إنها العروبة... وليست كرة القدم

نشر في 13-12-2022
آخر تحديث 12-12-2022 | 20:40
 د. نجم عبدالكريم

لعبة كرة القدم ما هي إلا وسيلة أظهرت كل ذلك الوهج الذي كان يعتلج في نفوس العرب، وكان أقرب ما يكون إلى اللهب المُختزن في براكين أنفسهم، فتفجَّر، ليحطم تلك المقولة التي كان البعض يرددها، حتى غدت وكأنها حقيقة مطلقة، وهي أن «العرب اتفقوا على ألا يتفقوا»، فهل لعبة كرة القدم في الدوحة هي التي وحَّدت مشاعر العرب؟!

مَنْ يعتقد ذلك يبسّط الأمر إلى درجة التسطيح، لأن العرب منذ حلف الفضول - قبل الإسلام - وحتى انتصارهم على خصومهم في الدوحة، وهم يشعرون بالفخر والاعتزاز بالانتصارات التي يحققونها على أولئك الخصوم، في أي منافسة، ولا يتسع المجال للإتيان على ذكر وقائع يحفل بها التاريخ كان العرب فيها على قلب واحد، مثلما هم عليه هذه الأيام بعد انتصارهم في المنافسات التي تدور في قطر.

***

• تماشياً مع عنوان المقال «إنها العروبة... وليست كرة القدم»، فإن البعض كان يتصوَّر أن قضية فلسطين قد تراجعت، ولم تَعُد لها الأولوية عند العرب، وأن مشاريع التطبيع تسير سيراً حثيثاً، لكنّ مشاعر العرب في الدوحة جعلت من القضية الفلسطينية تحتل مكان الصدارة، مما دفع الإعلام الصهيوني إلى أن ينشر أن الدوحة أظهرت لنا الحقيقة، حيث إن العرب جميعاً لا يحبوننا، وأن محاولات التطبيع ما هي إلا أكاذيب، ولا يمكن أن تكون هناك علاقات بيننا وبين هؤلاء العرب الذين يكرهوننا.

*** والإبداع في لعبة كرة القدم بالمغرب ليس بمعزلٍ عن نشاطات إبداعية كثيرة ينعم بها هذا البلد، الذي أسست فيه جامعة منذ ألف عام، وفي الزمن الراهن يحفل بالعديد من الجامعات والصروح الأكاديمية الضخمة، وفي المغرب عددٌ لا يُحصى من المفكرين والأدباء والشعراء، فلحبابي رُشّح لجائزة نوبل أكثر من مرة، وكذلك المفكر عبدالله العروي، فضلاً عن محمد عابد الجابري، وغيرهم... وغيرهم.

فالإبداع في لعبة كرة القدم ما هو إلا انعكاس لحياة حضارية، وليس نسيج وحده.

*** لا أعرف ماذا ستسفر عنه نهايات المباريات الأخرى، لأنني كتبت هذا المقال بعد فوز المغرب على البرتغال يوم السبت... وهذا في حد ذاته يُعدّ انتصاراً.

back to top