً.
- هذا هو كلام ما بعد سن الثمانين، بعد أن جف معينك.
• لعنك الله، إذاً لماذا لم تزل تلاحقني لتوسوس بأفكارك التي تُزينها لي، وأنا أريد أن أواجه ربي بوجه أبيض؟!
- لأُفسد عليك توبتك.
• وما هدفك؟!
- لكي أؤكد أنكم لا تستحقون أن أسجد لكم، كما سجد لكم غيري.
• ألهذا عصيت ربك؟!
- بل لأُظهر أنكم مجرَّد طين.
• لكن الله - سبحانه - لعنك، وكرَّم الإنسان.
- فلماذا إذاً جهنم تنادي {هل من مزيد}؟
• لاشك أنها ستنادي على أتباعك.
- أولا تظن أنك واحد منهم؟!
* ما دمت مؤمناً بالقاضي الذي حذَّرني منك، ومن شرِّك، ومن وسواسك، عليك لعناته بعدد مخلوقاته، فإني تارك أمري له، وهو خير الحاكمين.