إضاءة على القيروان
تعرف القيروان بعاصمة الأغالبة، وهي أول المدن الإسلامية المشيدة في المغرب الإسلامي، حيث كان لها دور استراتيجي في الفتح الإسلامي، فقد انطلقت منها حملات الفتح نحو الجزائر والمغرب والأندلس وإفريقيا، وبقيت حوالي أربعة قرون عاصمة الإسلام الأولى لإفريقيا والأندلس، بالإضافة إلى أن فيها مراقد عدد من صحابة رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وعندما تذكر القيروان يذكر القائد العربي الكبير عقبة بن نافع.
وتقع القيروان في تونس على بُعد 160 كم من العاصمة تونس، ويرجع أصل كلمة «القيروان» إلى كلمة «کاروان» الفارسية، وتعني مكان السلاح أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب.
كانت القيروان منارة عالية للإشعاع الفكري والديني والحضاري في عصور الأغالبة والصنهاجيين، ومن هؤلاء الأعلام الإمام سحنون وابن رشيق القيرواني وابن شرف وأسد بن الفرات وابن الجزار، كما يذكر المهتمون بالتاريخ اسم المعزّ بن باديس الصنهاجي كأكبر رمز لما بلغته القيروان من حضارة في عهد الصنهاجيين وعبدالله بن الأغلب الذي جعل من القيروان اسما ملأ الدنيا، أما عقبة بن نافع فإنه يظل الفاتح والمؤسس.
وكان من أوائل من قام بالتعليم في مدينة القيروان أولئك العشرة من التابعين الذين أرسلهم عمر بن عبدالعزيز- رضي الله عنه- ليعلموا الناس وأحد أولئك العشرة إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر الذي كان- بالإضافة إلى أنه عامل للخليفة- من أكثر أفراد تلك البعثة اندفاعا في نشر الدين وإدخال البربر إلى الإسلام، ومنهم عبدالرحمن بن رافع التنوخي أول من تولى القضاء بمدينة القيروان.
وقامت دولة الأغالبة (184-296هـ/ 800-909م) كوحدة مستقلة، ونجحت في ضم صقلية إلى ملكها عام 264 هـ/ 878 م، وقام أمراؤها الأوائل بأعمال بنائية ضخمة في القيروان ذاتها ومنها توسيع الجامع في القيروان، وتوسيع الجامع في تونس، كما عمل الأغالبة على الاهتمام بالزراعة والري في المنطقة، وأقاموا الفسقية المشهورة.
أما أهم معالم مدينة القيروان فيعد جامع عقبة من أروع شواهد العمارة الإسلامية في المغرب العربي حيث كان يعتبر أكبر جوامع المغرب العربي، كما يعدّ جامع القيروان من أقدم مساجد المغرب الإسلامي والمصدر الأول الذي اقتبست منه العمارة المغربية والأندلسية عناصرها الزخرفية والمعمارية، وكان هذا المسجد ميدانا للحلقات الدينية والعلمية واللغوية التي ضمت نخبة من أكبر علماء ذلك العصر.