خريطتان للشرق الأوسط والعرب غائبون عن المشهد
وقف العرب ينظرون كيف يرسم الفرس وبنو صهيون خرائط الشرق الأوسط الجديد وحدهم... يفكرون... يتأملون... بأي خريطة منها سيكونون!
تأخرت الجهود العربية كثيرا في الانتقال إلى خطوات أبعد من الدبلوماسية الناعمة تجاه الحرب في غزة إلى أن تخطت الأمور حدود غزة إلى أهداف أكبر أُعلنت بوضوح وجُهزت خرائطها ولم يبقَ إلا التنفيذ.
القوتان المتصارعتان الآن في المنطقة كل منهما تسعى إلى إعادة رسمها بما يخدم أمنها ومصالحها، وإن كانت المبادرة لمجانين تل أبيب المهووسين بنبوءة العقد الثمانين وزوال دولتهم، ويسعون إلى مواجهة مخاوفهم رافعين شعار «أكون أو لا أكون».
أما المعسكر الآخر فسينجر إلى الحرب جراً إذا لم يتنازل مجانين صهيون عن مساعيهم لها، فاللعب بالنار وضع طهران أمام امتحان مصير، إما أن تحرق الكيان الصهيوني أو تحترق بنيرانه، وفي ظل هذا الوضع الذي أعلن فيه كل طرف أهدافه ونواياه، لا أجد ملامح لمشروع عربي مناهض لتقسيم الشرق الأوسط على هوى هذا أو ذاك، أو على الأقل استعدادا لمرحلة الحرب وما بعدها، لأنه في ظل هذا الصمت والانتظار وغياب الموقف سيحق للمنتصر فرض أجندته التي من الصعب وقتها الوقوف أمامها.
ومن المفارقات العجيبة والغريبة أنه في كل صراع إقليمي يسعى طرفاه إلى استقطاب الدول المؤثرة في الصراع، فلماذا لم يسعَ أحد إلى استقطابنا ونحن في وسط الصراع؟! فطهران لم تبدِ استعدادات للتفاهم حول الجزر العربية الإماراتية على سبيل المثال، أو تتعهد بوقف مطامعها في حقل الدرة الكويتي، ولا الطرف الصهيوني قدم وعوداً وضمانات بعدم المساس بأي من الحدود الحالية للدول العربية، وما يصلنا من الطرفين رسائل تحذير من استخدام أراضينا في هجمات ضده!
الوضع الآن يحتاج إلى تكتل حقيقي وقوة عسكرية عربية مشتركة تحقق توازن القوى، وتحافظ على سلامة أراضينا من المحيط إلى الخليج، فلا مجال للتشرذم حتى لا يضيع بعضنا بعضًا، وعلى الأنظمة العربية التوافق حول التكتل بأي صيغة يرونها، فالأمر أصبح لا يعالجه مجرد وعود إعلامية يطلقها زعيم عربي أو أكثر لبقية الدول أن أمنها من أمن أراضيه، فجميعنا في دائرة الخطر، ومن دون تماسك حقيقي وفعال لن نستطيع حماية أنفسنا من مخرجات الحرب التي إن وقعت فلن تكون نتائجها في مصالحنا أيًا كان المنتصر فيها.