مناشدة إلى وزيري المالية والمواصلات: أعيدا لنا أسطولنا الثالث!
نسمع بين الفينة والأخرى أنّ حكومتنا الرشيدة تحث وزراءها المعنيين على سرعة إنجاز المشاريع الحيوية لكي تعيد البلاد إلى ما كانت عليه درة للخليج بعد عقود عجاف شهدت خلالها الكويت تراجعاً فلكياً في كل الميادين، وذلك بسبب سوء استخدامنا للديموقراطية التي كادت تودي بالبلاد وأهلها.
ويأتي ميناء مبارك الكبير على رأس هذه المشاريع العملاقة، إلا أن الواقع قد يصيبنا بالإحباط إذا ما علمنا أن هذا الميناء قد ولِدَ ميتاً وللأسف، والسبب في ذلك يعود الى افتقار البلاد حالياً إلى خط ملاحي وطني يخدم هذا المشروع ويتباهى به، فكلنا يعلم أن الكويت التي كانت رائدة في هذا المجال حتى منتصف القرن الماضي وبالتحديد في 1/7/1976م من خلال شركة الملاحة الكويتية التي ضحت بها البلاد من أجل إنشاء ما كانت تسمى «شركة الملاحة العربية المتحدة» التي تأسست من خمسٍ من الدول الخليجية بالإضافة إلى العراق، وبنظام أساسي نص صراحة على أن تكون الكويت هي المقر الرئيس والدائم لها، ولكن وبسبب سوء إدارة هذا المشروع الخليجي وعدم احترامه لنظامه الأساسي فقد تم هروبه إلى دبي بحجة التسهيلات وما أدراك ما التسهيلات مع مطلع هذا القرن؟!
وقامت بتأجير مقرها الرئيس إلى آخرين رغم عائديته الى إدارة أملاك الدولة التابعة للهيئة العامة للاستثمار، وبعد سنوات من تخبط إدارة هذه الشركة الطارئة في عمليات التشغيل وتراكم خسائرها ورهن كل أسطولها الحديث منه والقديم، حتى أعلنت إفلاسها وبيعها خردة لأكبر منافسيها حينذاك وهي شركة (هباك لويدز) الألمانية، ولما كنت أحد مسؤولي هذه الشركة منذ تأسيسها إلى ما قبل هروبها فقد كتبت مقالاً عقب إسدال الستار عليها وكان تحت عنوان «وللألمان في أملاك دولتنا نصيب»، ورغم محاولاتي الحثيثة مع العديد من المسؤولين ذوي الشأن لوقف هذا الوضع الشاذ الذي ما زال قائماً فإنني لم أجد من يحرك ساكناً كي يعيد للبلاد حقها الضائع.
وأمام ما تقدم فإنني أهيب بالأخوين وزيري المواصلات والمالية بالتنسيق فيما بينهما لاتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة إنشاء خط ملاحي وطني كبنية تحتية عملاقة تجعل البلاد وأهلها في منأى عن احتكار شركات النقل الأجنبية وبمشاركة القطاع الخاص المتعطش لهذا المشروع لأننا بلد يستورد كل ما يحتاجه في قطاعيه الخاص والعام.
وإذا كانت البلاد قد عملت جاهدة لإنقاذ ودعم الطائر الأزرق وجعلته في المظهر اللائق أمام منافساته من شركات الطيران العالمية، وكذلك دعمها المتواصل لأسطول ناقلات النفط الكويتية فحريّ بنا أن نعيد للبلاد ريادتها وأمجاد أسطولها التجاري البحري الذي كان يمخر عباب كل بحار العالم ومحيطاته.
أضف إلى ذلك فإن مثل هذا الصرح الاقتصادي سيفتح آفاق العمل لشبابنا الكويتيين الذين يفتقرون إلى هذا النشاط وهم أبناء البحر الذين عرفوا أسراره ونهلوا من تراثه، فهل سيلقى نداؤنا هذا حرص المسؤولين واهتمامهم وحماسهم لإعادة إنشاء هذا الصرح الغائب والحفاظ عليه من أي مغامرة أخرى؟