للحرية ثمن
الكل شاهد قبل أيام انتصار الشعب السوري الذي تنفس طعم الحرية بعد زوال حكم الطغاة الذي جثم على صدورهم 53 عاما، وكلنا شاهدنا المعتقلين الذين خرجوا من سجون الأسد، وتحدثوا عما حصل لهم من تعذيب يشيب له الولدان، فكل من شاهد وجوههم وهم يتحدثون عن معاناتهم يظن أنهم خرجوا من تحت الرماد، فبدت آثار التعذيب والخوف والتعب وفقدان الذاكرة والتوهان وعدم الإدراك عليهم بسبب تنكيل عصابات حزب البعث بهم وبالشعب السوري المتشبث بأرضه، واستخدم الطغاة معهم أقذر أساليب العنف حتى يستمر حكمهم الجبري هم ورئيسهم المخلوع، حتى لو كان ثمن استمرار هذا الحكم موت ملايين السوريين.
والكل يعلم أن حب المسلمين قاطبة لبلاد الشام ليس وليد اللحظة، بل هو مغروس فينا كمسلمين، لأنها أرض المحشر والمنشر، وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِلشَّامِ، فَقُلْنَا: لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا»، فهي من أفضل بلاد الله تعالى كما ورد في أحاديث كثيرة، ويكفيها شرفاً أنها تضم المسجد الأقصى الذي ذكره الله تعالى في محكم كتابه وعرج منه برسوله، صلى الله عليه وسلم إليه، إلى السماء، وكان قبلة المسلمين الأولى، وثالث المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها.
وفي هذه الأيام تهنئ الشعوب العربية والإسلامية بعضها بهذه المناسبة، وتشارك إخوانها السوريين أفراحهم بهذا النصر الذي كسر القيود التي كُبل بها الشعب السوري، ولعل فرحنا معهم كشعوب عربية وإسلامية لا ينسينا قضيتنا الأولى القدس الشريف بأن ندعو الله تعالى العلي القدير أن نفرح بانتصار إخوتنا الفلسطينيين في غزه قريباً، واندحار المغتصبين المحتلين الصهاينة، وتتحرر فلسطين والقدس الشريف من أيدي الصهاينة كما وعدنا الرحمن جلّ جلاله بذلك.
ونحن كشعب كويتي نشعر بطعم الفرح العارم الذي يجتاح ميادين المدن السورية بعد أن أشرقت عليهم شمس الحرية، وشعورنا معهم يأتي بسبب ما حصل لنا من الغزو العراقي الغاشم الذي تعرض له بلدنا الحبيب، حيث اغتصب وحوصر شعبه وقُتل منه من قُتل وسُجن من سجن وهُجّر من هجر، لذلك تجدنا دائما وأبداً نقف في صف كل الشعوب المحتلة أوطانها أو الذين يعيشون تحت وطأة حكم جبري يفرض عليهم بالنار والحديد.