ملتقى الطاقة العربي يناقش ظواهر المناخ وتحديات الإمداد

•سداوي: عدد قليل من الدول العربية يستفيد من صناديق البيئة والتمويل الأخضر
•أكبر: صادرات الطاقة من المنطقة العربية تجاوزت 300 مليار دولار في 2020

نشر في 11-12-2022
آخر تحديث 10-12-2022 | 20:22
جانب من الملتقى
جانب من الملتقى
أكدت رئيسة قسم الطاقة في مجموعة إدارة استدامة الموارد الطبيعية وتغير المناخ في «الإسكوا - بيروت» د. راضية سداوي هشاشة المنطقة العربية لتأثيرات تغير المناخ الصارخ، إضافة إلى التحديات البيئية الرئيسية، بما في ذلك النقص المزمن في المياه، وتلوث الهواء، والتصحر وتدهور الأراضي، والظروف الجوية الصعبة، والأضرار طويلة الأجل التي تلحق بالنظم الأيكولوجية والتنوع البيولوجي المحلي، في وقت تعتبر البلدان العربية من أقل الدول مساهمة في إجمالي الانبعاثات المسببة لتغير المناخ، ومع ذلك فإن احتياجاتها التمويلية كبيرة إذ تواجه العديد من البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل في المنطقة ضغوطاً تضخمية وديوناً متزايدة.

وفي ملتقى الطاقة العربي، اجتمعت سداوي مع عدة متخصصين للتحاور ونقاش موضوعات تتعلق بكيفية استفادة المنطقة العربية من البيئة العالمية الحالية لتطوير صناعاتها الاستخراجية، خصوصاً استكشاف واستخراج المواد الخام اللازمة لمنظومة التحول في الطاقة، علاوة على مناقشة كيفية فهم الرسائل المتضاربة من البلدان الأعضاء الرئيسية في وكالة الطاقة الدولية وفي منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) بشأن استثمارات النفط والغاز في بلدانهم، وكيف سيؤثر توجه دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي لوضع سقف لسعر صادرات النفط الخام الروسي على السوق العالمي.

تغير المناخ

وعن نتائج مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة للتغيّر المناخي في شرم الشيخ بدورته الـ 27 (كوب 27) وآثارها على المنطقة، قالت د. سداوي، إن التركيز هذا العام انصب في هذه الدورة على الانتقال من التعهدات والالتزامات إلى التنفيذ، ومع ذلك، ووفق الآليات المتبعة الآن، تظل الأحكام الخاصة بتمويل المناخ غير كافية للاستجابة بشكل صحيح للتحديات.

وذكرت أن عدداً قليلاً فقط من الدول العربية يستفيد حالياً من صناديق المناخ والتمويل الأخضر، وأن المجتمع العالمي، بما في ذلك بنوك التنمية المتعددة الأطراف، يحتاج إلى ضمان وصول البلدان النامية إلى هذه الأشكال من التمويل، لاسيما المنح والقروض الميسرة بسهولة ويسر لضمان عدم تخلف أحد عن الركب. وبينت أنه إضافة إلى ذلك، لدى بعض الدول العربية خطط لتطوير الطاقات المتجددة بشكل عام وأنواع وقود الهيدروجين النظيفة أو منخفضة الكربون للتصدير كجزء من خطط الانتقال في مجال الطاقة، إذ تسعى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب وغيرها إلى تنفيذ خطط طموحة لتصبح مصدّرة رئيسية لهذا الوقود النظيف إلى أوروبا وآسيا.

وأوضحت أن استضافة الدورتين السابعة والعشرين والثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (كوب) في المنطقة يعتبر إشارة واضحة لأهمية المشاركة في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، وينبغي تبني منهج حقوق الإنسان لضمان تمثيل الأفراد والفئات غير المحصنة والمهمشة، كما أن التغيرات التحويلية والمنهجية ضرورية لدفع الجهود لمعالجة تغيرالمناخ مع مراعاة النوع الاجتماعي والاندماج اللذين سيؤديان في النهاية إلى السلام والاستقرار.

مرونة تأقلم العالم



من جهته، قال عضو مجلس الأمناء في الكلية الأسترالية د. أسامة الجمالي، إن الحرب في أوكرانيا كان لها آثار بالغة على الاقتصاد العالمي، واختبرت مرة أخرى مرونة تأقلم دول العالم المختلفة بعد سنوات قليلة فقط من هجمة جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، كما سلطت الحرب الضوء على الجغرافيا السياسية العالمية الجديدة للطاقة لتكمل حركة العوامل الجيوسياسية الحالية في المنطقة العربية مع تأثير فوري على أسعار الطاقة والسلع الأولية، وليس فقط النفط والغاز إذ وصل خام برنت مؤقتاً إلى 140 دولاراً للبرميل، وتجاوز سعر الغاز 70 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وأدى ارتفاع أسعار المواد الخام الى زيادة تكاليف الطاقة المتجددة، فباتت دول العالم تواجه التحديات والمقايضات.

وأضاف الجمالي أن ارتفاع أسعار الطاقة له آثار متفاوتة، إذ تتحمل الدول المستوردة لها ضغوطاً مالية عالية مقارنة بالدول المصدرة التي كانت في حالة صراع من خلال ارتفاع معدلات التضخم لكن ارتفاع عائدات صادراتها جعلها في وضع مالي أفضل.

وأوضح أنه كان لانقطاع سلاسل الإمداد آثار مضاعفة على القطاعات الأخرى، لاسيما السلع الزراعية، مما هدد الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن يكون التضخم عام 2022 مصدر قلق لمعظم البلدان، لا سيما للبلدان المنخفضة الدخل والأقل نمواً التي تتحمل بالفعل أعباء ديونها. وذكر أنه استجابة لذلك، تقوم العديد من البلدان بمراجعة استراتيجيات الطاقة الخاصة بها، مع التركيز بشكل أكبر على أمن الطاقة واستدامتها، وفي هذا الصدد، يقدر صندوق النقد الدولي أن دعم الطاقة وحده يمكن أن يصل إلى 22 مليار دولار للبلدان العربية المستوردة للنفط في العام 2022، وستؤثر هذه التطورات والشكوك على مسار الانتقال في مجال الطاقة العالمي، التي بدورها قد تخلق تحديات أخرى أمام تحقيق اهداف التنمية المستدامة وأهداف صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050.

وناقش كل من مهندسة تطوير الأعمال في أكواباور- الرياض م. سارة الحارثي والأمين العام في المنتدى العربي للبيئة والتنمية د. نجيب صعب والمدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي سابقاً د. عدنان شهاب الدين في جلسة نقاشية أولويات المنطقة العربية في مجال الطاقة، وأن المنطقة العربية شهدت بالفعل ارتفاعاً في متوسط درجات الحرارة بمقدار درجتين في بعض الأجزاء، ومن المتوقع أن تشهد زيادة أعلى في المستقبل، ونوع الشراكات التي يجب تعزيزها في التجمعات العالمية الكبرى، واجتذاب المنطقة العربية حجم تمويل لغرض التخفيف يعادل ثلاثة أضعاف ما تلقته لغرض التأقلم مع التغير المناخي، ودرجات المافسة والتكامل بين خاصيتي التكيف والتأقلم.

كما تمت مناقشة كيف يمكن للحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين ضمان ألا يستمر أكثر الفئات ضعفاً في المعاناة بشكل غير متناسب من آثار تغير المناخ، وإلى أي مدى تلبي خطط تطوير وتصدير الطاقات المتجددة والهيدروجين النظيف لدى قليل من البلدان العربية أهدافها المعلنة بشأن الانبعاثات، وهل جهود تنمية تلك الطاقات مكملة لتنمية الصناعة الاستخراجي في المنقطة أم أنها تمثل تحدياً.

صادرات الطاقة

في ختام الملتقى، قالت الرئيسة والمديرة التنفيذية في أويل سيرف م. سارة أكبر، إن صادرات الطاقة من المنطقة العربية تجاوزت 300 مليار دولار في عام 2020، وستستفيد اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، على سبيل المثال، من ارتفاع أسعار النفط، بينما يتوقع أن تنمو دول أخرى لا سيما البلدان المستوردة الصافية بوتيرة أبطأ من توقعات ما قبل الأزمة.

وأضافت أكبر أنه على وجه الخصوص، من المرجح أن تخسر البلدان المتوسطة الدخل 2.3 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي المتوقع عام 2022، وستخسر المنطقة العربية بشكل عام 11 مليار دولار في 2022 و16.9ملياراً في 2023.

back to top