افتتاحية: تعليمنا الهزلي وتجربة قطر والإمارات
لأن جسد التعليم أضحى منهكاً إلى حد الاقتراب من الموت، بسبب ما تجمَّع عليه من فيروسات الغش والترضيات وسيطرة الأيديولوجيات السياسية والحزبية، ومحاولة التكسب الفج للسيطرة على عقول النشء...
لأننا بتنا في ذيل الأمم تعليمياً وعملياً وتربوياً بعدما صارت مناهجنا فتاتاً لا تسمن ولا تغني من جوع، ضاربين عرض الحائط بما يمكن أن تجنيه الكويت من ثروتها البشرية...
لأننا أنفقنا ما يتجاوز 20 عاماً نراوح مكاننا - إن لم نكن نتراجع إلى الخلف - عبر محتوى ومنهج تعليمي أثبتا فشلهما وأخرجا لنا جيلاً في معظمه سيئ التعليم والسلوك والتربية وأحياناً الانتماء أيضاً...
لأننا مررنا بمرحلة طويلة مخجلة تلاعب فيها النواب بالوزراء الضعفاء لأهداف خدماتية وأيديولوجية حتى انتهت بنا رحلة الاستهانة والتخريب والفساد إلى تعليم بين الأعلى إنفاقاً في العالم بنحو 2.5 مليار دينار سنوياً، لكنه في القاع أو أدنى قليلاً من ناحية الإنتاجية والعائد...
لأن تعليمنا في الستينيات والسبعينيات – وهذا من المضحك المبكي – كان أفضل حالاً وأعلى عائداً من العبث والهراء اللذين تشهدهما مسرحية التعليم الهزلية الحالية...
لأننا جربنا كثيراً من سيول اللجان العبثية والمقترحات الخزعبلية والاستعانة بالبنك الدولي الذي زاد الدَّين بلة وأضاع المليارات من الدولارات والدنانير ليسهم في ضياع كثير من الأجيال...
بسبب كل هذا الذي جربناه ومازلنا نعاني ويلاته ومراراته وغصصه، وفي موازاة ما تشهده دول الخليج الشقيقة ولاسيما قطر والإمارات من نهضة علمية وتعليمية يشهد بها العالم... لهذا كله ولكي لا نكرر تجربة العشرين عاماً التي خضناها بلا طائل سوى العجز والفشل، ولاختصار الوقت والبدء من حيث انتهت إليه هاتان الدولتان الشقيقتان ما المانع لو أننا استعنَّا بهما وبمناهجهما المتطورة وسرنا على نفس الطريق الذي سارتا عليه، خصوصاً أن أشقاءنا الخليجيين لم يترددوا سابقاً في طلب الاستعانة بقدراتنا ذات زمان مشرق حيث أمددناهم بخبرات ساعدتهم في النهوض والحداثة، واليوم علينا كذلك ألا نتردد نحن في طلب المساعدة منهم...
ليس بعيب أن تستعين الكويت بخبرات الأشقاء ما دمنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لكن العيب كل العيب أن نبقى نشاهد ضياع الأجيال وانهيار التعليم وتداعي الأمل القادم أمام عيوننا دون أن نفعل شيئاً.
