دور اختصاصي المعلومات في مكتبات الجيل الجديد
عندما نتكلم اليوم عن مختصي المكتبات والمعلومات فنحن نتكلم عن المكتبات بكل أنواعها وأحجامها سواء المكتبات العامة، الوطنية، الأكاديمية، المتخصصة أو مراكز المعلومات في الشركات والمؤسسات، ولكن بحكم عملي في الجامعة الأميركية في الكويت طبعا تجربتي تميل للمكتبات الأكاديمية التي تعتبر جزءاً من المنظومة التعليمية وتؤدي دوراً في العملية التعليمية.
بما أن المكتبات أو المؤسسات المعلوماتية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتكنولوجيا، حيث إنها تعتمد في تشغيلها وخدماتها على وسائل التكنولوجيا مثلاً في جمع ومعالجة وتصنيف، وإتاحة المعلومات بكل أشكالها، سواء كانت على شكل كتب إلكترونية، أو بيانات، أو دراسات أو وسائط سمعية بصرية، فإن اختصاصي المعلومات يؤدي دوراً حيوياً ومتجدداً في ظل التطورات التقنية السريعة التي تم توظيفها في المكتبات.
استخدام المساحات السحابية لاستضافة نظام إدارة المكتبة أو المستودعات والمجموعات الرقمية دون الحاجة لنظام محلي للحفظ والتخزين، واستخدام الواقع الافتراضي أو المعزز لخلق تجربة تفاعلية وجولات افتراضية، واستخدام الوسم الجغرافي لإعطاء معلومات جغرافية، ورمز الاستجابة السريعة (QR Codes) هو عبارة عن باركود يتم قراءته بواسطة الهواتف الذكية ويحتوي على معلومات أو روابط.
الآن كيف يمكن لمؤسسات المعلومات الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟
يمكن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأعمال الروتينية لتوفير وقت وجهد الموظفين للأعمال الأكثر أهمية مما يرفع الإنتاجية ويسهم في تحسين الخدمات، حيث تساعد محركات البحث وأنظمة التوصية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في العثور على المعلومات والمصادر المطلوبة بشكل أكثر كفاءة، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات مثل إحصائيات الاستخدام والاستعارة وأنماط الاستخدام لإرشاد القرارات المتعلقة بإدارة مجموعات المكتبة واقتناء المصادر.
ويمكن الاستفادة من الدردشة الآلية المدعمة بالذكاء الاصطناعي (Chatbot) والمساعد الآلي (AI- Powered Assistant) للتعامل مع الاستفسارات الروتينية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتساعد أدوات الترجمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي غير الناطقين باللغة في الوصول إلى المعلومات، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الباحثين في تتبع وقياس تأثير عملهم، فقد أصبح من السهل تزييف وفبركة المحتوى باستخدام هذه الأدوات، بحيث بات من الضروري التحقق من أي محتوي قبل نشره أو مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي وقبل تبني أي رأي وفكره.
وقد أصدرت اليونيسكو في عام 2022 وثيقة «التوصيات الخاصة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي» حيث شددت على أن تحقيق المنافع من وسائل الذكاء الاصطناعي يتطلب عدم تجاهل الأضرار والعواقب السيئة، منها: التضليل الإعلامي، وخطابات الكراهية، والأضرار الناتجة عن استخدام البيانات الشخصية، وتركز الوثيقة على التطبيق العملي من خلال تقديم إرشادات محددة لوضع السياسات، كما أوصت الدول الأعضاء بالاستعانة بكل الجهات المعنية لتطبيق هذه التوصيات منها المؤسسات البحثية والأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني.
كذلك من الأمثلة على الوثائق التنظيمية «وثيقة مبادئ اخلاقيات الذكاء الاصطناعي» التي أصدرتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي في سبتمبر 2023، حيث تقدم ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺴﻠﻮك اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ واستخدام هذه التقنيات.
وتتمتع برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) بالقدرة على إحداث ثورة في العديد من الصناعات، بما في ذلك صناعة الموسيقى والصور وأشكال المحتوى الأخرى مما يؤثر في الابتكار والإبداع، وبالتالي تثير أسئلة متنوعة حول الملكية الفكرية، فلا يوجد حماية للملكية الفكرية ويمكن لأي شخص أن ينتج محتوى مبنيا على دراسات محددة، فيمكن أن نعطي أوامر للنظام بأن ينتج لنا قصة قصيرة مثلا عن الكويت بطلتها فتاة وأحداثها تدور في التسعينيات بأسلوب مؤلف معين، أو مثلاً قصيدة في حب الكويت تتضمن أنواع الزهور في الكويت بأسلوب الشاعر الراحل يعقوب السبيعي، فلمن تكون الملكية الفكرية؟ لمستخدم البرنامج؟ أم لصاحب التقنية؟ أم للشاعر الراحل يعقوب السبيعي؟
لذلك ظهرت مؤخراً أساليب معتمدة للاستشهاد المرجعي سواء من الـAPA أو MLA وغيرها لضمان المصداقية وتجنب السرقات الأدبية (plagiarism).