«التمييز»: خروج الأشخاص أثناء حظر «كورونا» لا يبرر لرجال الأمن تفتيشهم

• المحكمة أكدت أن القبض عليهم باطل ويتصف بالتعسف لمخالفته الإجراءات
• اعتبرت أن مشاهدة رجل الأمن أكياساً بها مادة بيضاء مع مواطنَين لا تثبت التلبُّس

نشر في 06-12-2022
آخر تحديث 06-12-2022 | 01:28
متهم خلف القضبان
متهم خلف القضبان
أكدت محكمة التمييز الجزائية، برئاسة المستشار عبدالله جاسم العبدالله، عدم أحقية ضباط الأمن في ضبط متهمَين بقضايا التعاطي، لأن المخالفات المنسوبة إليهما تتعلق بتجاوزهما قرارات الحظر التي أصدرتها السلطات العامة خلال جائحة كورونا.
قالت محكمة التمييز إن ضبط متهميْن على سند مخالفتهما قرارات الحظر ليس مبرراً للقبض عليهما وتفتيشهما، ولا يبرر وجود حالة التلبس، كما أن مجرد مشاهدة الضابط لكيسين بداخلهما مادة بيضاء ليس مبرراً للقبض عليهما.

وتتحصل وقائع القضية التي نظرتها «التمييز» أنه من حيث أن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى في قوله: «انه بتاريخ 1/7/2020 أثناء تواجد رقيب بوزارة الداخلية بنقطة تفتيش أمنية بمنطقة سعد العبدالله حضرت اليه مركبة تقودها المتهمة الأولى رفقة المتهم الثاني أثناء وقت حظر التجول، ولم يكن أي منهما يحمل ترخيصاً بالخروج، وكانا بحالة غير طبيعية، وطلب منهما النزول من المركبة، وأثناء ذلك شاهد بين المقعدين الأماميين علبة بداخلها كيسان فيهما مادة بيضاء يشتبه فيها، وبمواجهة المتهمين أقرا بأن المضبوطات تخصهما بقصد التعاطي».

وقضت محكمة أول درجة بحبسهما بالسجن 3 سنوات، وغرامة 3 آلاف دينار.

الحكم الابتدائي

وقالت «التمييز» في حكمها: لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة كما حصلها الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه لا تنبئ عن أن جريمتي حيازة مادتين مؤثرتين عقليا بقصد التعاطي، وقيادة مركبة آلية تحت تأثيرهما اللتين أدينت بهما الطاعنة كانتا في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في القانون، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم لا يسوغ به اطراح دفع الطاعنة ببطلان تفتيش مركبتها، ذلك بأنه ولئن كانت الحالة التي شوهدت عليها الطاعنة وهي تقود سيارتها في وقت الحظر مخترقة حظر التجوال المفروض ساعة مشاهدتها تجيز لرجل الشرطة استيقافها والقبض عليها، وتحرير المحضر اللازم، الا انه يتعين عليه ان يقف عند هذا الحد، لأنه إن كان من المقرر انه حيث يجوز القبض يجوز التفتيش الذي يأتي تبعا له إلا أن شرط ذلك ان يكون التفتيش التالي للقبض له ما يبرره، والا كان متصفا بالتعسف بما يبطله، وكان تفتيش مركبة الطاعنة لمخالفتها حظر التجوال على النحو السالف بيانه لا يستهدف البحث عن دليل على قيام هذه الجريمة، وإنما للبحث عن جريمة أخرى غير متصلة بها، وهي حيازة مؤثر عقلي، وان مجرد مشاهدة ضابط الواقعة علبة بداخلها كيسان بداخلهما مادة بيضاء بين مقعدي السيارة الأماميين على نحو ما جاء بأقواله - مما حدا به الى تفتيش المركبة وضبط هذه المتعلقات، ليس من شأنه الزعم بتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع جريمتي حيازة مادتين مؤثرتين عقليا بقصد التعاطي، وقيادة مركبة آلية تحت تأثيرهما، كما لا تقوم به حالة الجريمة المشهودة التي تبيح لرجل الشرطة تفتيش السيارة بغير إذن من النيابة العامة او تتوافر به الأدلة القوية على الاتهام بجناية، خصوصا أن رجل الشرطة لم يبين كيف علم من خلال مجرد نظره للعلبة التي تحتوي على الكيسين المشار اليهما انهما يحتويان على مؤثر عقلي، وتبين كنههما اذا لم يكن قد قام بتفحصهما، ولم يبين سبب اشتباهه فيهما، كما انه لا يجوز له أن يمد بصره الى داخل تلك العلبة لاستكناه كنه ما تحتويه من مواد غير ظاهرة له، ومن ثم يكون هذا الإجراء قد وقع باطلا، ولما كانت القاعدة في القانون ان ما بُني على باطل فهو باطل، فإن هذا البطلان يستطيل الى الدليل المستمد من هذه الإجراءات والمتمثل في اقوال ضابط الواقعة، فلا يعتد بشهادته عما أجراه من إجراءات باطلة، وما أسفرت عنه تلك الإجراءات من تحليل العينة المأخوذة من بول الطاعنة، لأن كل ذلك متفرع عن قبض وتفتيش باطلين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا فوق قصوره في التسبيب بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى بما يوجب تمييزه بشأن ما نسب للطاعنة وللمحكوم عليه الآخر الذي كان طرفا في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فبه ولو لم يطعن عليه بالتمييز، وذلك لاتصال الوجه الذي بني عليه التمييز به، ولحسن سير العدالة، ودون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن المقدمة من الطاعنة، ومن حيث ان استئناف المتهمين صالح للفصل فيه.

لا يعتد بشهادة رجل الأمن على ما اتخذه من إجراءات باطلة



بطلان التفتيش



وقالت المحكمة: ومن حيث انه بتحقيقات النيابة العامة، وبجلسات المحاكمة أنكر المتهمان المستأنفان التهم المنسوبة إليهما، وقام دفاعهما على بطلان القبض والتفتيش الواقعين عليهما لانتفاء حالة التلبس.

وأضافت: من حيث انه عن موضوع استئناف المتهمين بالنسبة لجريمة حيازة مادتين مؤثرتين عقليا بقصد التعاطي موضوع التهمة الأولى، وجريمة قيادة مركبة آلية تحت تأثيرهما موضوع التهمة الثالثة والمسندة للمتهمة الأولى، فإن هذه المحكمة قد انتهت - فيما تقدم - إلى بطلان تفتيش مركبة المستأنفة الأولى لافتقاده سنده القانوني، وكان من المقرر أن بطلان التفتيش مقتضاه قانونا عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه أو متصلاً أو متفرعاً عنه،

المحكمة برّأت مواطنة ومواطناً من تُهم تعاطي المخدرات

باعتبار أن ما بُني على باطل فهو باطل، ولما كان ذلك، وكانت أدلة الثبوت التي ركنت اليها النيابة العامة في إسناد الاتهام الى المتهمين، وعول عليها الحكم المستأنف في إدانتهما عن هاتين التهمتين، وأخصها شهادة ضابط الواقعة، وما أسفر عنه تفتيش مركبة المتهمة الأولى، وتحليل عينة بولها، والمتهم الآخر دون إقرار لاحق منهما بتناولهما المؤثر العقلي أو ضبطه معهما، هي أدلة باطلة ترتبت على إجراءات التفتيش الباطلة واتصلت بها، ولولاها ما وجدت، ومن ثم تلتفت عنها المحكمة، ولا تعول عليها، وكانت الأوراق من بعد قد خلت من دليل صحيح على صحة إسناد الاتهام الى المتهمين سوى هذه الأدلة التي خلصت المحكمة الى بطلانها، وعدم مشروعيتها.

وذكرت: وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، وجرى قضاؤه على صحة إجراءات القبض والتفتيش بالنسبة للمتهمين، وما أسفرت عنه من ادلة، وعول عليها في إدانتهما، فإنه يتعين القضاء بإلغائه، وببراءة المتهمين مما نسب اليهما بشأن التهمة الأولى، وبراءة المتهمة الأولى مما نسب اليها أيضا بشأن التهمة الثالثة المسندة اليها، مع مصادرة المضبوطات.

خرق الحظر

وعن موضوع استئناف المتهمين بالنسبة لجريمة خرق حظر التجوال موضوع التهمة الثانية، لفتت المحكمة إلى أن الحكم المستأنف، بعد أن أحاط بواقعة الدعوى بشأن تلك الجريمة عن بصر وبصيرة، انتهى الى إدانة المتهمين عنها، وذلك للاسباب السائغة التي بني عليها بشأنها وجاءت متساندة، وتؤدي الى ما رتبه الحكم عليها، والتي تقره عليها هذه المحكمة وتعتمدها، وتأخذ بها أسبابا لحكمها، ذلك ان هذه التهمة قد صحت نسبتها إلى المتهمين، وتكاملت عناصرها القانونية على النحو الذي جرت عليه أسباب الحكم المستأنف أخذاً بأقوال ضابط الواقعة بشأنها، فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهمين في الزمان والمكان المبينين بتقرير الاتهام تواجدا بالطريق العام، وتجولا بسيارة الأولى في غير الأحوال المصرح بها، وبالمخالفة للقوانين والقرارات الوزارية الصادرة بحظر حركة المرور والتجول في جميع أنحاء البلاد للوقاية من خطر انتشار وباء الاصابة بفيروس كورونا، بما يتعين معه عقاب المتهمين وفق المادتين15/1-2-2-6، 17/2 من القانون رقم 8 لسنة 1969 بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية والمعدل بالقانون رقم 406 لسنة 2020، والجدول الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 83 لسنة 2020، وكان المتهمان المستأنفان لم يأت كلاهما بما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى بشأن تلك التهمة المسندة اليهما، فإن المحكمة تقضي برفض استئنافهما، وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به عليهما من غرامة عن تهمة خرق حظر التجوال.

back to top