حسين يفكر: من سيربح المليون؟

على مر السنين تابعنا بترقب بدء حلقات مشوقة من برنامج المسابقات الشهير «من سيربح المليون»، هذا البرنامج الذي حقق نجاحًا هائلاً في العالم العربي، وأصبح واحداً من أهم برامج المسابقات التلفزيونية في تاريخ التلفزيون، إلا أن رأي د.نجم عبدالكريم المعد للبرنامج، كان مختلفا تماما، حيث اعتبره «خطيئة فكرية بحق الثقافة» يجب التكفير عنها.

وتكمن وجهة نظر د.نجم في أن هذا النوع من المسابقات يعزز السطحية الثقافية دون الغوص في أعماقها، مما يكشف عن الضحالة الثقافية التي يعانيها المشاركون في البرنامج، وكونه أحد أبرز أعلام الأدب العربي والفخر الكويتي، يسعى د.نجم دائماً لمواكبة التطور الحضاري والثقافي للبلاد، فقد أمضى عمره في التنقل بين حقول الثقافة، والإعلام، والكتابة، ناهيك عن دوره المهم في المسرح والسينما والصحافة، فهو من أهم رواد الإعلام في الكويت والوطن العربي.

حين تطالع أعماله تجد نفسك أمام نابغة أدبية فريدة، متشبعة بالثقافة المتنوعة، تجعلك تقف مبهوراً أمام ينابيع المعرفة التي تتدفق منه والتي تثريك ثقافياً وأدبياً، وهذا ليس بعيداً عنه، فلقاؤه بالعديد من رواد النهضة والحداثة العربية كطه حسين، ومصطفى العقاد، ونيلسون مانديلا، أضافت له حصيلة أدبية وفكرية هائلة.

فمنذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، وقف خلف الميكروفون متقناً شتى أنواع الفن الإعلامي، فأبدع بالإعداد، والتقديم والإخراج، عدا عن كونه محاوراً مثقفاً وكاتباً للبرامج، أسس فرقة المسرح العربي، وأخرج مسرحية «بني صامت» عام 1975.

في أوائل التسعينيات أنشأ «إذاعة كل العرب»، كما أدى دور شخصية الدكتور «عرفان» في الفيلم الكرتوني «الرجل الحديدي» الذي لا يزال عالقًا في أذهان الأطفال آنذاك، مساهماً في تنشئة جيل محب للعلم، دؤوب على الثقافة.

صاحب قلم حر، لم يتوانَ عن كتابة آرائه السياسية في كبرى الصحف العربية والعالمية، مدافعاً عن مبادئه ومعلنا محاربة شتى أنواع الظلم والدكتاتورية، حتى إن جلب ذلك غضب الكثيرين منه، كما كان له مواقف بطولية مشرفة في مواجهة غزو العراق للكويت، فوقف بكل شجاعة محاربا ومتصديا له بقلمه الحر، وإثر ذلك تعرض لمضايقات من حزب البعث مما اضطره لمغادرة وطنه الحبيب الكويت.

شغفه بالأدب وحياة الأدباء ألهمه في الكتابة، فخرج إلى النور كتابه «أدباء من العالم.. غرائب مأساوية- سير وحكايات»، يروي فيه أسراراً من حياة العباقرة والعظماء، والظروف التي صنعت منهم أشخاصا خلدهم التاريخ، كما جمع لقاءاته الإعلامية مع عمالقة الفكر والأدب والفن والسياسة في كتاب بعنوان «شخصيات عرفتها وحاورتها»، الذي يتكون من جزأين، مدونا فيه مسيرته الإعلامية.

بلا شك، نحن أمام شخصية عربية مميزة ستظل حاضرة في الأذهان، ترك بصمة خالدة في الساحة الثقافية والفكرية.