«طريق جبد يبط الجبد»

تطوير طريق «جبد» الصليبية أصبح حاجة ملحة، خصوصا مع الحوادث المتكررة والمخاطر المتعددة، حيث يرتاد هذا الطريق الحيوي الكثير من السيارات والشاحنات، وهو ليس الطريق الوحيد الذي يحتاج إلى تطوير، فهناك كثير من الطرق غيره، ومن المهم أن يقوم التطوير على دراسات وأسس صحيحة ومن أناس مختصين، وينفذ بجودة عالية، وأن تكون الكلفة واقعية لا متضخمة أو فيها أي شبهة تنفيع.

نعم إذا نظرنا إلى الكلفة التقديرية المعلنة في الصحف المحلية، نستطيع أن نقول «طريق جبد يبط الجبد»، فكما هو معلن هناك مناقصتان لتطويره بقيمة 340 مليون دينار، أي ما يعادل أكثر من مليار دولار أميركي، تتضمن المناقصتان إنشاء طريق رئيسي بطول 24 كلم، إضافة إلى طرق ثانوية بطول 110 كيلو مترات، وإنشاء 3 حارات في كل اتجاه وطرق محلية بطول 50 كلم، وعرض 25 مترا، بالإضافة للمرفقات الملحقة وغيرها من خدمات.

لست متخصصا بهذه الأمور، ولكن أدعو أعضاء مجلس الأمة الى تقصي هذا الموضوع وغيره من المواضيع المشابهة لأن من صلب عملهم الرقابة، وأدعوهم لطلب بيانات بجميع مناقصات الطرق التي رست ونفذت آخر 10 سنوات، من حيث الكلفة الإجمالية ونسبة الترسية على الشركات من إجمالي المناقصات ومواصفات هذه المشاريع، مع جودتها بعد التنفيذ، ومن المهم معرفة عدم وجود تضارب مصالح لدى ملّاكها، ومقارنة هذه المشاريع بمشاريع مماثلة في المنطقة والأسعار العالمية المتعارف عليها، فمعرفة ذلك ستكشف كثيرا من الأمور، وإن عرف السبب بطل العجب.

أضرب مثالا واحدا لطريق حديث الإنجاز وهو طريق الربع الخالي الذي يربط بين السعودية وعمان بطول 564 كم، فتخيل أن هذا الطريق كلف 165 مليون دينار تقريبا، ما يعادل نصف مليار دولار تقريبا، أي أن كلفة طريق الربع الخالي الذي يتعدى طوله 500 كم هي نصف كلفة طريق «جبد» الذي لا يصل إلى نصف طول طريق الربع الخالي، فكم طريقاً في الدولة مثل طريق «جبد»؟ وكم مشروعاً نفذ وهو في خانة «يبط الجبد»؟

اتقوا الله ولا تستغلوا معاناة الناس في الاستفادة على حساب المال العام، فاليوم يمكن أن تفلت من الحساب، ولكن والله إن السعر غالٍ وستدفعه أضعافا مضاعفة يوم الحساب، فيومها لا ينفع الندم، فنسأل الله أن يعصمنا من المال الحرام، وأن يسخر لبلادنا وبلاد المسلمين من ينشر الخير والإصلاح والصلاح، ويحارب الشر والمفسدين ومن يعيث في الأرض فساداً.