«التمييز» تقضي بإعدام قاتل فرح: جريمته روعت المجتمع الآمن

«المتهم بلغ من الفحش أرذله ومن البشاعة مدى خطيراً دون وازع من ضمير أو رادع من دين»

نشر في 12-12-2022 | 12:28
آخر تحديث 12-12-2022 | 20:17
قضت محكمة التمييز الجزائية، اليوم، برئاسة المستشار عبدالله جاسم العبدالله، بإعدام المتهم بقتل المواطنة فرح، وإلغاء حكم السجن المؤبد، بعدما انتهت إلى توافر كل عناصر جريمة القتل العمد بحق المتهم، مؤكدة أنه انتوى قتل المجني عليها.

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها التي حصلت «الجريدة» على جزء منها، إن الأفعال التي ارتكبها المتهم جمعت بين الخطف بالقوة وإلحاق الأذى بالمجني عليها والقتل العمد بأبشع صورة، بقتلها أمام ابنتها وابنة أختها، مروعا إياهن، وكانت هذه الجرائم من أخطر الجرائم مساساً بالنفس البشرية، وبلغت من الفحش أرذله، ومن القسوة أشدها، ومن البشاعة مدى خطيرا دون وازع من ضمير أو رادع من دين، مما ينم عن تأصل الإجرام في نفس المتهم.

وأضافت أن ظروف الدعوى وملابساتها على ما تم بيانه تكشف عن خطورة المتهم الإجرامية، فالجريمة البشعة التي قام بها روعت المجتمع الآمن، ويحق معاقبته بعقوبة الإعدام الأشد، تطهيرا للمجتمع منه ومن أوزاره، وزجرا وردعا لغيره، وفي ذلك حماية للمجتمع من مثل هذه الجرائم، وتوفير الأمن واستئصال الفساد، ووفقا لقوله تعالى «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون»، فإن المحكمة تقر الحكم الابتدائي المستأنف فيما قضى به من إعدام المتهم جزاء ووفاقا لما اقترفت يداه الآثمتان، وتأخذ بأسبابه وتحيل إليها بالإضافة الى ما أوردته من أسباب.

وأكدت أنه استقر في يقين المحكمة في الزمان والمكان وكل الأدلة وأقوال المتهم في التحقيقات أن المتهم خطف المجني عليها عن طريق القوة بأن قام بالاصطدام بمركبتها بالطريق العام وقفز إلى داخلها رغما عنها، ونقلها إلى جهة غير معلومة، قاصدا من ذلك قتلها بعدما قرر لها هي وشقيقتها (موتكم راح يكون على ايدي ما راح ادخل السجن وانتو عايشين بره)، ووفق ما قرره الشهود بأن المتهم قام بقتل المجني عليها عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها، وأعد لذلك الغرض سلاحا للجريمة (سكين)، وتوجه الى مكان يعلم وجودها فيه، وما أمكن ظفر بها حتى اقتادها بعيدا عن الناظرين ووجه لها طعنة نافذة بالصدر قاصدا قتلها، وخطف المجني عليهما الطفلتين عن طريق القوة بأن قام بالاصطدام بمركبة والدة المجني عليها الأولى، وقفز الى داخل المركبة عنوة ونقلها الى جهة غير معلومة.

توافر نية القتل



وكانت محكمة أول درجة، التي أصدرت الحكم برئاسة المستشار فيصل الحربي، والذي أيدته «التمييز» اليوم بحكم الإعدام، أكدت في حيثيات حكمها أن المحكمة تطمئن الى توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار في حق المتهم من قيامه بتهديد شقيقة الشاهدة دانة أكبر بقتل المجني عليها وذويها بقوله لها (موتكم راح يكون على إيدي.. ما راح أدخل السجن وأنتم عايشين بره) لحملها على التنازل عن قضية الخطف المقدمة منها ومن المجني عليها ضده، واعتزامها التقدم بشكاية جديدة إلى المخفر بعد أن قررت الأخيرة قطع علاقتها به وكبحه عن محاولاته الدائمة نحو تملكها والتحكم بها، ومُضي فترة من الزمن بعد إطلاقه لذلك التهديد تكفي بتقدير المحكمة لأن يكون المتهم في حالة من الهدوء والسيطرة على النفس يتاح له فيهما أن يقلّب الأمر على وجوهه المختلفة قبل إقدامه على الجريمة.

وثبت للمحكمة حمل المتهم سكينا إبان خطفه للمجني عليها، وهي أداة تتسم بالخطورة فيما لو تم استخدامها في أفعال الاعتداء، مما يشير إلى إعداده المسبق لتنفيذ جريمته، وطعنها بها في موضع قاتل من صدرها وهو القلب بقصد قتلها، نتج عنه إصابة المجني عليها بطعنة نافذة في الصدر كسرت ضلعها واخترقت القلب محدثا إصابتها المبينة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها، وهو ما يكشف بجلاء لا يخالجه شك عن توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار في حق المتهم، ويتضمن ردا على دفاعه بانتفاء هذا الظرف وتلك النية، ومن ثم يكون دفعه بانتفائهما تمهيدا لتعديل قيد ووصف الاتهام إلى الضرب المفضي إلى موت مجرد منازعة في الصورة التي وقرت في يقين المحكمة ولا سند له في الأوراق، متعينا الرفض.

أكدت توافر جميع أركان الجريمة لديه وتوعده للمجني عليها بالقتل

وأضافت: وحيث إنه عن دفع المتهم بانتفاء أركان جريمة الخطف موضوع التهمتين الأولى والثالثة، فلما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستظهر الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها من واقع الأدلة المطروحة، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها، ما دام استخلاصها سائغا، وهي من بعد لا تلتزم بمتابعة مناحي دفاع المتهم المختلفة، بعد أن أوردت في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، واستخلصت منها صورتها التي استقرت في يقينها.

جريمة الخطف

وتابعت المحكمة: وكانت جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 178 من قانون الجزاء تتحقق بحمل المجني عليه على الانتقال من المكان الذي خطف منه بغير رضاه إلى مكان آخر بحجزه فيه، وأن يكون هذا الخطف بالقوة أو بالتهديد أو بالحيلة، وأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المجني عليه وإبعاده عن المكان الذي خطف منه - أيا كان غرض الجاني من ذلك - ولا يُشترط لتوافر ركن القوة أن تكون قد استعملت قوة مادية بدرجة معينة، بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل ضد إرادة المجني عليه أيا كانت درجة القوة المستعملة معه، وكان تقدير قيام ركن القوة أو التهديد بالخطف وتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب مادام استخلاصها سائغا، وليس بلازم أن يتحدث الحكم استقلالا عن القصد الجنائي بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.

ولفتت الى أن جريمة الخطف المؤثمة بنص المادة 180 من قانون الجزاء تتحقق بإبعاد المجني عليه عن المكان الذي خطف منه بإحدى الطرق التي حددتها ومنها الحيلة والقوة بقصد ارتكاب أي فعل من الأفعال المذكورة بها ومنها ابتزاز شيء منه وقتله، ويتحقق القصد الجنائي فيها باتجاه إرادة الجاني إلى إبعاد المجني عليه من المكان الذي خُطف منه بقصد ابتزازه أو قتله، وكان تقدير توافر هذا القصد مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استخلاصها سائغا، ويرتد إلى أصله في الأوراق.

وبينت أن الحكم قد خلص من وقائع الدعوى والظروف التي وقعت فيها أخذا بالأدلة المار بيانها أن المتهم صدم مركبته بمركبة المجني عليها أثناء سيرها في الطريق لإجبارها على الوقوف، الأمر الذي اضطرت معه إلى التوقف، ونزل المتهم من مركبته وركب مركبة المجني عليها عنوة، وأزاح الأخيرة إلى المقعد المجاور، مرغما إياها على ترك مقعد السائق للسيطرة على المركبة وتولى قيادتها، وانطلق بها مبتعدا عن المكان قاصدا خطفها لقتلها وخطف مرافقتيها الطفلتين سالفتي الذكر الجالستين آنذاك في المقعد الخلفي، وهو ما تحقق له عندما اشتد الحوار بينهما فاستل المتهم على اثره سكينا، كان يحملها مسبقا وأعدها لارتكاب جريمته، طعن بها المجني عليها طعنة واحدة في موضع قاتل من جسمها، وأودت هذه الإصابة بحياتها، لتتوافر بذلك كل العناصر القانونية لجريمة خطف المجني عليهن بالقوة وبقصد قتل المجني عليها فرح حمزة، دون أن ينال منها ما تذرع به المتهم من عدم ثبوت فتحه باب مركبة المجني عليها رغما عنها لسابق العلاقة التي كانت قائمة بينهما، ولعدم إبدائها ثمة مقاومة باعتباره من قبيل الدفاع الموضوعي تطرحه المحكمة أخذا بأدلة الثبوت سالفة الإيراد، ويضحى دفع المتهم في هذا الجانب غير سديد متعينا الرفض.

back to top