احتفالية ذكرى «العصيمي للمحاماة» تستحضر مناقب المؤسسين
رفقاء الراحلين الجوعان والعصيمي: أفنيا حياتهما في خدمة الكويت بكل المجالات
استذكر رفقاء درب مؤسسي شركة مشاري العصيمي للمحاماة «حمد الجوعان ومشاري العصيمي» مسيرتهم العطرة وما قدماه خلال حياتهما من إنجازات على الصعيدين العملي والشخصي، مبينين أن الراحلين كانا قامتين وطنيتين أفنيا حياتهما في خدمة وطنهما في مختلف المجالات العملية والبرلمانية.
جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية بعنوان «عبر الزمن... إرث الراحلين حمد الجوعان ومشاري العصيمي» ضمن احتفالية شركة مشاري العصيمي للمحاماة بمرور أربعين عاما على تأسيسها كإحدى أبرز الشركات القانونية في الكويت، والتي شارك فيهما نخبة من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة، والإعلام، والقانون بالكويت وهم نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق وزير العدل الأسبق مشاري العنجري، ورئيس مجلس العلاقات العربية والدولية محمد جاسم الصقر، ورئيس تحرير جريدة القبس وليد النصف، وذلك مساء أمس الاول في قاعة البدع بفندق الفورسيزونز.
الجوعان رفض التسويات والتنازل عن دينار واحد للشركات في «أزمة السوق»
قانون التأمينات الاجتماعية
وفي هذه المناسبة، ذكر نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق وزير العدل الأسبق مشاري العنجري أن حمد الجوعان ومشاري العصيمي كانوا اخوة أعزاء منذ عشرات السنين، مبينا أن الجوعان كلف عندما عمل في ديوان الموظفين بإعداد قانون التأمينات الاجتماعية، وعرض عليه أن يكون الأمين العام لمجلس الأمة في 1975، فذهب الى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ليكون بهذا المنصب، ولكن الأمير الراحل اعترض على هذا التعيين، وكلفه بإعداد قانون التأمينات الاجتماعية المقدم من المجلس الأعلى للتخطيط، وقد تفرغ الجوعان حينها لمدة 6 أشهر لإعداد هذا القانون، الذي لاتزال لمساته موجودة، وبعد ذلك عُين مديرا عاما للتأمينات الاجتماعية، واستمر إلى 1981، واستطاع خلالها وضع بصماته ورؤيته في المؤسسة، مؤكدا أن الجوعان كان نادراً حتى في فترة التجديد له، وقدم مذكرة من 16 صفحة كتب فيها خطته للمرحلة المقبلة.
وأضاف العنجري أن الجوعان رفض في أحد المواقف رأي الحكومة في عدم موافقتها على مقترح بضم خدمة غير الكويتي بعد تجنيسه، حيث كان مقترحا إنسانيا، موضحا أنه حرم على نفسه ونوابه خلال ترؤسه للتأمينات الاجتماعية أن يكونوا مرشحين في أي شركة تمثلها الهيئة.
ولفت إلى أن الجوعان رفض التسويات والتنازل عن دينار واحد للشركات في أزمة السوق، وحاولت الحكومة في ذلك الوقت لكنه اعتذر، مما يعبر عن حسه القانوني وموقفه الصلب وعدالة القضية. وهنأ العنجري بمرور 40 عاماً على إنشاء مكتب مشاري العصيمي، وعلى استمرار هذا الصرح الكبير، الذي قام به السلف ثم استكمله الخلف، بقيادة المستشار عادل بطرس والمحامي حسين الغريب، لافتا إلى أنها فرصة للتحدث عن بعض المحطات ومناقب الجوعان لمعاصرته في المجال الحكومي والمجلس، وقبل ذلك كـصديق.
العنجري: رفض رأي الحكومة في عدم موافقتها على مقترح ضم خدمة غير الكويتي بعد تجنيسه
كفاءات واجبة الدعم
من جانبه، قال الصقر إن مؤسسي شركة مشاري العصيمي للمحاماة كانوا من الكفاءات وكان من الواجب دعمهم منذ تأسيسها عام 1984 ونعرفهم بأنهم من الكفاءات، مبيناً أن تسميته كأول «زبون» للمكتب جاءت عندما كان يرأس تحرير جريدة «القبس» ووحينها قام بعمل توكيل للمكتب للترافع عن قضايا الصحيفة.
واستذكر الصقر قضية «النكتة» التي نشرت عام 1998 في صفحة التسالي في رمضان، حيث قام رسام كاريكاتير مبتدئ برسم آدم وحواء، وهو ما اعتبره النائب السابق وليد الطبطبائي مساساً بالذات الإلهية وقام برفع دعوى وحكم علينا بالسجن 6 أشهر، وفضل عدم الهروب وتسليم نفسه بعد استشارة القانونيين، مؤكدا أن رئيس التحرير لا يستطيع قراءة أكثر من 10 الى 15 في المئة مما ينشر في الصحيفة، «وبالتالي قررت تسليم نفسي، وطلبت تطبيق القانون على الذين لم يطبق عليهم ممن صدر بحقهم ضبط وإحضار».
وبين أن الراحل مشاري العصيمي قام بالاتصال بمدير تتفيذ الاحكام، ودعاه ألا يسلم نفسه بل طلب إعادة القضية للمرافعة، وبعد 4 أيام صدر حكم بوقف نفاذ الحبس، موضحاً انه بعد هذا الامر، وعند موضوع النائب السابق مسلم البراك وقصة المساس بالذات الاميرية والمساس بالذات الالهية «فإن كل من ادينوا لن يسمح لهم بالترشح للانتخابات، وسألت كذلك قانونيين أكدوا ان القضية سقطت بالتقادم، حيث ان العصيمي كان له دور في وقف نفاذ الحكم».
كنت في «القبس» أول زبون للمكتب... وبجهودهما تمت تبرئتي من تهمة عقوبتها الإعدام
إفشاء أسرار عسكرية
وحول قضية إفشاء الأسرار العسكرية، قال الصقر إنه كان هناك محرر في «القبس» اسمه خضير العنزي، أصبح نائبا فيما بعد، «قدم لنا تقريرا عن التنظيمات والتشكيلات الجديدة في الجيش الكويتي وقمنا بنشره، وبعد 3 ايام قامت وزارة الدفاع برفع قضية بتهمة افشاء اسرار عسكرية وخدمة العدو، ويقصدون به نظام صدام حسين، وتم تحويلي إلى محكمة امن الدولة وحضر معي مشاري العصيمي وعماد السيف وتم تحويلنا من ادارة التحقيقات بحولي في قصر العدل، وفيما بعد أحضر لي مدير نظم المعلومات في (القبس) حمزة عليان مجلة حماة الوطن حيث تبين أن المجلة نشرت جميع التشكيلات الجديدة للجيش الكويتي بنفس ما قمنا بنشره، ورأساً قمت بالاتصال بعماد السيف ومشاري العصيمي وتقديم المجلة كإثبات براءة وتم الحكم لي بالبراءة، وإلا كانت عقوبة التهمة المنسوبة إليّ الإعدام».
محمد الصقر: الجوعان كان متسامحاً حتى مع من حاول اغتياله وطلب من وزير الداخلية سحب القضية
مقالات ثقيلة
وتطرق رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية إلى القضية التي رفعت بسبب مقالات الكاتب عبداللطيف الدعيج، حيث قام بنشر 3 مقالات بعنوان «فخامة وزير الإعلام»، وكان يتهم من خلالها وزير الإعلام السابق بدر اليعقوب بأنه يثير قلاقل ويمس بالاقتصاد والبورصة، من خلال تخويف الناس بأن صدام موجود وسوف يأتي وكانت المقالات ثقيلة، فرفع اليعقوب قضية بعد تركه للوزارة، واتجهنا الى مكتب المحامي حمد الجوعان ومشاري العصيمي بوجود عادل بطرس وشفيق إمام، وأبلغنا عبداللطيف الدعيج ماذا يقول أمام النيابة. وبعد الانتهاء من التحقيق معي، وجه وكيل النيابة كلامه للدعيج قائلا له إن بدر اليعقوب يتهمه بالإساءة له في مقالاته، فقال الدعيج أنا لا أقصد الوزير بدر اليعقوب (هذا كلام قبل 30 سنة وبالتقادم لا أحد يستطيع يكلمنا) أنا أقصد الشيخ سعد العبدالله، فرد علينا وكيل النيابة بأن نعيد أقواله وألا يروح إلى السجن، وبعدها بأسبوع ذهبنا للنيابة.
كان للجوعان فكر لكنه لم يكن يملك المال فاقترحت أن يكون بيت والدتي مقره الانتخابي
محاولة اغتيال الجوعان
وأشار الصقر إلى أن المرحوم حمد الجوعان كان متسامحا حتى مع من حاول اغتياله، حيث أطلق عليه النار في 28 فبراير 1991 المغرب، وكانت أوصاف الذي أطلق النار يلبس شماغا أحمر ومتلثما وملتحيا، وقال له كلمة «ما تبي تموت»، وفي هذا الوقت كنت خارج الكويت ووصلت في تاريخ 5/3/1991 فجرا، وذهبت للجوعان الظهر، وكنت أزوره يوميا، وبعدها بأسبوع تم نقله بطائرة عسكرية إلى مستشفى ولتن ريد في ولاية فرجينيا، وتوجهت له في مايو وجلست معه 3 أيام، وطلب وهو في أميركا كتابة مقال نشر في القبس بتاريخ 17/6/1991 بعنوان «سأعود إلى بلدي»، وطلب من وزير الداخلية وقتها الشيخ أحمد الحمود أنه يعتبر هذا المقال بمنزلة بلاغ، ويطلب سحب القضية وسامح من حاول اغتياله.
وأكد الصقر أن الجوعان كان رافضا لخوض الانتخابات بعد عودته إلى الكويت، مشددا على أن أقرب شخص لحمد الجوعان هو مشاري العنجري.
النصف: كان قليل الكلام وكثير التشريع وكان نائباً حقيقياً حريصاً على المال العام
كتلة برلمانية
وأكد أن أكثر احتكاك مع المرحوم مشاري العصيمي كان في مجلس 1999، وشكلنا مع بعض أكبر كتلة في تاريخ مجلس الأمة، وقبلها عاصرته كمحام، حيث كان إنسانا قنوعا وجريئا، ولم يكن أقل من حمد الجوعان في الجرأة والصدق والوفاء في التعامل، وكان نصوحا ولديه نظرة ثاقبة، مستذكرا انتخابات نائب الرئيس عام 1999 بين مشاري العنجري وطلال العيار، وقال لي مشاري العصيمي إنه يشك في أحد النواب بعدم التصويت لمشاري العنجري، ووقفت على رأسه للتأكد من تصويته وفاز العنجري بفارق صوت واحد.
العناد والنبل
بدوره، قال رئيس تحرير جريدة «القبس» الزميل وليد النصف إن حمد الجوعان كان عنيداً، ويمتلك من الصفات النبيلة الشيء الكثير، مؤكدا أنه يعتبر مدرسة لرفاقه في الكثير من المجالات، مستذكرا إعلانه فكرة ترشحه لانتخابات مجلس الأمة، فقد جاء الراحل إلينا نحن الثلاثة، وأعلن نيته الترشح للانتخابات، طالباً الجلوس مع جماعة غرفة التجارة، وذهبنا به بالفعل إلى العم عبدالعزيز الصقر، وكان مبهراً كالعادة في كلامه.
وتابع النصف: كان الجوعان لديه فكر، لكن ليس لديه مال، فاقترحت أن يكون مقره الانتخابي في بيت والدتي، حيث كانت قد اشترت المنزل قبل أسبوعين آنذاك، إلا انه واجهته مشكلة خلال ترشحه هي أنه لا يريد زيارة الدواوين وفي النهاية نجح في الانتخابات.
وواصل النصف ذكرياته: عندما نجح الجوعان فوجئنا أنه أصبح قليل الكلام وكثير التشريع، ولم نتوقع أن أول ما يقوم به تقديم استجواب إلى سليمان الدعيج، فقد كان شرسا وحريصا على المال العام، وقدم قوانين كثيرة، وكان نائبا حقيقيا ومثاليا وعنيدا.
رمزان للاستدامة القانونية
سلطت الاحتفالية الضوء على الإرث المهني الثري لكل من حمد الجوعان ومشاري العصيمي، وجهودهما الرائدة التي أسهمت بشكل كبير في تشكيل المشهد القانوني الكويتي، باعتبارهما رمزين للاستدامة القانونية، حيث تركا بصمة واضحة في تطوير الإطار القانوني للدولة من خلال تفانيهما المستمر في خدمة المصلحة العامة، وحماية الأصول المالية.
يذكر أن الشركة تتميز بخبرتها الواسعة في تقديم الخدمات القانونية الشاملة، بما في ذلك الاستشارات القانونية، وإعداد العقود ومراجعتها، وإدارة المنازعات، كما تمتلك شراكات استراتيجية مع جهات محلية ودولية، مما يتيح لها تقديم دعم قانوني متميز داخل الكويت وخارجها.
ويضم فريق عمل الشركة كوكبة من أبرز المحامين والمستشارين المؤهلين من جامعات مرموقة عالمياً، مما يضمن تقديم حلول قانونية متكاملة تلبي احتياجات عملائها بمختلف تخصصاتهم.
الإرث العظيم وقطف الثمار
قال الشريك والمدير التنفيذي لـ «مشاري العصيمي للمحاماة» حسن الموسوي «لقد شهدت مجتمعاتنا العديد من التحولات القانونية التي كان يجب علينا متابعتها عن كثب ومواكبتها، ونحن ملتزمون بتقديم الاستشارات القانونية المتخصصة التي تضمن حماية حقوق عملائنا في جميع المجالات. إن هذا الاحتفال شهادة على تفاني كل فرد من أفراد عائلة شركة مشاري العصيمي للمحاماة، وعلى شراكاتنا المستدامة مع جميع القطاعات. نواصل السير على نهج حمد الجوعان ومشاري العصيمي، اللذين كان لهما الفضل في تأسيس هذا الإرث العظيم الذي نقطف ثماره اليوم».
بطرس: 40 عاماً من الأخوة
أكد المستشار القانوني، عادل بطرس، أن حياته كانت مرتبطة بمكتب مشاري العصيمي للمحاماة، مؤكدا أنه يعمل في الكويت منذ حوالي 40 عاما، و«لم أجد من أهل الكويت سوى الاخوة والصداقة وطيب المعشر»، موضحا أنه كان يعمل في مجلس الدولة بجمهورية مصر العربية، وأصر حمد الجوعان ومشاري العصيمي على العمل معهما في المكتب.
فخر واعتزاز لقانونيي الكويت
تعليقاً على هذه المناسبة الاستثنائية، قال الشريك، رئيس مجلس إدارة شركة مشاري العصيمي للمحاماة، حسين الغريب: «إن احتفالنا اليوم بمرور أربعين عاما على تأسيس شركة مشاري العصيمي لحظة فخر واعتزاز، ليس للشركة فحسب، بل لمجتمعنا القانوني في الكويت، فمنذ عام 1984، قدمنا خدمات قانونية رائدة، حيث كان هدفنا دائما تقديم أفضل الحلول القانونية التي تتماشى مع تطورات السوقين المحلي والدولي».
واختتم الغريب الاحتفالية بتوجيه الشكر للحضور على مشاركتهم في الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس الشركة.
وأكد في كلمته التزام الشركة بالتمسك بنهج وقيم المؤسسين، مع مواصلة العمل على تمهيد الطريق للأجيال القادمة لتحقيق المزيد من الإنجازات.