رحيل محمد يوسف العدساني بعد مسيرة حافلة بالإنجازات

• الرئيس الخامس لمجلس الأمة وأول وزراء «التخطيط» والمنادين بـ «التأمينات»

نشر في 30-11-2022
آخر تحديث 30-11-2022 | 22:29
غيّب الموت اليوم محمد يوسف العدساني، رحمه الله، تاركاً سيرة حافلة بالإنجازات التي تبقى خالدة في وجدان الوطن، فحياة الرجال صفحات لا يطويها الزمان. والفقيد من نواب مجلس 1967 الذين رفضوا المقعد واستقالوا، احتجاجاً على تزوير الانتخابات، فزهدوا في المقعد رغم فوزهم به. وبكل تجرد وأمانة حوّل فكرة إنشاء التأمينات الاجتماعية التي يقطف المجتمع إيجابياتها الآن إلى واقع، فكان الفاضل، مع مطلع الثمانينيات، أحد من طالبوا بها مشكوراً.

ولد الفقيد عام 1925، وتلقى تعليمه في المدارس الاهلية وهو في سن السادسة، ثم درس في المدارس النظامية كالمدرسة المباركية والمدرسة القبلية، وكان مولعاً بالقراءة ومتابعا للبرامج الاذاعية الثقافية منها والسياسية، حتى أصبح محيطا بما يدور حوله، وملما بالاحداث التي تقع بدول العالم، سافر وهو في ريعان الشباب إلى الهند للعمل بالتجارة إبان الحرب العالمية الثانية، ثم عاد إلى الكويت وهو في سن الثالثة والعشرين ليعمل مع والده في التجارة وفي نقل البضائع الى السعودية. وفي عام 1949، ومع أنه لم يكن معلماً يوماً ما، فقد ترأس نادي المعلمين الذي بدأ معه مسيرة منابر التثقيف التي أخذت بيد الكويت والولوج إلى عالم التمدين والتحديث من أوسع أبوابه.

ترأس نادي المعلمين عام 1949 وبدأ معه مسيرة منابر التثقيف... وعُيِّن أول وزير لحقيبة التخطيط في البلاد

وفي عام 1951، عين سكرتيرا لجمعية الارشاد الاسلامي التي أصبحت في ما بعد نواة لجمعية الاصلاح الاجتماعي التي أسست عام 1963، وفي عام 1959 تم تعيينه عضوا في الهيئة التنظيمية لادارة شؤون البلاد ورئيس جهاز يختص بعمل دائرة الارشاد (الاعلام حاليا) ثم اختير رئيسا لتقييم الجهاز الاداري في وزارة المالية والنفط في عام 1962.

المجلس البلدي

وللفقيد بصمة واضحة في المجلس البلدي، اذ جرت أول انتخابات لأعضاء المجلس بعد الاستقلال في شهر يونيو 1964، وتم انتخاب محمد العدساني رئيساً له، واستمر في تأدية أعماله إلى 19 مايو 1966 حيث صدر مرسوم بحل المجلس، ومما جاء في المرسوم عن أسباب الحل إعادة النظر في أحكام القانون رقم 11 لسنة 1964، وفي الأنظمة المتبعة في بلدية الكويت على أساس إصلاح ما يحتاج الى الإصلاح، وتعديل ما يتطلب الأمر تعديله، للقضاء على شكوى الجمهور، وللتمهيد للتوسع في الإدارة المحلية عن طريق الهيئات البلدية تمشيا مع أحكام الدستور في هذا الشأن. وكان رحمه الله كالسيف الحاد في حق الحقوق وفي الأخلاق والمعشر كرهافة الفراشة وهي تدنو صوب الزهرة لتتبادل حلاوة الرحيق. وكان منادياً بمقولة «الأمانة تذل عنق من يخونها، وترفع هامات من يحافظ عليها». وقد أرسى قواعد وأسساً ونظماً، كانت بلدية الكويت تحتاج لها آنذاك.

مجلس الأمة

ترشح، رحمه الله، عن الدائرة الرابعة (الشامية) لانتخابات الفصل التشريعي الاول عام 1963، ولم يفز وحل بالمركز السابع وحاز 483 صوتا، ولكنه فاز في انتخابات الفصل التشريعي الثاني عام 1967 عن الدائرة الخامسة (كيفان) ونال 1216 صوتا، ولكنه انسحب من المجلس متضامنا مع ستة من زملائه النواب محتجين ومتهمين الحكومة بتزوير الانتخابات.

عُين سكرتيراً لجمعية الإرشاد الإسلامي التي أصبحت فيما بعد نواة ل«لإصلاح الاجتماعي»

والمرة الثالثة التي ترشح فيها لانتخابات مجلس الامة كانت في الفصل التشريعي الخامس عام 1981، وفاز بعضوية المجلس عن الدائرة السابعة (كيفان) ونال 489 صوتا، كما انتخب رئيسا للمجلس للفصل التشريعي الخامس (1981-1985).

وشهدت هذه الفترة تحديات عصيبة على الكويت، أبرزها اندلاع الحرب العراقية - الايرانية، وأزمة المناخ التي عصفت بسوق الأسهم الكويتية، ولعل أبرز هذه التحديات أيضا أزمة «تنقيح الدستور» التي أشغلت الشعب الكويتي ما بين صولاتها وجولاتها بانتظار نتائجها، وحينما نجحت الحكومة والمنادون بالتنقيح من النواب بإحراز 37 صوتاً، رفع الفقيد جلسات المجلس لمدة أسبوع، ولكي لا يقر التنقيح ذهب، رحمه الله، ومعه نفر من النواب إلى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح آملين منه التدخل لمعالجة هذا الأمر بما يحفظ الدستور ومواده من التنقيح، ولم يخيب سموه رجاءهم، فأمر بسحب المشروع لتتجاوز البلاد أزمة سياسية محققة، وشهد هذا الفصل انجاز الكثير من القوانين منها على سبيل المثال قانون انشاء الهيئة العامة لشؤون القصر، وقانون انشاء الهيئة العامة للاستثمار، وقانون بشأن انشاء الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، كما شهد هذا الفصل ولادة بيت الزكاة بعد ان تقدم النائبان الراحل جاسم الخرافي ومشاري العنجري، وبشكل منفصل، باقتراحين بقانونين للقيام بتجميع وتوزيع أموال الزكاة، وقامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدمج الاقتراحين، ووافق مجلس الأمة على ذلك، ليتم إنشاء بيت الزكاة في 16 يناير 1982.

استطاع إخراج الراحل ياسر عرفات من لبنان عام 1975 حين كان مستهدفاً من إسرائيل

وعلى مستوى المهام الرسمية خارج البلاد، ترأس، رحمه الله، في شهر يناير عام 1983 وفد مجلس الامة الى مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب الذي عقد بالمغرب، وفي سبتمبر من نفس العام ترأس الوفد المشارك في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي السبعين في سيؤول، وفي عام 1985 ترشح لانتخابات المجلس في فصله التشريعي السادس، ولكنه لم يفز وكانت هذه المرة الاخيرة التي يخوض فيها انتخابات مجلس الامة.

العمل الدبلوماسي

بعد أن قدم العدساني استقالته من مجلس الامة عام 1967، تم تعيينه بنفس العام في وزارة الخارجية، فعُين سفيراً لدى السعودية، ثم سفيرا محالا الى الصومال عام 1968، وكانت لبنان آخر محطاته الدبلوماسية، اذ عين فيها سفيرا خلال الفترة من عام 1969 حتى 1976، واستطاع اخراج الراحل ياسر عرفات من لبنان عام 1975 والذي كان مستهدفاً من إسرائيل وبعض الأحزاب اللبنانية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وتخطى كافة حواجز التفتيش دون اكتشاف هويته، كما تعرض لعدد من محاولات الاغتيال خلال مشوار عمله في لبنان.

محاولات الاغتيال

كانت سنين صعبة تلك التي عاشها، رحمه الله، خلال فترة عمله سفيرا في لبنان، اذ تعرض خلالها لثلاث محاولات اغتيال، الاولى أثناء انعقاد اجتماع مجلس الجامعة العربية في القاهرة لبحث قضية لبنان حين أطلقت أربع رصاصات اخترقت السيارة التي كانت تقله ونجا بأعجوبة، والثانية عام 1973 حيث أطلق عليه الرصاص بينما كان يرافق السفير الجزائري في مهمة وساطة بين القصر الجمهوري اللبناني والمقاومة الفلسطينية في بيروت، والثالثة عام 1976 عندما طوقت قوات الصاعقة الفلسطينية مقر السفارة الكويتية في بيروت وقصفتها بنحو 30 قذيفة، ولكن الفقيد تمكن من الخروج منها في ذروة تعرضها لوابل من النيران المكثفة، فكان، رحمه الله، من الشجاعة كمن وضع كفنه بيمينه ولكن الله نجاه.

العمل الوزاري

بعد عودته من لبنان، وبموجب التشكيل الوزاري التاسع في تاريخ الكويت في ديسمبر عام 1976، تم انشاء وزارة التخطيط وتعيين اول وزير متفرغ لها وهو محمد يوسف العدساني ليُدوّن اسمه كأول وزير للتخطيط في البلاد، واستمر في منصبه بالتشكيل الوزاري العاشر لعام 1978 والذي شهد بعض التعديلات والاستقالات بعد نحو عامين، اذ استقال حمود يوسف النصف وزير الاشغال العامة آنذاك وتم تعيين المرحوم محمد العدساني خلفا له في 02/04/1980، واستمر في منصبه وزيرا للاشغال لأقل من عام حيث استقال بتاريخ 11/01/1981 من أجل الترشح لانتخابات مجلس الامة بعد عودة الحياة البرلمانية عقب حل مجلس 1975.

رحم الله محمد يوسف العدساني وأسكنه فسيح جنانه. و«الجريدة» إذ آلمها هذا المصاب الجلل، تتضرع إلى الله عز وجل بطلب المغفرة له، والصبر والسلوان لأسرته وآل العدساني الكرام. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

السيرة الذاتية
• الاسم: محمد يوسف العدساني.

• الميلاد: 1925.

• الأبناء: وائل، واصل، نزار، وفاء، أيمن، يوسف، أحمد.

• درس في المدرسة المباركية والقبلية.

• اشتغل في التجارة وتعلم اللغة الإنكليزية في الهند.

• 1945 عمل في محل والده في (السوق الداخلي).

• 1949 رئيسا لنادي المعلمين.

• 1951 سكرتيرا لجمعية الإرشاد.

• 1959 عضوا بالهيئة التنظيمية لإدارة البلاد ورئيس جهاز يختص بدائرة الإرشاد.

• 1962 رئيسا لتقييم الجهاز الإداري بوزارة المالية والنفط لثلاثة أشهر.

• 1963 ترشح لعضوية مجلس الأمة للفصل التشريعي الأول ولم ينجح.

• 1963 عضوا بالمجلس الاستشاري الاعلى للإعلام.

• 17 يونيو 1964 عضوا بالمجلس البلدي.

• 1964- 1966 رئيسا للمجلس البلدي.

• 1965 عضوا في مجلس التخطيط.

• 1967 عضوا في مجلس الأمة الثاني.

• 6 يوليو 1967 سفيرا بوزارة الخارجية.

• 1967- 1969 سفيرا بالسعودية.

• 1968- 1969 سفيرا محالا في الصومال.

• 1969- 1976 سفيرا في لبنان.

• 1976- 1980 وزيرا للتخطيط.

• 1977 عضوا في هيئة الخدمة المدنية.

• 1978 عضوا في لجنة الجنسية العليا.

• 1980- 1981 وزيرا للأشغال العامة.

• 1981 - 1985 رئيسا لمجلس الأمة.

• 1987 - 1990 ممثلا للقطاع الأهلي في هيئة الاستثمار.

back to top