الهند تتجه إلى توسيع علاقاتها مع دول آسيا الوسطى

نشر في 18-12-2022
آخر تحديث 17-12-2022 | 18:59
الأمن هو أساس العلاقات الهندية مع دول آسيا الوسطى، وسيبقى العامل الأكثر تأثيراً لربط نيودلهي بالمنطقة كلها، لكن يجب أن ينوّع الطرفان روابطهما كي تشمل مجموعة أخرى من القطاعات ووسائل التعاون لزيادة قوة العلاقات الثنائية وإنشاء شراكات متعددة الجوانب في المرحلة المقبلة.
 ذي دبلومات

جاءت الأزمات الجيوسياسية المتلاحقة هذه السنة لتفرض ضغوطاً هائلة على علاقات الهند ودول آسيا الوسطى وتختبر قوة التعاون بينهما عبر التزامات متعددة الأطراف، ويسعى الفريقان إلى إيجاد شركاء آخرين، بالإضافة إلى حلفائهما التقليديين، للتصدي للضغوط الجيوسياسية وتوسيع نفوذهما خارج محيطهما المجاور، حيث ستستفيد الهند ودول آسيا الوسطى حتماً من أي علاقة ناشئة ومبنية على مبادرات مثمرة في مختلف القطاعات.

لا تزال المخاوف الأمنية أساس العلاقات الثنائية بين الهند وطاجيكستان، ولهذا السبب، سيكون تطوير هذه الروابط كي تشمل دولاً أخرى من آسيا الوسطى دليلاً على استعداد نيودلهي لضمّ المنطقة كلها إلى أجندة السياسة الخارجية التي تتبناها، وتتواصل الولايات المتحدة بانتظام مع بلدان آسيا الوسطى عبر اجتماعات مع وزراء خارجية كازاخستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان، كذلك، أطلقت اليابان حواراً مع دول آسيا الوسطى في عام 2004 لتقوية تعاونها الدبلوماسي والاقتصادي مع هذه المنطقة، ومن خلال إنشاء نسخة مشابهة من المنتديات متعددة الأطراف، انطلاقاً من قمة عام 2022، ستُحسّن الهند انطلاقتها لتكثيف التواصل مع شركائها في آسيا الوسطى.

على المستوى الاقتصادي، يجب أن تطرح الهند نفسها كمركز لريادة الأعمال أمام نظرائها في آسيا الوسطى، وتشمل الهند أكثر من 38 ألف شركة ناشئة ورسمية، وقد أصبحت ثالث أكبر مصدر لشركات التكنولوجيا الناشئة عالمياً، وتستطيع نيودلهي أن تستعمل مكانتها كمعقل للتكنولوجيا لربط قطاعها التكنولوجي الناشئ بقطاعات دول آسيا الوسطى. وفي شهر نوفمبر الماضي، استضاف البلد «هاكاثون اليونسكو بين الهند وإفريقيا»، وقد شمل أفراداً ذات توجهات متشابهة من الهند والقارة الإفريقية لاستعمال البرمجة المحوسبة لحل المشاكل الاجتماعية، كذلك، شارك طلاب من عشرة بلدان في جنوب شرق آسيا في «هاكاثون الهند ورابطة أمم جنوب شرق آسيا»، إلى جانب الهنود، في عام 2021، وفي الوقت نفسه، أطلقت دول آسيا الوسطى عدداً من المبادرات، مثل الاستراتيجية الرقمية لعام 2030 عبر التعاون الاقتصادي الإقليمي في آسيا الوسطى، دعماً للتكنولوجيا الرقمية ومحو الأمية الرقمية في أنحاء المنطقة، وتستطيع قطاعات التكنولوجيا الهندية أن تقدّم المساعدات والخبرات لدعم دول آسيا الوسطى.

قد يكون تحسين التواصل بين الطرفَين جزءاً من أهداف نيودلهي وآسيا الوسطى، لكنّ عدائية باكستان وأفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان» تكبح هذه الطموحات، ومع ذلك، تستطيع الهند أن تنشئ ممرات جوية مع دول آسيا الوسطى لتسهيل حركة الناس والسلع بين الطرفين، وقد تسمح هذه المقاربة أيضاً بزيادة العمليات التجارية ودعم العلاقات بين الشعبَين، واستأنفت شركة طيران أستانا الرحلات المباشرة بين ألماتي ونيودلهي في ديسمبر 2021، كذلك، استأنفت طاجيكستان رحلاتها بين دوشانبي ونيودلهي في شهر أبريل بعد تعليقها لفترة بسبب جائحة كورونا.

في غضون ذلك، يسمح تحسين التواصل بتبسيط الإجراءات التي يمرّ بها آلاف الناس من سكان آسيا الوسطى لتلقي العلاج الطبي في الهند، وفي منتدى الأعمال المشترك بين الهند وآسيا الوسطى، تكلم وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار عن أهمية السياحة العلاجية وضرورة توسيع نطاقها، ولن يسمح تبسيط إجراءات السياحة العلاجية بتشجيع التواصل بين الهند وآسيا الوسطى فحسب، بل إنه يعزز تبادل المعلومات الطبية والتدريبات بين الطرفَين أيضاً، فعرضت أوزبكستان مثلاً مقاعد في جامعاتها على ألفَي طالب طب هندي بعدما اضطر هؤلاء الطلاب لترك أوكرانيا بسبب الغزو الروسي.

الأمن هو أساس العلاقات الهندية مع دول آسيا الوسطى، وسيبقى العامل الأكثر تأثيراً لربط نيودلهي بالمنطقة كلها، لكن يجب أن ينوّع الطرفان روابطهما كي تشمل مجموعة أخرى من القطاعات ووسائل التعاون لزيادة قوة العلاقات الثنائية وإنشاء شراكات متعددة الجوانب في المرحلة المقبلة.

* دانتي شولز

back to top