«حمّى الضنك»... هل يتحمّل الجسم وباءً جديداً؟!

نشر في 12-05-2024
آخر تحديث 11-05-2024 | 18:54
 فوزية أبل

عندما أصيب الشاعر العباسي أبوالطيب المتنبي بالحمّى نظم قصيدة، خاطب في أحد أبياتها تلك الحمى قائلاً:

أبنتَ الدهر... عندي كل بنتٍ

فكيف وصلتِ أنتِ من الزحام؟!

ولعل هذا التوصيف لما يعانيه الشاعر من مصائب كثيرة، تعجّب معها كيف وصلت الحمى لجسده من كثرة تلك المصائب، ينطبق على واقع مجتمعنا الإنساني، في ظل الأوباء المتلاحقة التي تنتشر هنا وهناك، فلم يكد العالم يتعافى من جائحة كوفيد 19، وانتشار فيروس كورونا وما خلفه من أحداث مؤسفة وخسائر أدت لانهيار أنظمة صحية واقتصادات، وإفلاس شركات كبرى، ومن مشاهد الموتى والفقدان والحزن، حتى جاءت التحذيرات والأرقام المرصودة حول انتشار فيروس حمى الضنك بمستوى غير مسبوق تخطت حدود القارات.

فبحسب التقديرات العالمية، تم الإبلاغ عن حالات إصابة في الشرق الأوسط في عام 1998، وزادت في عام 2000، ولكن تفاقم معدل انتشار هذا المرض الفيروسي في العديد من البلدان في عام 2023.

وحمى الضنك في حقيقته مرض فيروسي ينتقل بواسطة أنثى البعوض من جنس الزاعجة مصابة بالعدوى، وقد ينقل الإنسان المصاب العدوى إلى البعوض، وبالتالي ينشره إلى آخرين، ولا ينتقل من شخص مصاب إلى شخص آخر، بل ينتقل عن طريق لدغات البعوض، وهناك أربعة أنواع من فيروسات حمى الضنك، كلها تسبب الأعراض والمخاطر، ويطلق عليها البعض حمى الضنك النزفية أو حمى العظام المؤلمة. تتمثل أعراض المرض بارتفاع شديد في درجة الحرارة، وصداع حاد، وألم حول العين، وطفح جلدي، وآلام في الجسم والبطن والعضلات والمفاصل، والأرق والتعب، وانخفاض في الصفائح الدموية، وصعوبة في التنفس... وغيرها، وقد يسبب نزيفاً يؤدي إلى الوفاة.

ومن مسببات وجود البعوض وتكاثره، وبالتالي انتقال العدوى، التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، وزيادة درجات الحرارة، والتوسع العمراني غير المنظم، والاكتظاظ السكاني، وتنقل السكان، والمياه الراكدة غير النظيفة، والمستنقعات والبرك، وكذلك ضعف البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وهطول أمطار غير عادية والفيضانات والرطوبة والماء الراكد، وتجمعات المياه المتبقية، وحول المنازل، وحمامات السباحة، والخزانات، وحاويات النباتات والمزهريات، وأطباق الحيوانات، وغيرها من المسببات. وعلى صعيد متصل، صدرت تحذيرات ومخاوف من أن يتعرض الملايين من البشر للإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق البعوض، مثل الملاريا وحمى الضنك.

فعلى الجهات المسؤولة بالدولة أن تعي هذه التحذيرات، والإحصاءات المتواترة بمزيد من الحيطة والاهتمام، فيجب تكثيف الوعي، والتقصي الوبائي، لجميع الأوبئة، خصوصا مرض حمى الضنك الذي أصبح قريباً منا، لدى جميع مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات، ورصد ومتابعة الحالات التي تتشابه أعراضها مع أعراض حمى الضنك، وتكمن أهمية التوعية والتقصي في التشخيص الصحيح والعلاج المبكر، لتفادي تفاقم الأعراض أو الوفاة، وتخفيف العبء على القطاعات الصحية.

كما أن هناك قضية محورية يجب التنبيه لها، فنحن مقبلون على موسم الصيف والسفر، وفيه يشد المواطنون والمقيمون رحالهم إلى شتى بقاع العالم في رحلاتهم، وهو ما يوجب على السلطات الصحية القيام بالتوعية، تضع أمامهم تعليمات لكل ما يتعلق بهذا الفيروس، متزامناً مع أخذ التدابير الصحية والوقائية من جانب القطاعات الصحية والجهات المعنية في البلاد.

back to top