الأغلبية الصامتة: «اللمبة السوداء»

نشر في 01-12-2022
آخر تحديث 30-11-2022 | 20:00
 إبراهيم المليفي لم تمنع وزارة الداخلية نشاطي الماراثون لبنك الكويت الوطني وبنك الخليج بشكل مباشر لكنها اختارت طريق التضييق والعرقلة حتى لا يقال إنها منعت، فهي مع (الخليج) أمرت بمنع المظاهر الاحتفالية المصاحبة كالموسيقى، وهو ما يعني أنها حرمت الموسيقى التي قد تكون لأغان وطنية أو محفرة للنشاط البدني مثل التي تصاحب التمرينات في الأندية الرياضية، أما ماراثون (الوطني) فقد حول مساره ليكون عند جسر جابر الأحمد وجميعنا نعلم تعاسة المداخل المؤدية إليه.

عن نفسي لم أستغرب خبر عرقلة الماراثونين، ليس لأني فقدت الأمل في تحسن الأحوال، ولكني ما زلت على قناعة بأن القوة التي تسحبنا إلى الوراء لا تزال تمتلك قوة التأثير على مراكز اتخاذ القرار باتخاذ المزيد من القرارات التي تصبغ الكويت بطابع لا يشبهها ولا يمتّ لتاريخها وموروثها المنفتح بأي صلة، ولعل أكثر ما يحير المتابع للشأن العام هو ما حصل أواخر عام 2012 عندما هيمنت السلطة التنفيذية على قرار مجلس الأمة بامتلاكها الأغلبية الساحقة، ورغم ذلك ظلت أسيرة التخلف عن الركب، ولم تنتقل الى معسكر التقدم الذي وعدت الواهمين به.



ولعل هذا النوع من الجدالات المكررة بين فريق يدعم الانفتاح واستعادة الكويت وجهها المشرق الذي احتضن الإبداع والمبدعين والمعرفة والثقافة والفنون والآداب، وفريق آخر مندفع نحو إطفاء كل نور فيها، كان يسير في طرق تنتهي بانتصار فريق (اللمبة السوداء) المدعوم من بعض أصحاب القرار ومكونات متشددة بطبيعتها، إلا أن عناصر تلك المعادلة تبدلت بصورة جذرية، وملخصها أن الدول المجاورة دخلت في منافسات عالمية لم تترك للكويت سوى السحب من أرصدة الماضي.

لقد أصبحت المعادلة الجديدة خانقة وضاغطة على الحكومة ووقودها هو المقارنة مع كل شيء، والرصيد القديم من الإخفاقات المتراكمة تتم استعادته يوميا في وسائل التواصل الاجتماعي، وأي إنجاز تحققه أي دولة في الخليج يتحول فورا إلى مادة للجدل من قبل الناس لا من تيار منظم كان يتبنى أطروحات النهضة والتقدم.

ومن يقرأ الساحة جيدا سيدرك أن المسار الجديد الذي رسمه الخطاب التاريخي الذي ألقاء سمو ولي العهد نيابة عن سمو أمير البلاد، أخذ الكويت في طريق جديدة مليئة بالتفاؤل والإنجاز، ليس فيها للإخفاق أو التردد مكان أو صوت، طريق طويل شاق يحتاج إلى الصبر والرؤية وفرق تنفيذية محترفة تتعامل مع ماض ثقيل يأبى الرحيل، وحاضر مليء بالإحباط والتذمر، ومستقبل عجول لا يأخذ معه غير المبادرين.

في الختام لم تعد مستويات التحدي الذي يخوضها الأشقاء الخليجيون وتنامي حدة الرأي العام المحلي تسمح للقوة التي تسحبنا إلى الوراء بالبقاء على حالنا، وهذا الوضع يمثل فرصة جديدة لإطلاق نهضة متجددة تكسر فيها اللمبة السوداء، وتستبدل بها مشاعل النور والتحضر.

back to top