المادة 19 والوافدون بين التنظيم والتحديات
تتولى وزارة الداخلية دوراً محورياً في تنظيم دخول الوافدين وتقنين أوضاعهم القانونية، حيث تُعد قراراتها في هذا الشأن مؤشراً هاماً على توجهات الدولة، فمن خلال منح الإقامات والتأشيرات، تسهم الوزارة في تحديد التركيبة السكانية للبلاد وتوجيه سوق العمل، ولا يقتصر تأثير هذه القرارات على الداخل فحسب، بل يمتد ليشمل العلاقات الدولية، حيث يعكس مدى انفتاح الدولة على العالم ورغبتها في استقطاب الكفاءات والاستثمارات الأجنبية.
وفي إطار جهودها لتنظيم سوق العمل، سعت الوزارة إلى تصحيح وضع العمالة الوافدة من خلال تطبيق المادة 19 من قانون الإقامة، والتي تُلزم المستثمرين الأجانب بالحصول على إقامة خاصة بهم، بدلاً من العمل تحت مظلة المادة 18 المخصصة للموظفين بأجر، هذا التعديل يهدف إلى تحقيق عدالة أكبر في سوق العمل، حيث كان المستثمرون الأجانب في السابق يتمتعون بامتيازات الموظفين، في حين أنهم في الواقع أصحاب عمل يديرون شركات ويحققون أرباحا.
وعلى الرغم من أهمية هذا التعديل، فإن تطبيقه العملي يواجه تحديات كثيرة، أبرزها اشتراط حصول الوافد على ترخيص تجاري تتجاوز قيمته 100 ألف دينار، وهذا الشرط يعد تعجيزياً للكثيرين، خاصة أن معظم الأنشطة في البلاد تتمثل في مشاريع صغيرة وخدمية لا يتجاوز استثمار الوافدين بها في أحسن الأحوال 50 ألف دينار، وهذا الأمر يجعل الإقامة بموجب المادة 19 مقتصرة على فئة محدودة، في حين أنه يمكن التوسع في تطبيقها والاستفادة من انتشارها بين المستثمرين الأجانب في الكويت وتقنين أوضاعهم.
إن التوسع في منح الإقامة بموجب المادة 19 لتشمل شريحة أكبر من الوافدين أصحاب التراخيص التجارية، بغض النظر عن قيمة استثماراتهم، من شأنه أن يحقق فوائد متعددة، من بينها زيادة الإيرادات الحكوaمية من خلال الرسوم التي يتم تحصيلها عند منح الإقامة وتجديدها، وتحسين الوضع القانوني للوافدين، وتقليل حالات العمل غير القانوني، إضافة إلى ذلك يعزز هذا التوسع الشفافية والرقابة على أنشطة المستثمرين الأجانب، ويشجع الاستثمار الأجنبي، مما يجذب المزيد من رؤوس الأموال إلى البلاد.