انتصار أكتوبر العظيم بين العزيمة والإصرار
منذ أيام قليلة كنا نحتفل بذكرى انتصار أكتوبر العظيم، ذلك الانتصار الذي حطم جبروت دولة الاحتلال وكسر غرورها، وهذا الانتصار بدأ الإعداد له بعد هزيمة مصر أمام دولة الاحتلال سنة 1967م، واتخذت القوات المسلحة المصرية من هذه الهزيمة نقطة أولى لتحقيق انتصارها العظيم سنة 1973م.
تعد ذكرى انتصار السادس من أكتوبر سنة 1973م من أهم الانتصارات في تاريخنا العربي المعاصر، وسيظل هذا الانتصار شعلة مضيئة في تاريخنا يجب الاقتباس منها متى أردنا الانتصار على العدو، وفيما يلي أهم أسباب انتصار القوات المسلحة المصرية على دولة الاحتلال:
• الإعداد العسكري: عملت القوات المسلحة المصرية على إعادة ترتيب أوراقها وفق أحدث المستجدات العسكرية، كما عملت على استنزاف قدرات العدو العسكرية خلال الفترة السابقة للحرب «حرب الاستنزاف»، كما عملت على الاستفادة من أبسط الموارد المتاحة في هزيمة الاحتلال فقد استعانوا بخراطيم مياه ذات ضغط عالٍ لتدمير الساتر الترابي الذي أقامته دولة الاحتلال.
• الإعداد الروحي والنفسي للمقاتلين: سمحت القوات القوات المسلحة للقيادات الدينية بزيارة المواقع العسكرية وإلقاء الخطب الدينية وتحفيز الجنود لأخذ الثأر واسترجاع الأراضي المحتلة، وكان لهذه الزيارات أثر كبير في رفع الروح المعنوية للجنود.
• الخداع الأكبر لإسرائيل: استطاع الرئيس الراحل محمد أنور السادات قيادة خطة الخداع الأكبر للعدو الاسرائيلي وإقناعهم بعدم قدرة مصر على الدخول في حرب عسكرية ضدهم، وقد حكى لي والدي- رحمه الله- أحد أبطال أكتوبر، أنهم كانوا يلعبون كرة القدم ويسبحون في القناة وذلك ليتأكد جهاز الاستخبارات الاسرائيلي باستحالة دخول مصر في حرب ضدهم، وقد نجحت القوات المسلحة المصرية في ذلك تماماً.
• إخفاء موعد الحرب: حكى لي والدي، رحمه الله، أنه تم إبلاغهم بنزول بعض الجنود في زيارات لأهلهم وأعطوهم ورقة وأوصوهم بعدم فتحها إلا بعد وصولهم لأسرهم، وكانت هذه الورقة فيها أمر بالعودة سريعاً للوحدة العسكرية التابع لها بمجرد قراءة الورقة، وكان لهذا الخداع أثر كبير في هذا النصر، وعلى الرغم من إبلاغ إسرائيل باستعداد مصر لبدء الحرب فإن الحكومة الاسرائيلية لم تأخذ الأمر بجدية، واعتبروها مجرد شائعات، وهذا يؤكد نجاح مصر في خداع القوات الاسرائيلية.
• الوحدة العربية: تعد حرب السادس من أكتوبر من اللحظات الفارقة في تاريخ العرب، إذ تجسدت كل معاني الأخوة والتعاون في هذه المعركة، فكانت الدول العربية إما مساندة بالمال أو العتاد العسكري والجنود، إضافة إلى الدعم السياسي والاقتصادي وحظر النفط العربي، ومن خلال قراءتي المتواضعة في التاريخ يمكن القول إن العرب لم تجتمع كلمتهم وتتوحد رؤيتهم منذ معركة عين جالوت ضد التتار إلا في حرب السادس من أكتوبر سنة 1973م.