سجناء النظام السوري... شهادات من قلب المأساة
على مدى الأيام الماضية تابعنا الأحداث المتسارعة في سورية لسقوط نظام الأسد بشكل مفاجئ، وما تبعه من تدخلات إسرائيلية استهدفت مراكز القوى العسكرية، وصولًا إلى احتلال الأراضي، فعاش العرب شعورًا متناقضًا بين الفرح بنصر المظلومين، والخوف على دولة عربية تعاني الدمار لمصلحة عدو مشترك.
في هذا السياق برزت قضية السجناء الذين تحملوا سنوات طويلة خلف القضبان بسبب التعبير عن آرائهم أو الوقوف في وجه الظلم فكانت قصصهم المؤلمة تعكس قسوة الإنسان على أخيه الإنسان، وتساؤلنا جميعًا: هل الهدف من السجن الإصلاح أم العقاب فقط؟
السجون ليست مجرد جدران وأقفال، بل هي أماكن تحمل في طياتها قصصًا إنسانية تكشف عن غياب العدالة، ففي السجون السورية تحدث الناجون عن أساليب التعذيب المنهجي من الضرب المبرح إلى الصعق بالكهرباء والحرمان من الحقوق الأساسية كالغذاء والرعاية الصحية، فضلا عن المعاناة النفسية بمشاهدة أحبائهم يموتون دون أي مساعدة.
هذه المشاهد ليست مجرد قصص فردية، بل هي انعكاس لاستخدام السجون كأداة لقمع الحريات، مع أن السجن في جوهره يجب أن يكون وسيلة للإصلاح والتهذيب، لا لتحويل الإنسان إلى كيان مدمَّر نفسيًا وجسديًا يواجه مخاطر كبيرة كالتعرض للعنف الجسدي والنفسي الذي يزيد معاناته، وعندما يخرج السجين يصبح إنسانًا مريضًا ناقمًا، وغير قادر على المساهمة في بناء المجتمع.
وفي ظل التغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها بعض الدول، أصبح من الضروري إعادة النظر في الأحكام الصادرة بحق السجناء السياسيين، وتجارب بعض الدول، مثل جنوب إفريقيا بعد سقوط نظام الفصل العنصري، أثبتت أن تخفيف الأحكام وإصدار العفو العام قد يسهم في تحقيق المصالحة الوطنية، وهذا التخفيف ليس ضعفًا، بل هو خطوة نحو بناء مجتمع متسامح قائم على العدل والاحترام المتبادل.
فالعدل وتطبيق القانون مع احترام حقوق الإنسان هما صمام الأمان لأي دولة تسعى إلى الاستقرار والتنمية، فالحرية والعدل والديموقراطية لا تهدد الأمن بل تعززهما.