ضحايا العدالة الدولية في رقبة من؟

نشر في 23-08-2024
آخر تحديث 22-08-2024 | 18:11
 محمد خالد

كل شيء في هذا الكون استطاع الإنسان التحكم فيه أخضعه لموازينه الخاصة، وتلاعب بتكوينات عناصره وفقاً لاتجاه مصلحته، فاختلت كل المعايير بما فيها معيار العدالة فتأرجحت كفَّتاها صعوداً وهبوطاً، وأصبح من الصعب أن تلتقيا على خط مستقيم!

وتمثل العدالة الدولية النموذج الأكبر لاختلال ميزان الأحكام البشرية وعدم نزاهتها، فالعدالة الدولية تخضع لتقديرات كبار هذا العالم، فهم يحددون متى يتم تطبيقها على الفور، ومتى يتم إرجاؤها إلى حين، ومتى يضرب بأحكامها عرض الحائط!

ولأن مصير العالم يخضع لموازين القوى التي تتحكم فيه، فلا سبيل للكيانات الأخرى مجتمعة من غير هؤلاء أن تفرض كلمتها أو تحقق مصالحها، فقد أوكلت أمرها طوعاً أو كرهاً وسلمت زمام أمورها لكبار الأرض وارتضت بأحكامهم، فأصبح هؤلاء الكبار يشكلون المصائر ويوزعون الأرزاق بحسب الحالة، فالنعيم للأصدقاء والحلفاء، والشقاء والفناء للمتمردين والمغضوب عليهم والضالين عن الطريق المراد.

وأستذكر في هذا الموضوع حديثاً لمسؤول سابق في إحدى الدول العربية يقول، إنه عرض على رئيس الدولة فكرة مشروع لتحقيق الكفاية الذاتية من القمح ووقف استيراده من الخارج في غضون 5 سنوات، وقال ذلك المسؤول إن الرئيس تحمس للمشروع، وبدأ الترتيب الفعلي لوضعه على خط التنفيذ، إلا أن ذلك المسؤول تلقى اتصالاً مباشراً من الرئيس مرة أخرى يأمره بإلغاء المشروع، لأن « الأمريكان مش عايزين»!

وبسبب تلك الأوضاع فإن جميع من يجيد قراءة الأوضاع العالمية على حقيقتها بعيداً عن التوجيهات الإعلامية النافذة والمهيمنة على العقول، يتفقون على أن توجه محكمة العدل الدولية لإصدار مذكرات اعتقال لرؤوس الإجرام الصهيوني الذين ارتكبوا واحدة من أكبر المذابح في تاريخ البشرية الحديث تجاه شعب أعزل هو ضرب من المغامرة غير محسوبة العواقب على المحكمة ذاتها، والتي قد تجر عليها تبعات قد تصل إلى تعديل نظامها لإضفاء مزيد من المرونة على ميزان العدالة العالمي، ولتحقيق مزيد من الانضباط الذي يضمن تحقيق العدالة وفقاً لرؤية وتقدير كبار الأرض.

back to top