ماذا نخسر إذا اختفى «تويتر»؟

نشر في 07-12-2022
آخر تحديث 06-12-2022 | 20:56
 فوراين بوليسي في الولايات المتحدة، قد توحي الأخبار اليومية عن تراجع قوة «تويتر» أو احتمال إقفاله بأن الأيام الكارثية الأولى التي تَلَت شراء إيلون ماسك لشركة التواصل الاجتماعي الضخمة هي قصة أميركية نموذجية بشكل عام. كان موقع «تويتر»، رغم جميع شوائبه، أداة قوية لإعطاء طابع ديموقراطي للمعلومات على مر الجيل السابق.

ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي عموماً، وموقع «تويتر» خصوصاً، في تدمير نظام المعلومات القديم، فهي وسّعت نطاق الاقتراحات المعروضة أمامنا بدرجة كبيرة، وزادت تأثير الأفراد واللاعبين الأصغر حجماً في اقتصاد المعلومات، وعلى غرار أي أداة مؤثرة أخرى، ترافقت هذه القوة مع وفرة من المشاكل والسلبيات، لكن قبل التطرق إليها، يجب أن نُحدد أولاً حقيقة الكيان الذي يدمّره ماسك.

علّق الكثيرون على تدمير جميع أنواع الشبكات والجماعات البشرية، معتبرين أن «تويتر» يتعرّض للهجوم من الداخل، وإذا لم تكن التوقعات المرتبطة بزوال «تويتر» في مرحلة معينة سابقة لأوانها، فسأجد أنا شخصياً صعوبة هائلة في متابعة عملي، وبما أنني صحافي ذو اهتمامات متنوعة، فإن ذلك يعني أن أواكب الأخبار في كل زاوية من إفريقيا وشمال شرق آسيا، وفي الأوساط التاريخية الأكاديمية في الولايات المتحدة، وفي قطاع النشر ومجالات أخرى كثيرة. بالإضافة إلى نطاق تأثير الموقع، سمح «تويتر» لأشخاص مثلي بانتقاء مصادرهم عبر متابعة شخصيات مثيرة للاهتمام وجديرة بالثقة نسبياً من حيث نوعية المعلومات التي تنشرها.

في الأيام الأخيرة، بدأتُ أختبر عدداً من بدائل «تويتر» الجديدة مثل Post.News، لكن مهما بدت هذه المنصات واعدة، فستكون إعادة بناء المخزون الذي جمعه ملايين المستخدمين بعد سنوات من استعمال «تويتر» بحذر مهمة صعبة، أو حتى مستحيلة على الأرجح.



إذا اعتبر القراء هذه الاعتبارات بسيطة نسبياً، تبرز طريقة أخرى لتقييم الأضرار الملحقة بموقع «تويتر»، وهي تختلف عن الطريقة الأميركية ضيّقة الأفق، وسيكون تدمير «تويتر» كارثة جيوسياسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة والعالم الديموقراطي بشكل عام، ويبدو أن ماسك يغفل عن هذه المجازفات الخطيرة لأنه يفهم حرية التعبير بطريقة سطحية.

تشكّل الصين أبرز مجتمع استبدادي في العالم، لذا ردّت على «تويتر» ومواقع غربية أخرى للتواصل الاجتماعي عبر السماح بإقامة أحاديث خاضعة لرقابة مشددة عن مواضيع مسموح بها (أو غير ممنوعة على الأقل) على منصات مثل «ويبو»، فقد تبدو نظرة ماسك المطلقة إلى حرية التعبير معاكسة لهذا التوجه، لكنها تعكس فعلياً شكلاً من التنازل عن المسؤوليات والمنطق خدمةً لنزعته الأيديولوجية الشخصية.

سمح «تويتر» لفترة طويلة بنشر درجة معينة من حملات التضليل والأخبار الكاذبة على منصته، وكثرت مظاهر العدائية والتزييف والقباحة في بعض الأوساط. لكن بذلت الشركة جهوداً هائلة أيضاً لإبقاء الأمور تحت السيطرة وتفعيل معاييرها، ومن خلال السماح بنشر جميع أنواع المواد تقريباً على «تويتر»، مهما كانت مؤذية، أو خاطئة، أو غير مسؤولة، أو حتى مثيرة للكراهية، سيدمّر ماسك حرية التعبير بحجّة إنقاذها عبر تجريد «وحدة الثقة والأمان» في المنصة من صلاحياتها.

إذا استمرت هذه الظروف، فسنصل إلى وضعٍ تثبت فيه البلدان الديموقراطية أنها أقل قدرة من الأنظمة الاستبدادية على التعامل مع أشكال التواصل غير المقيّدة وتقاسم المعلومات عالمياً.

تتعلق هزيمة حرية التعبير الحقيقية بهذا الوضع تحديداً، لا برؤية ماسك السطحية والعقيمة، ولن يُسَرّ أحد بما يحصل بقدر الحكام المستبدين، باعتبارهم من ألدّ أعداء حرية التعبير، وإذا أصغينا بإمعان، فقد نسمعهم وهم يحتفلون بما آلت إليه الأمور منذ الآن.

* هاورد فرانش

back to top