«الكويت عاصمة الثقافة العربية»... حدثٌ له ما بعده
مع إطلالة العام الجديد، 2025، ستصبح «الكويت» عاصمة للثقافة والإعلام العربي، ليكون هذا الإنجاز تتويجاً للإرث الغني، ودورها الريادي كمنارة للثقافة والتنوير، ومنصة حاضنة للإبداع والمبدعين في العالم العربي. وقبل التطرق إلى ما يعنيه هذا الاختيار، وما يمكن أن نقطفه من ثمار، لا بد من الإشارة إلى ما تعدّه وزارة الإعلام والجهات المعنية، من برامج وخطط، على امتداد العام الجديد، لوضع تصور متكامل لتنظيم وترويج الفعاليات، بما يتناسب مع أهمية هذا الحدث ومكانة دولة الكويت في محيطها العربي، والتي ستنطلق في فبراير 2025، بالتزامن مع احتفالات الكويت الوطنية.
الحدث سيكون فرصة ذهبية، لتسويق الكويت تاريخاً وثقافةً وتراثاً، فلقب «عاصمة الثقافة العربية» يوجب أن تكون الثقافة بروافدها الكثيرة حاضرة، ولا سيما أن الكويت، كانت، (وما زالت)، منبعا للثقافة والفكر، صدرتهما عبر إصدارات انتشرت على امتداد عالمها العربي، كانت خير سفراء للكويت إلى المكتبة العربية وعقول الأجيال المتعاقبة. اختيار الكويت، لم يكن من قبيل المجاملة أو الروتين العربي، بل يعكس المكانة العالية، في عالم الثقافة والإبداع، واعتراف من المجتمع الدولي، بمقومات البلاد الثقافية والسجل الحضاري، والتي يجب أن يستغل لتسليط مزيد من الضوء عليها، بإعداد برنامج محكم، فلا يقف الأمر عند وزارة الإعلام والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فقط، بل يجب أن يكون هناك دور للمؤسسات ذات الصلة، وأذرعها الكثيرة والممتدة، لنقدم للعالم العربي، برنامجا ثقافياً ثرياً، يترك أثره عند المواطن العربي في كل دولة.
لدينا من المؤهلات ما يمكن أن نجعل أيام العام كلها زاخرة بالفعاليات التي تشمل كل أشكال التعبير الثقافي والفني والأدبي والموسيقي، والإعلامي، معتمدين على مجموع الخبرات الوطنية التي يزخر بها كل مجال، فلابد من استغلال المرافق التجارية والسياحية، والثقافية والتراثية، في الفعاليات، ولا سيما أن لدينا الكثير منها، مثل متحف الكويت الوطني، ومتحف طارق رجب، ودار الآثار الإسلامية، وبيت العثمان، وبيت السدو، ومركز عبدالله السالم الثقافي، ومركز جابر الأحمد الثقافي وفيه دار الأوبرا، والمكتبة الوطنية، ومكتبة البابطين، والأسواق التراثية، وقاعات الفنون التشكيلية وغيرها.
وفي هذا الإطار، ينبغي عدم إغفال ربط الكويت، ثقافة وحضارة، بمحيطها الخليجي وامتدادها العربي، عبر استضافة فرق أو شخصيات عربية، لتمتزج الثقافة الكويتية مع شقيقاتها في الخليج والوطن العربي. أمر مهم آخر، لا بد من الإشارة إليه، في ظل توجه الدولة الجديد، نحو فتح البلاد وتعزيز القطاع السياحي فيها، لاستقطاب الزائرين من كل أنحاء العالم، فالحدث فرصة ثمينة، لتطوير مفهوم صناعة السياحة في الكويت، وخلق مفاهيم جديدة أكثر استدامة في مفهوم السياحة الثقافية، والسياحة الهادفة. فعلينا بث روح جديدة في المشهد الثقافي التي تعتبر ركيزة أساسية في المشهد الداخلي، ومحركاً للمشهد السياحي، وتعزيز المسيرة التنموية، ولتكن الانطلاقة بدءاً من فبراير، شهر الاحتفالات الوطنية، فتكون مناسبة لإطلاق الفعاليات، استغلالاً للمزاج الوطني الذي يكون في أوجه، والأجواء الرائعة والطقس المعتدل.
فاجتماع المقومات الثقافية والمعمارية والترفيهية والتراثية، مناسبة لنعمل على خلق خطاب ثقافي جديد، واستغلال كل الفرص المتاحة بتعاون مؤسسات الدولة لإنجاح هذا الحدث الوطني، ولتكن انطلاقة واستدامة لا تتوقف.