الجانب المظلم لشهادات الامتثال للمعايير

نشر في 25-10-2024
آخر تحديث 24-10-2024 | 19:15
 علي وليد القلاف

تُعد الشهادات مثل شهادة الآيزو (ISO) معياراً حيوياً لضمان جودة المنتجات والأمن، خاصة في مجالات استمرارية الأعمال والأمن السيبراني، إلا أن هناك اتجاهاً مقلقاً يشير إلى أن بعض الشركات تسعى للحصول على هذه الشهادات لأغراض سطحية فقط، متجاهلة الالتزام الفعلي بالمعايير الأساسية.

غالباً ما تسعى الشركات للحصول على الشهادات لتعزيز سمعتها، وجذب العملاء، والامتثال للوائح والقوانين، ومع ذلك، تستغل بعض المؤسسات هذا النظام من خلال تلبية المتطلبات بشكل سطحي دون تنفيذ التدابير اللازمة وفقاً للمعايير العالمية، وهذا التصرف لا يقوض نزاهة الهيئات المانحة للشهادات والالتزام فقط، بل يشكل أيضًا مخاطر كبيرة على المستهلكين والشركاء الذين يعتمدون على هذه الشهادات لتقييم أداء الشركات والتزامها.

يمكن أن يؤدي تزوير الامتثال إلى ظهور ثغرات أمنية خطيرة، مما يعرض البيانات الحساسة للاختراقات والهجمات الإلكترونية بالإضافة إلى ذلك، ويقوض ذلك الثقة في السوق، مما يجعل من الصعب على الشركات والمؤسسات الملتزمة تمييز نفسها عن غيرها.

شهدنا مؤخرًا هجمات إلكترونية على عدد من الوزارات الحكومية، حيث فشلت هذه الجهات في استعادة العمليات بوقت قصير رغم حصولها على شهادات اعتماد في أعلى معايير الأمن السيبراني واستمرارية الأعمال، وقد تم التدقيق على هذه الجهات من قبل ديوان المحاسبة وإدراجها في أعلى قوائم الاستعداد للهجمات الإلكترونية، مما يدل على أن طرق التدقيق الحالية لم تتمكن من كشف الحقيقة الفعلية لالتزام هذه الجهات.

في هذا السياق، يتعين علينا التوقف عن السعي وراء الحصول على شهادات الامتثال كهدف بحد ذاته، بل يجب اعتبارها وسيلة لتطبيق أعلى معايير الجودة والأمن السيبراني، وعلى المركز الوطني للأمن السيبراني إعداد أطر برامج الأمن السيبراني ومعايير خاصة مستمدة من أفضل المعايير العالمية، والاستفادة من تجارب الدول الخليجية الشقيقة التي أبدعت في هذا المجال، كما ينبغي على المركز فرض تدقيق صارم على الجهات الحكومية والخاصة وإصدار شهادات التزام خاصة به، مع إجبار جميع المتقدمين للمناقصات الحكومية على تقديم شهادة التزام من المركز.

مع تطور المشهد الرقمي والتحول الرقمي المستمر، يصبح الالتزام بالامتثال الأصيل أمراً بالغ الأهمية، فقط من خلال الامتثال الصادق يمكن للشركات بناء ثقة دائمة وتأمين مستقبل مستدام.

back to top