غزة العزة مسقط رأس الإمام الشافعي

غزة العزة علمت الجميع، عرباً كانوا أو مسلمين أو العالم كله، معنى الصمود والتضحية والعقيدة القوية والثابتة، فقد مر على قطاع غزة العديد من المارقين والغازين، لكن الصهاينة الحاليين برهنوا للعالم كله كمية الشر والحقد الذي يكنونه لمن يختلف معهم أقل اختلاف أي للإنسانية جمعاء.

نحن نفاجأ يومياً بكمية الحقد والكراهية والإجرام لدرجة يصعب تصديقها مع أننا نراها أمام أعيننا يومياً، عندما شرد أهل فلسطين قبل نكبة 1948 لم يكن هناك وسائل تواصل اجتماعي، لكن ما نشهده الآن ورغم الألم والمعاناة التي نشهدها في كل دقيقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يحرك شعور الساسة في العالم، ورغم ما يتسبب به القاصي والداني من أذية للقضية الفلسطينية فإن صمود غزة وأهلها قد أذهل العالم، ناهيك عن صمود المقاومة الذي قلب موازين القوى لمصلحتها رغم الثمن الإنساني الباهظ.

غزة، هذا القطاع الصغير الذي عاش سنين طويلة تحت معاناة الاحتلال والحصار والانقطاع عن العالم، أنشأ عالمه الخاص به، وفي هذه الأجواء برز بينهم أناس شجعان سلاحهم الوحيد هو الإيمان بالله وبالحق والعدالة، وعلى الرغم من الثمن الباهظ والمعاناة اللامتناهية، فإن غزة العزة علمتنا وعلمت العالم كله دروسا في الصبر والتحمل والتفاني أكثر من تحمل البشر.

قبر هاشم بن عبد مناف القرشي جد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، موجود في غزة، ولذا سميت بغزة هاشم، وقربها الجغرافي من الجزيرة العربية ومصر جعلها تنمو بعلاقة وطيدة معهما، عاشت وشهدت مرور العديدين عبرها، وكانت أول مدينة يفتحها المسلمون وبعدها كانت القدس.

شارع صلاح الدين هو الشارع الذي يمتد على طول هذا القطاع، ومنذ نكبة 1948 دفع الاحتلال الأهالي واللاجئين حتى غدا قطاع غزة مخيم لاجئين كبيرا، تاريخيا انطلق تحرير القدس عبر تحرير غزة وعسقلان وبعده، وقد عاش في غزة وولد فيها أهم الشعراء والعلماء وما الإمام الشافعي إلا واحد منهم، وهو من أهم علماء المسلمين ومؤسس المذهب الثالث بعد المذهبين الحنفي والمالكي، كانت غزة مسقط رأسه ومدفن ابنته آسيا، ولطالما حن إلى غزة فقال فيها:

وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى أَرْضِ غَزَّةٍ

وَإِنْ خَانَنِي بَعْدَ التَّفرُّقِ كِتْمَانِي

سَقَى اللّه أَرْضَاً لَوْ ظَفِرْتُ بِتُرْبَها

كَحَلْتُ بِهِ مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ أَجْفَانِي

هذا التاريخ العريق الذي دمرالاحتلال كل ما يشير إليه سيبقى يحدثنا عن هذه المدينة الجميلة وعن أهلها ذوي البأس الشديد.

* جامعة الكويت، كلية العلوم الاجتماعية