صراع أبناء الأسرة... وتحريض الأدوات!

نشر في 10-04-2024
آخر تحديث 09-04-2024 | 17:20
 د. محمد المقاطع

التصريحات والعنتريات على أشدها مِن قبل مَن فازوا للتو بعضوية مجلس الأمة، وهي تصريحات خارج أحكام الدستور ونصوصه، وبعيدة عن المنطق والحصافة، وخالية من اللياقة واللباقة، فيها الثلاثة آثام، إثم انتهاك أحكام الدستور! وإثم الغوغائية الخارجة عن المنطق، وإثم قلة الاحترام المارقة على الآداب وحسن التعامل.

وكان لافتاً ذلك التدافع المحموم الذي تحرك به هؤلاء الأعضاء، وقد فتح ذلك مجالاً للتفسيرات والتأويلات والاتهامات والشبهات التي بدأ الناس يتداولونها عن أولئك النفر من الفائزين بعضوية المجلس!

ما هو السبب وما العلة التي يتدافع بسببها هؤلاء الأعضاء للدفاع عن مزوّرٍ للجنسية أو مدلسٍ لبياناتها أو مزدوجها؟! هل يأتي ذلك:

تنفيذاً لأوامر متنفذ؟

حمايةً للنفس خوفاً من فتح الملف الشخصي؟

حماية للأقرباء المتخوفين من هذا الملف؟

دفاعاً عن فاسدين ومفسدين باعوا وشروا بالجنسية؟

طمطمةً لملفات ناخبين قربت نار تطهير الملفات منهم؟

أو الأمر أكثر بلوى وأشد خطورة؟!

التفسيرات المباشرة والبريئة والساذجة لا تنفع في هذا السياق، فالترتيبات والتنسيق واضحان من هذه التصريحات، فلم يعد الأمر حدثاً عابراً ورد فعل، أو حماسة فوز وتفاعل مع الجماهير، فكل ذلك بعيد عن الواقع ولا صلة له بالمشهد السياسي!

إنه صراع ما وراء الكواليس! فأشخاص من يدير المشهد من خلف الكواليس ويملك تأثيراً سحرياً وكبيراً عليهم لم تعد خافية!

إنه انعكاس لصراع أبناء الأسرة الحاكمة لغرض تعزيز مراكز القوى والنفوذ، والظفر بموقع متقدم في مسؤولية البلاد!

لكنه صراع أورث تطاولاً على الحكم وأشخاصه، وحمل خروجاً عن الثوابت الدستورية، وأوجد تجريحاً واسعاً لقيادات الصف الأول، وربما الثاني، من أبناء الأسرة، وخلّف خرقاً للثقة بأبناء الأسرة وقدراتها في أعلى المسؤوليات وقيادة المناصب الرئيسية.

آن أوان إخماد جذوة صراع أبناء الأسرة، وتحجيم أدواتها، فلم يعد الأمر يحتمل التأخير أو التراخي، فاستقرار الكويت وأمنها ومستقبلها صارت على المحك، خصوصاً في ظل التدافع والتسابق السياسي غير الرشيد، والذي وصل إلى مرحلة الشطط والانحراف، وعدم إعطاء الدستور وأحكامه أي اعتبار، فمعظم ما يمارسه السياسيون هو أوجه للفساد فيه تطويع واستغلال لمؤسسات الدولة وابتزاز المسؤولين، وخصوصا الوزراء، لشراء ولاءات، ونيل ترضيات، وكسب عواطف على حساب الذمم وتكسبات شعبوية على حساب مصلحة البلد، ليحصدوا، مقابل ذلك، المدح والشعبية الجماهيرية المخدوعة، وحقيقة الأمر إفراغ الدولة من ركائزها، والنّيل من ثوابتها، وتآكل مؤسساتها بسبب تصدر المشهد السياسي من قبل نواب أو وزراء فاسدين أو متمصلحين أو أدوات مأجورة.

وهذا يحتاج إلى تدخل غير تقليدي وغير مسبوق، ومعروف أنه لا جراحة بدون ألم، وليس ثمة إصلاح دون ثمن، ولا يوجد تطور ولا تنمية دون طول بال وصبر وحزم في القرار وعزم في التنفيذ.

ويبدأ الأمر بوقف صراع أبناء الأسرة، وستتساقط الأدوات وينكشف المتسترون خلف ذلك من السياسيين المحرضين.

ألا هل بلّغت اللهم فاشهد.

back to top