عصا يحيى
أن تكون حديث العالم، رؤساء وإعلاماً ومنظمّات وشعوباً ومخازن سلاح ووزراء خارجيّة فهذا ليس أمراً عابراً على الإطلاق، وأن تُقام من أجلك اجتماعات رفيعة المستوى وأخرى وضيعة، وورش عمل و«بروجكتر» ورسوم بيانيّة فإنّك بلغت من الأهمية ما جعلك تشغل الكوكب حياً وميتاً... عرفناك يا سنوار، ونجهل اسم قاتلك ومن تآمروا عليك.
باحثٌ علميٌ متمرّسٌ يراك ذلك الشّعبوي الذي جرّ وطنه وأهله وأمّته للدّمار أمام واقع التّرسانة الصّهيونيّة الفتّاكة وسيطرتها العلمية والعمليّة حتّى على الأكسجين، وداعيةٌ متحمّسٌ يراك ذلك الشّهيد الذي عاش حياته وفق منظومة عقائدية تبدأ بقوله تعالى: «وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»، وتنتهي بقوله جلّ في علاه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».
عميلٌ لنظام الجمهوريّة الإيرانيّة في عيون بعضهم، ومعاونٌ لها في عمليّة التّمدد، وعينٌ أخرى تراك الجريح الذي تخلّى عنه سائر الجسد (سهراً) فلجأ للحمّى، ترى أنّ طوفانكم لم يكن على المستوطنات بقدر ما كان أثره على الأدمغة والأفكار، ليس بالقليل من البشر من يسأل: كيف مرّت سنة، وإلى اليوم تتم عمليّات القنص لقادة الصّهاينة في مخيّم «جباليا»؟! كيف للمدنّيين أن يصمدوا رافضين النّزوح، وإن أُجبروا، عادوا؟!
يُرجع الداعية ذلك إلى العقيدة والنّصر الرّباني، ويرى الباحث ذلك من الماورائيات والأمور الغيبيّة التي تُداعب العواطف، يراها الأوّل عزّة ومروءة استند إليها دينه الذي أمره ألا يستسلم ولا يخضع إلّا لله، وأن روحه وحياته وأطفاله وبيته وخبزه ملكٌ له وحده، قادرٌ على أن يجرّدك منها في لحظة ويردّها إليك، ويراها الآخر شمّاعة كلّما أرادت أجندة أن تمرّ عبر طريقٍ وعر، امتطت فتوى وفسّرت آية واستخرجت حديثاً، والحديث في ما أحدثه طوفانكم المبارك بعقولنا يطول يا أبا إبراهيم، ليس مهماً اليوم كيف نحن نراك، المهم كيف هو يراك؟!
نحنُ من العامّة، نجهل كثيراً، والأمّة الجاهلة وبالٌ على الأوطان، مهمّتكم ليست تحويل الأحداث إلى ملاكمة في إثبات الفلسفة والنّظريات، مانشيت جريدة «القبس» عام 1979م يحمل عنوان «إسرائيل تطحن الجنوب اللّبناني» أي قبل تأسيس «حماس» و«حزب الله»، فنحنُ نعيش تحوّلاً أممياً وخطراً وجودياً، لا وقت فيه للتّرف التنظيري والغرور الثّقافي والاستعلاء المعرفي، فإمّا مجتمع مثقّف يواجه، وإمّا جهل وتعصّب ينهيك قبل رصاصة عدوّك.