تركيا تصوِّت في انتخابات بلدية عالية المخاطر

تنافس قوي في معركة إسطنبول بوابة الرئاسة في 2028 وأعمال عنف في مدينة كردية

نشر في 01-04-2024
آخر تحديث 31-03-2024 | 16:38

توجه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع لاختيار رؤساء البلديات في 81 مقاطعة، في انتخابات وصفتها صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنها «عالية المخاطر»، إذ تشكل اختبارا للرئيس رجب طيب أردوغان العازم على استعادة اسطنبول، أكبر مدينة ومركز الثقافة والتجارة، من المعارضة العلمانية، التي تسعى بدورها إلى كسر شوكة حزب العدالة والتنمية وإعداد العدة للانتخابات الرئاسية في عام 2028.

وتكتسب الانتخابات البلدية في تركيا أهمية قصوى، وهي اختبار لسلطة الرئيس أردوغان، الذي سيوجه ضربة قاصمة للمعارضة التركية إذا نجح في استعادة السيطرة على اسطنبول. في المقابل، فإن الاحتفاظ بالمدينة من شأنه أن يعزز موقع المعارضة وتخفيف قبضة أردوغان على السلطة.

ويعد السباق على رئاسة بلدية إسطنبول هو الأهم في سلسلة الانتخابات المحلية التي تجري في جميع أنحاء تركيا، في حين يُنظر إلى المدن الكبرى الأخرى التي تسيطر عليها المعارضة، مثل أنقرة وإزمير، على أنها أكثر صعوبة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية لاستعادتها.

وشهدت مدينة ديار بكر الكردية أعمال شغب أمس قتل فيها شخص.

وتعد إسطنبول جائزة استراتيجية ورمزية لكلا الجانبين، حيث تقع المدينة على مضيق البوسفور الذي يفصل بين أوروبا وآسيا، ويبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، وتعد القلب الثقافي والاقتصادي لتركيا بـ30 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوزيجين بإسطنبول إفرين بالتا إن «هذه الانتخابات ستقبل مستقبل المعارضة من حيث القيادة»، مشيرا إلى «العديد من المزايا الاقتصادية والرمزية للمعارضة للحفاظ على إسطنبول”.

وتمثل الانتخابات فرصة لأردوغان لكبح جماع أحد أبرز معارضيه، إمام أوغلو الذي وصل إلى السلطة في عام 2019، وترأس بلدية اسطنبول على الرغم من إجباره آنذاك على إعادة التصويت.

ومنذ ذلك الحين، برز إمام أوغلو كواحد من أكثر منتقدي أردوغان، حيث دانته محكمة في إسطنبول عام 2022 بتهمة إهانة مسؤولين عموميين بعد أن أشار في مقابلة إلى «حمقى» أبطلوا النتيجة الأولية لانتخابات 2019.


مرشح أردوغان لرئاسة بلدية إسطنبول بعد إدلائه بصوته أمس (رويترز) مرشح أردوغان لرئاسة بلدية إسطنبول بعد إدلائه بصوته أمس (رويترز)

وقال إمام أوغلو في اجتماع انتخابي: «يريدون استعادة إسطنبول ممن؟ من الشعب! ودون أن يذكر أردوغان بالاسم، تحدث عن مسؤولين حكوميين قاموا بحملة لمصلحة خصمه، وقال «أعيدوهم إلى أنقرة!».

وينتقد أنصار المعارضة العلمانية تراجع الاقتصاد التركي، الذي دخل في أزمة في السنوات الأخيرة، حيث قال أونور يوكسل، وهو مستشار اتصالات يبلغ من العمر 46 عاماً وقف في البرد ينتظر إمام أوغلو: «أعتقد أن الاقتصاد يسير بشكل سيئ للغاية، وأعتقد أنه يستطيع إصلاحه لأنه يمكنه الانتقال من منصب عمدة إلى منصب رئيس».

من ناحيتها، قالت غولير كايا البالغة 43 عاما: «الكل قلق بشأن الحياة اليومية، الأزمة تؤثر على الطبقات الوسطى، تحتّم علينا أن نغير كل عاداتنا»، مضيفة «إذا فاز أردوغان، فسيكون الأمر أسوأ» مما هو عليه الآن.

وينافس إمام أوغلو على رئاسة بلدية اسنطبول، مرشح الرئيس أردوغان، وهو وزير البيئة السابق مراد كوروم، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، ويظهر في جميع ملصقاته إلى جانب الرئيس التركي، ووعد بتوسيع وسائل النقل في المدينة وإصلاح البيئة الحضرية استعدادا للزلازل.

وحث أردوغان عشرات الآلاف من أنصاره على التصويت «لإنقاذ هذه المدينة المحكوم عليها الآن بالقمع من قبل حزب الشعب الجمهوري»، مشيرا إلى «أوجه القصور» لدى إمام أوغلو الذي وصفه بأنه شخص طموح لا يكترث كثيرا لمدينته و«رئيس بلدية بدوام جزئي» مهووس بالرئاسة.

ورغم أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى تقدّم طفيف لرئيس البلدية المنتهية ولايته، إمام أوغلو فإن ذلك لا يعني أنّ فوزه محسوم أو شبه محسوم في الانتخابات البلدية، لا سيّما أنّ فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي جاء مخالفا للتوقعات. وخلافا للانتخابات البلدية التي أجريت عام 2019، فإن المعارضة هذه المرة مشتتة، إذ لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، من الحصول على دعم الأحزاب الأخرى، سواء في إسطنبول أو في أي مدينة أخرى في تركيا.

وفي بلد يواجه تضخما نسبته 67 في المئة على أساس سنوي وانهيارا في عملته، قد يميل الناخبون إلى إعطاء الأفضلية لمعارضي أردوغان، لكن مراقبين أكدوا أنه سيكون لنسبة المشاركة التي عادة ما تكون مرتفعة، دورا حاسما لا سيما في إسطنبول.

وذكر الباحث في مركز الدراسات والبحوث الدولية في باريس، بيرم بالتشي «إذا تمكن إمام أوغلو من الانتصار، فسيكون قد فاز بمعركته داخل المعارضة لترسيخ نفسه» كمرشّح رئيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة، و«إذا تمكن أردوغان من الفوز باسطنبول وأنقرة، فسيرى الرئيس التركي ذلك بمثابة تشجيع لتعديل الدستور بهدف الترشح في عام 2028» لولاية رابعة.

back to top