المعارضة السورية تدق باب دمشق
انسحاب دراماتيكي لجيش الأسد من درعا والسويداء... وحمص «أم المعارك»
• روسيا وإيران تغيّران لهجتهما وتدعوان إلى الانتقال لحل سياسي
• اجتماع عربي مع ثلاثي أستانة يبحث خريطة طريق لمستقبل سورية
بسرعة دراماتيكية تغيرت الوقائع الميدانية في سورية، وبغضون أيام قليلة، عادت خريطة السيطرة إلى ما كانت عليه قبل عقد من الزمن قبل التدخل الروسي والإيراني لمصلحة حكومة الرئيس بشار الأسد.
وبعد سيطرتها القياسية على حلب وإدلب وحماة، في هجومٍ انطلق من الشمال باتجاه الوسط، جاءت المفاجأة من الجنوب، حيث باتت فصائل المعارضة السورية تطوّق دمشق، في حين لا يزال الوضع الميداني في حمص محتدماً تمهيداً لمعركتها الفاصلة، في وقت سيطرت المعارضة كذلك على درعا مهد احتجاجات عام 2011، وخرجت محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية عن سيطرة دمشق بالكامل.
وبررت سلطات دمشق تراجعها الميداني، عبر بيان للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة جاء فيه أن القوات العاملة في درعا والسويداء، نفّذت إعادة انتشار وتموضع وإقامة طوق دفاعي وأمني قوي ومتماسك على ذلك الاتجاه، متحدثة عن «محاولة المعارضة إشغال الجيش الذي بدأ باستعادة زمام الأمور في محافظتي حمص وحماة».
على الجانب الآخر، وسّعت القوات الكردية السورية مناطق سيطرتها في دير الزور شرق سورية، حيث فر جنود سوريون بعضهم مصابون إلى داخل العراق.
وأفادت التقارير بأن «حزب الله» اللبناني أرسل نحو ألفي مقاتل إلى بلدة القصير المحاذية للحدود اللبنانية، والتي خاض فيها الحزب معركة وحشية ضد المعارضة في بداية تدخله بسورية، في إشارة إلى أن الحزب معني بالدفاع عما يعتبره بوابة القوات المعارضة إلى لبنان.
من ناحية أخرى، لم تقِل التطورات الدبلوماسية دراماتيكية عن الميدانية، فقد دعت روسيا وإيران، اللتان تجاهلتا أعواماً طويلة أي كلام سياسي حول الأزمة السورية، إلى مفاوضات سياسية بين الأسد و«المعارضة الشرعية»، وذلك خلال اجتماع لوزيري خارجية البلدين مع نظيرهما التركي في الدوحة.
وجاءت هذه الدعوة مع إرسال موسكو إشارات متكررة إلى أنها ليست بصدد التدخل بطريقة تقلب موازين القوى المستجدة، في حين يُظهِر الجيش السوري نقصاً في الحماسة للقتال.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من قطر إن موسكو ستعمل من أجل مفاوضات بين دمشق والمعارضة، ولتطبيع العلاقات السورية ــ التركية، وتحدث عن اتفاق دول مسار أستانة على خفض التصعيد، متعهداً بعدم السماح لمن أسماهم بـ «الإرهابيين» بالانتصار، وبمواصلة تقديم دعم عسكري لدمشق.
بدوره، قال وزير خارجية إيران عباس عراقجي إن «الأمر الأكثر أهمية هو البدء في محادثات سياسية بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة الشرعية».
وفي دليل على أن الأوضاع باتت تحتاج إلى تدخل دولي وإقليمي عاجل احتضنت الدوحة اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب مع وزراء خارجية مسار أستانة في الدوحة، لبحث خريطة طريق لمستقبل سورية.
وكان وزراء خارجية سورية والعراق وإيران قالوا، في بيان مشترك، أمس، إن «تهديد أمن سورية يشكل خطراً عاماً على استقرار المنطقة برمتها، ولا خيار سوى التنسيق والتعاون المستمر».
من جهته، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: «لم يتم انتهاز فرصة الهدوء لكي يبدأ الرئيس الأسد تصحيح علاقته بشعبه»، محذراً من حرب أهلية تهدد وحدة سورية إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي.
وأمس الأول، قال وزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني، خلال كلمته الافتتاحية في منتدى حوار المنامة 2024، أمس الأول، إن البحرين باعتبارها رئيسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية، تدعو إلى دعم جميع المبادرات المتعلقة بدمشق في إطار الجامعة، والتي تهدف إلى التوصل لحل سياسي يحفظ سيادة البلاد ووحدة أراضيها، ويصون حقوق ومصالح شعبها، ويسهّل على سورية أن تلعب دوراً كاملاً وبنّاءً في المنطقة.
ولاحقاً، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ضرورة أن «يعي الجميع أن هناك واقعاً جديداً من الناحية السياسية والدبلوماسية»، مؤكداً أن تركيا تطمح إلى أن تحقق سورية الجديدة طموحات الشعب بكل طوائفه ومذاهبه، وأن بلاده لا تطمع في أي أراضٍ سورية.
وألقى أردوغان باللوم على نظام دمشق الذي «لم يدرك قيمة اليد التي مدتها إليه أنقرة» في إشارة إلى رفض الأسد طلب لقائه من أجل إعادة تطبيع العلاقات بينهما.
وفي تفاصيل الخبر:
بينما كانت الأوساط الدولية والإقليمية تترقب نتائج معركة طاحنة ومصيرية بين قوات الفصائل السورية، التي تقودها «هيئة تحرير الشام»، من جهة الشمال وقوات الرئيس بشار الأسد بمدينة حمص، وسط البلاد، فاجأت فصائل المعارضة المنضوية تحت لواء «غرفة عمليات الجنوب» الجميع بتقدمها إلى تخوم العاصمة دمشق وبالسيطرة على مقر الفرقة التاسعة للقوات النظامية في مدينة الصنمين التي تبعد 20 كيلومتراً عن العاصمة دمشق، اليوم.
وقبل اقتحامها مقر الفرقة التي تعد واحدة من أهم القطاعات العسكرية في الجيش السوري أعلنت الفصائل سيطرتها على مدينة درعا، التي تعد مهد الاحتجاجات ضد حكومة الأسد التي اندلعت عام 2011 جنوب البلاد.
ووسط تراجع ميداني درامي للقوات الحكومية بدأ بالانسحاب من حلب وإدلب شمالاً ثم حماة وسط البلاد، أعلن قائد «إدارة العمليات العسكرية» بالمعارضة حسن عبدالغني أن قواتها بدأت تنفيذ مرحلة أخيرة بتطويق العاصمة، داعياً وزير الدفاع وضباط وعناصر النظام للانشقاق والانحياز للشعب، ومطمئناً الأقليات الدينية والعرقية بأن القوات المعارضة «منضبطة».
وقبل إعلان بلوغ تخوم العاصمة تمكنت الفصائل المعارضة من السيطرة على كل مراكز محافظة درعا ومركزها، وسط تقارير عن اتفاق بين الفصائل المسلحة والقوات النظامية سمح للأخير بتنظيم انسحاب عناصرها عبر ممر آمن إلى دمشق.
كما انسحبت القوات الحكومية من مواقعها من محافظات القنيطرة والسويداء في الجنوب السوري، للمرة الأولى منذ احتلال إسرائيل للجولان السوري، حيث أفيد بأن الدولة العبرية أرسلت تعزيزات عسكرية وأعلنت حالة الاستنفار لمواجهة كل الاحتمالات بعد أن أعلنت أنها قصفت أسلحة استراتيجية يعتقد أنها كيميائية خوفاً من وقوعها تحت سيطرة الفصائل الإسلامية المتشددة.
وذكر المرصد السوري المعارض أن القوات الروسية انسحبت من نقاط خفض التصعيد وعددها 17 نقطة التي كانت استحدثتها في المنطقة القريبة من الجولان السوري المحتل.
«جيش سورية الحرة» المدعوم أميركياً يسيطر على مدينة تدمر الأثرية وقوات روسية تغادر نقاط خفض التصعيد في درعا
قصف وتضليل
من جهتها، بررت سلطات دمشق تراجعها الميداني، عبر بيان للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، جاء فيه أن القوات العاملة في درعا والسويداء، ذات الغالبية الدرزية، نفذت إعادة انتشار وتموضع وإقامة طوق دفاعي وأمني قوي ومتماسك على ذلك الاتجاه، بعد أن هاجمت «عناصر إرهابية» حواجز ونقاط الجيش المتباعدة، بهدف إشغال القوات المسلحة التي بدأت استعادة زمام الأمور في محافظتي حمص وحماة في مواجهة ما أسمته «التنظيمات الإرهابية».
وتوعدت القيادة بمواجهة الإرهاب بكل حزم وقوة، فيما ذكرت أن الأصوات التي سمعت في بعض مناطق ريف دمشق الجنوبي هي لاستهدافات ورمايات بعيدة المدى على تجمعات الإرهابيين في درعا.
وحذر مصدر عسكري رسمي من أن «الإرهابيين يعمدون إلى دخول بعض القرى والمناطق ويطلبون من الأهالي السماح لهم بالتصوير لدقائق معدودة، ومن ثم مغادرة المنطقة لنشر تلك المقاطع في سياق الحرب الإعلامية، ومحاولة التأثير على معنويات الشعب والجيش».
معركة واصطدام
في موازاة ذلك، نقلت وزارة الدفاع عن مصدر عسكري قوله إن القوات العاملة في ريفي حماة وحمص تنفذ ضربات مكثفة بنيران المدفعية والصواريخ على أماكن وجود المسلحين وخطوط إمدادهم، مشيراً إلى أنها أوقعت إصابات مباشرة في صفوفهم.
وأضاف المصدر أن الطيران الحربي السوري - الروسي المشترك شنّ ضربات مركزة على تجمعات المسلحين في ريف حمص الشمالي الشرقي، وقضى على العشرات منهم ودمر آلياتهم وعتادهم. وأشار إلى أن القوات المسلحة تنفذ «عملية نوعية» في اتجاه بلدات ومدن الدار الكبيرة وتلبيسة والرستن في ريف حمص الشمالي.
وأكد المرصد أن الجيش السوري أرسل تعزيزات كبيرة جداً، دعماً لمعركة حمص، نظراً لأهميتها، إذا إن السيطرة عليها تعني أن خاصرة دمشق باتت مفتوحة.
كما ذكر أنا هناك اشتباكات كبيرة عند الدار الكبيرة بالريف الشمالي، أوقعت مدنيين.
ولفت إلى أن قوات الجيش تتمركز بريف حمص، في حين تضم المدينة قوات من الشرطة وجماعات مسلحة تقاتل مع الجيش.
وليل الجمعة ـ السبت، أعلنت «تحرير الشام» أن «قواتها سيطرت على آخر قرية على تخوم مدينة حمص، وباتت على أسوارها»، بعدما استولت والفصائل المتحالفة معها على ريف المحافظة الشمالي.
كما وجهت نداء - وصفته بالأخير- إلى عناصر القوات السورية للانشقاق، معتبرة أنها فرصتهم الأخيرة.
يشار إلى أن من شأن الاستيلاء على حمص قطع العاصمة دمشق عن الساحل السوري، حيث تتركز الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري، والتي تضم قاعدة بحرية وأخرى جوية روسية.
وفي وقت أكدت مصدر عسكرية أن أي تقدم للفصائل من شمال حمص سيصطدم بقوات من «حزب الله» اللبناني، التي تتمركز هناك لتعزيز دفاعات القوات الحكومية وحماية طرق الإمدادات، أفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن الجماعة المتحالفة مع طهران ودمشق أرسلت 2000 مقاتل إلى منطقة القصير السورية الحدودية بين سورية ولبنان.
التنف ودير الزور
وعلى جبهة أخرى، سيطر فصيل «جيش سورية الحرة» المعارض المدعوم أميركياً، اليوم، على مدينة تدمر الأثرية في الريف الشرقي لمحافظة حمص، بعد اشتباكات مع القوات الحكومية.
وحققت القوات المعارضة المتمركزة في منطقة التنف التي تضم قاعدة أميركية داخل سورية عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن تقدماً كبيراً على حساب قوات الأسد في تدمر بعد أن بسطت سيطرتها على بلدة السخنة الواقعة بين حمص ودير الزور، وقرية «القريتين»، وجبل الغراب ذو الموقع الاستراتيجي بالقرب من طريق تدمر – دمشق.
وأمس، انسحبت قوات الجيش السوري، من مناطق سيطرتها في محافظة دير الزور، ما أتاح لقوات سورية الديمقراطية «قسد» الكردية المدعومة من واشنطن والتي تسيطر على مساحات واسعة من المحافظة الحدودية مع العراق التقدّم إلى المناطق المخلاة وقطع طريق الإمداد بين طهران والفصائل الموالية لها في سورية. وعلى الجهة المقابلة من الحدود، تفقد رئيس أركان الجيش العراقي عبدالأمير رشيد يارالله، منفذ القائم والشريط الحدودي مع سورية، فيما نقل عن عواد الجنيفي المستشار بـ»الحشد الشعبي» العراقي الذي يضم فصائل مرتبطة بإيران أن «فصائل المقاومة العراقية» المسلحة عادت من مواقعها في البوكمال السورية إلى داخل العراق عبر منفذ القائم.
حذر إقليمي ودولي لتداعيات الانفجار السوري ودعوات لحوار سياسي
بيان سوري - عراقي - إيراني مشترك... وموسكو تتعهد بمحاربة الإرهابيين حتى النهاية ونفي مصري وأردني لدعوة الأسد للمغادرة
خيمت حالة من الترقب والحذر على ردود الفعل الدولية والإقليمية تجاه عودة الغليان للصراع السوري الداخلي المتواصل منذ نحو 14 عاماً بعد التقارير المتوالية عن تحقيق المعارضة المسلحة، التي تضم فصائل مدعومة من تركيا والولايات المتحدة إضافة إلى جماعات متشددة في مقدمتها «هيئة تحرير الشام» لمكاسب ميدانية كبيرة على حساب قوات الرئيس بشار الأسد، وسط انشغال حلفائه الإقليميين والدوليين بصراعات أخرى وفي مقدمتهم إيران وروسيا و»حزب الله» اللبناني.
وقال وزراء خارجية سورية والعراق وإيران في بيان مشترك، أمس، إن «تهديد أمن سورية يشكل خطراً عاماً على استقرار المنطقة برمتها ولا خيار سوى التنسيق والتعاون المستمر».
وصرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مؤتمر مشترك لوزراء خارجية الدول الثلاث حول التطورات بأنه «سيتم حماية أراضي العراق وحدوده وإبعاده عن أي هجمات مسلحة، من خلال القوات المسلحة العراقية بجميع أصنافها».
وتحدث عن أن «بغداد ستبادر بعقد اجتماع لعدد من الدول في بغداد لمناقشة الأوضاع الخطرة في سورية»، مشيراً إلى أن «العراق سيدعو إلى اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية على مستوى الوزراء».
وقبل أن يشارك في اجتماع مسار أستانا بشأن سورية إلى جانب روسيا وتركيا في الدوحة، أكد وزير خارجية إيران عباس عراقجي أن بلده ستواصل دعمها للشعب السوري والحكومة السورية، مشيراً إلى أن دول المنطقة لديها قلق ومصالح مشتركة بشأن دمشق.
ورأى الوزير الإيراني أنه يجب أن تبدأ المحادثات السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة الشرعية، فيما نفت طهران إغلاق سفارتها في دمشق.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من الدوحة، عن رفض بلده لإمكانية أن تسيطر جماعات إرهابية على سورية، وقال إن روسيا تساعد سورية عسكرياً وستواصل القضاء على الإرهابيين «حتى لو قالوا إنهم لم يعودوا إرهابيين» في إشارة على ما يبدو إلى زعيم «تحرير الشام» أبومحمد الجولاني الذي ظهر بمظهر أقل تشدداً عبر سلسلة من مقاطع الفيديو التي يبثها منذ تقدم تحالف المعارضة الذي يقوده من الشمال باتجاه حلب ثم حماة وأطل أمس من خلال حديث متلفز مع شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وأشار إلى أن عمله «ليس التنبؤ بما سيحدث ولكن عدم السماح للإرهابيين بالسيطرة والانتصار».
من جهته، أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، لنظرائه في الأردن وإيران وتركيا، أن بلاده تتابع الأوضاع في سورية بقلق بالغ.
وفي تصريحات منفصلة، أكد آل ثاني أن الوضع في سورية يتطور وقد يشتد خطورة.
وقال رئيس الوزراء القطري، خلال افتتاح النسخة 22 من منتدى الدوحة اليوم: «لم يتم انتهاز فرصة الهدوء لكي يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد تصحيح علاقته بشعبه»، محذراً من حرب أهلية تهدد وحدة سورية إذا لم يتم التوصل لحل سياسي.
وأضاف: «ينبغي إرساء الإطار المطلوب كي نتوصل إلى حل مستدام في سورية»، لافتاً إلى أن الوضع في سورية كان متوقعاً بسبب الصراع في غزة.
وأمس، قال وزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني خلال كلمته الافتتاحية في منتدى حوار المنامة 2024، أمس، إن البحرين باعتبارها رئيسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية، تدعو إلى دعم جميع المبادرات فيما يخص دمشق في إطار الجامعة، والتي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي يحفظ سيادة البلاد ووحدة أراضيها ويصون حقوق ومصالح شعبها ويسهل على سورية أن تلعب دوراً كاملاً وبناء في المنطقة.
وعقد وزراء خارجية عرب اجتماعاً لمناقشة التطورات المتسارعة في سورية على هامش مشاركتهم في منتدى المنامة بالبحرين اليوم.
وفي عمان، نفت وزارة الخارجية الأردنية صحة تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال تضمّن معلومات عن مطالبة المملكة الهاشمية ومصر للرئيس السوري بمغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى، ولاحقا نفت القاهرة أيضا صحة التقرير.
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب التطورات في سورية، مضيفة أن الولايات المتحدة تحث حلفاءها وشركاءها على خفض التصعيد وحماية المدنيين والأقليات.
وذكرت، خلال مؤتمر أن بقاء القوات الأميركية في سورية ضروري لضمان عدم قدرة «داعش» على العودة مرة أخرى، فيما اعتبر الخارجية النرويجية أن التوتر المتصاعد في دمشق ليس مفاجئاً ولكنه مرتبط بصراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط، وأنه لا يزال هناك وقت للحوار والتسوية السياسية في البلاد.
لبنان يترقب التطورات السورية بقلق... ومخاوف من انشغال الجيش جنوباً
تسليم إيراني بانعدام القدرة على السيطرة على كل «سورية المفيدة»
يعيش لبنان على الإيقاع السوري، ففي موازاة استكمال وضع آلية وخطة انتشار الجيش في الجنوب لتطبيق القرار 1701، وجد الجيش اللبناني نفسه أمام تحد جديد هو تعزيز وجوده وانتشاره على الحدود الشرقية مع سورية، في ظل التطورات الحاصلة هناك، كما اتخذ لبنان قراراً بإغلاق المعابر مع سورية، خوفاً من انتقال مقاتلين إلى هناك، وبعد ضربات إسرائيلية استهدفت الكثير من المعابر فيما تعتبره إسرائيل ضرب خطوط إمداد حزب الله.
وفي هذا السياق، تتسارع الأحداث والتطورات في سورية، وتتزاحم معها استنتاجات وتحليلات كثيرة حول مآلات الوضع، مع توقعات بسقوط النظام قريباً، ومباحثات حول مرحلة ما بعد سقوطه، في مقابل توقعات أخرى بأن تطول المعركة، على الرغم من كل الانسحابات التي يجريها الجيش السوري من مراكز المحافظات والمدن الكبرى، وسط غياب واضح لإرادة القتال، وقد يكون ذلك مرتبطاً بالتمركز على حدود دمشق والساحل لحمايتهما. هناك توقعات ثالثة أكثر تشاؤمية وسوداوية تعبّر عن المخاوف على وحدة البلاد في ضوء الصراعات الكبرى التي تأخذ أبعاداً عرقية أو قومية أو طائفية أو مذهبية، مع الإشارة إلى أهمية موقف قوى المعارضة في الحرص على وحدة سورية، وأن سورية لكل السوريين.
بعض المؤشرات تفيد بأن النظام وحلفاءه، خصوصاً إيران وحزب الله، لا يريدون التسليم بسقوط حمص، والتي قد يتحضرون لمعارك كبرى فيها، وسط معلومات تتحدث عن توجه قوات من الحزب إلى تلك المنطقة، نظراً لرمزيتها الاستراتيجية ولقربها من الحدود اللبنانية، وباعتبارها المرتكز الأساسي لسورية المفيدة ولخط الإمداد. ما تريده إيران وحزب الله هو صد هجوم قوى المعارضة في حمص، وفرض موازين قوى للدخول في آلية تفاوض، اختصرها وزير خارجية إيران بثلاثة احتمالات، إما حرب أهلية طويلة، وإما تفاوض يقود إلى تسوية، وإما سيطرة كاملة لقوى المعارضة. في الاحتمالات الثلاثة هناك تسليم إيراني بانعدام القدرة على السيطرة الكاملة على سورية المفيدة. في حالة سقوط حمص وانتقال المعركة إلى دمشق، ستكون الجبهة هناك أعنف كمحاولة لمنع النظام من السقوط، وأيضاً فرض آلية تفاوضية، تتداخل فيها عناصر إقليمية ودولية، حينها سيكون الخيار الوحيد للنظام إذا كان متاحاً، هو التسليم بالشروط الدولية، والتزام إنهاء النفوذ الإيراني في سورية، وهو ما لن تقبل به طهران.
في حال أصر النظام وإيران على عدم تقديم أي تنازلات جدية، فإن الحرب ستتجدد بقوة، وحينئذ ستكون سورية مفتوحة على احتمالات سلبية وسوداوية، خصوصاً أنه سيتم تكريس «تقسيم» مناطق النفوذ، لاسيما في ظل توسع «الأكراد» في الشمال والشرق، على أن يسعى الإيرانيون للاحتفاظ بنقاط أساسية في دمشق وحمص وامتداداً نحو الساحل، على أن تكون قوى المعارضة مسيطرة على حماة، وإدلب، وحلب، فيما الجنوب السوري سيكون ذات تأثير أردني أو إسرائيلي، بالإضافة إلى حالة السويداء. هذا النموذج يذكر بنموذج الجنرال غورو مع دخول الانتداب الفرنسي إلى سورية، وهو ما رفضه السوريون يومها، وهناك تأكيدات على رفضه حالياً بالاستناد إلى مواقف واضحة تطلقها قوى المعارضة.