أردوغان يضع ثقله لاستعادة إسطنبول من العلمانيين

تقدم غير مريح لإمام أوغلو عشية انتخابات بلدية العاصمة الاقتصادية لتركيا

نشر في 31-03-2024
آخر تحديث 30-03-2024 | 17:59
مؤيدات لأردوغان قرب تمثال أتاتورك في إسطنبول (رويترز)
مؤيدات لأردوغان قرب تمثال أتاتورك في إسطنبول (رويترز)
يقترع الناخبون الأتراك اليوم في انتخابات بلدية هي الأولى بعد الانتخابات الرئاسية، وتعد إسطنبول معركتها الأبرز.

تشهد تركيا اليوم انتخابات بلدية هي الأولى بعد انتخابات رئاسية تنافسية فاز بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لولاية جديدة تبقيه في السلطة حتى عام 2028، ويشير مراقبون إلى أن الاختبار الرئيسي سيكون في مدينة إسطنبول.

وفي عام 2019، انتُخب مرشح ائتلاف أحزاب المعارضة أكرم إمام أوغلو رئيساً لبلدية إسطنبول، غير أن أردوغان الذي لم يتقبل الخسارة ألغى نتائج هذه الانتخابات، ليعاد تنظيمها بعد ثلاثة أشهر وليشهد فوز إمام أوغلو مجدداً، فيما تسبب في انتكاسة كبيرة له، بعدما كانت العاصمة الاقتصادية للبلاد أحد أبرز معاقل حزب العدالة والتنمية الإسلامي.

وبات ينظر الى إمام أوغلو، الذي ينتمي الى حزب الشعب الجمهوري العلماني الذي اسسه أتاتورك، على أنه المرشح الوحيد القادر على خوض انتخابات رئاسية ضد أردوغان بعد هزيمة كمال كليشدار أوغلو زعيم الشعب الجمهوري بعد أن أصر على تمثيل المعارضة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو الماضي رغم إصرار بعض أطراف الائتلاف المعارض على تسمية إمام أوغلو.

في المقابل، اختار أردوغان لخوض المعركة وزير البيئة السابق مراد كوروم، الذي لم يكن يعد شخصية سياسية بارزة، لكنه بات اليوم نجما أساسيا في جميع وسائل الإعلام الموالية للحكومة.

واعتبر المحلل لدى «غلوبال سورس بارتنرز» أتيلا يشيلادا أن الانتخابات البلدية «أكثر أهمية» من انتخابات مايو الماضي، بينما تمثل إسطنبول مهد مسيرة أردوغان السياسية، حيث ولد في المدينة ثم برز تحت الأضواء عندما تولى منصب عمدة العاصمة في عام 1994، لكن فترة ولايته انتهت فجأة في عام 1998 عندما سجنته الدولة العلمانية في تركيا، لأنه ألقى قصيدة «المآذن هي حرابنا»، لكنه أمر بعد عقدين بتحويل آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد.

مباراة عودة

وتسود قناعة بين جميع الأتراك أن الانتخابات البلدية في إسطنبول اليوم هي مباراة العودة بين أردوغان وإمام أوغلو. ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوزيجين بإسطنبول، مراد سومر، أن «المنافس الحقيقي لاردوغان هو إمام أوغلو، السياسي الوحيد الذي تمكن من هزيمة اردوغان ثلاث مرات»، مشيرا إلى التصويتين في إسطنبول عام 2019 وسباق عام 2014.

وأضاف سومر أن القضايا الجنائية المرفوعة ضد إمام أوغلو، والتي انتقدها مراقبون دوليون، كانت علامة أخرى على كيفية نظر اردوغان إلى عمدة إسطنبول باعتباره «المرشح الواعد للتغيير».

وإذا فاز اردوغان في انتخابات اليوم فسيوجه ذلك ضربة قوية للمعارضة في تركيا، بعد أن هزت الانقسامات الداخلية حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي منذ هزيمته في مايو 2023.

كما انهار تحالف المعارضة، الذي ضم ستة أحزاب بمناسبة الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي، مع قيام العديد من هذه الأحزاب بتقديم مرشحين منفصلين في السباقات الانتخابية بجميع أنحاء تركيا.

وأوضح الأستاذ في جامعة سابانجي بإسطنبول بيرك إيسن أن «هذه الانتخابات هامة لأحزاب المعارضة، التي تعاني بالفعل من الفوضى. إذا خسرت إسطنبول فسيكونون في موقف صعب».

وعبر أحد كبار السياسيين في حزب الشعب الجمهوري، والذي طلب عدم ذكر اسمه، عن الأمر بشكل أكثر صراحة حين قال: «سيفقد الناس الأمل (إذا خسر إمام أوغلو)»، محذرا من أن «المعارضة لن تستطيع الوقوف في طريق اردوغان»، إذا خسرت إسطنبول.

في المقابل، قال رئيس حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري كاباكتيبي، إن إسطنبول بمنزلة «نافذة على بقية البلاد» سواء كان ذلك «بالثقافة أو الأعمال أو الرياضة أو الاقتصاد».

أبعد من العلمانيين

ويعتبر إمام أوغلو محورياً بالنسبة للمعارضة لأنه واحد من السياسيين القلائل القادرين على الوصول إلى ما هو أبعد من قاعدة الناخبين العلمانية لحزب الشعب الجمهوري، وقد تعهد خلال حملته بجلب الألعاب الأولمبية إلى إسطنبول، وتمويل رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا والفنون وافتتاح العشرات من المتنزهات.

كما وعد بإعادة تأهيل 110 آلاف منزل معرض للخطر، وبناء 20 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المنخفض، استعدادا لزلزال كبير يقول علماء الزلازل إنه أمر لا مفر منه في إسطنبول، وهي قضية اكتسبت أهمية متزايدة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا في فبراير الماضي.

واتهم كوروم، الذي كان معروفا سابقا في تركيا لدوره في استجابة الحكومة المتعثرة أحيانا للزلزال، إمام أوغلو بـ «الخداع» لفشله في جعل إسطنبول «مقاومة للكوارث»، وقد تعهد ببناء 600 ألف منزل، أي حوالي نصف المساكن المعرضة للخطر في المدينة.

بروفة للانتخابات الرئاسية

في هذا الإطار، قال إمام أوغلو أمام حشد من المؤيدين: «أتساءل من هو فعلا منافسنا؟»، في إشارة ساخرة من مشاركة الرئيس التركي في الحملة الانتخابية.

ولكن مرارة خسارة إسطنبول لا تزال قاسية بالنسبة لأردوغان الذي يملك وقتاً غير محدد للتحدث عبر شاشة التلفزيون، والذي لطالما انتقد إمام أوغلو بشكل لاذع من دون أن ينطق اسمه، خصوصاً أن هذا الأخير بات أخطر منافس له على المستوى الوطني. واتهمه بأنه مجرد «رئيس بلدية بدوام جزئي» منشغل بطموحاته الرئاسية.

بالنسبة للكثير من المراقبين، فإن إعادة انتخاب أكرم إمام أوغلو الأحد ستكسبه نقاطاً في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في سنة 2028.

وتظهر استطلاعات الرأي بشكل عام أن إمام أوغلو في المركز الأول قبل تصويت اليوم الأحد، لكن نطاق تقدمه يتباين بشكل كبير. وأظهر استطلاع أجرته شركة ميتروبول في مارس الجاري تقدم أوغلو بنحو 10 نقاط مئوية مع 39.5 في المئة من الأصوات، لكن استطلاعاً خاصاً اطلعت عليه صحيفة فايننشال تايمز أعطى عمدة إسطنبول تقدماً بثلاث نقاط فقط.

وأشار كان سلكوكي من مركز إسطنبول للابحاث الاقتصادية إلى أن نتائج الانتخابات ستعتمد كثيرا على تصويت ناخبي الأحزاب الصغيرة، كحزب الديموقراطيين المؤيد للأكراد، و(ايي) القومي، والرفاه الجديد الإسلامي، ما إذا كانوا سيختارون كوروم أو إمام أوغلو.

غير أن المدينة التي يسكنها 15.7 مليون نسمة، أو نحو خمس سكان تركيا، تحمل مخاطر كبيرة، فقد تسببت في هزيمة مريرة للمعارضة في الانتخابات الرئاسية مايو الماضي.

وستكون للنتيجة في إسطنبول، هذه المدينة الشاسعة التي تمثل 30% من الناتج الاقتصادي التركي، آثار واسعة، حيث سيسيطر الفائز فيها على قوة بلدية تضم أكثر من 40 ألف موظف، وميزانية سنوية تبلغ حوالي 516 مليار ليرة تركية (16 مليار دولار)، فضلا عن الوصول إلى ملايين الناخبين.


طائرة بيرقدار طائرة بيرقدار

هل يخلف «أبو المسيّرات التركية» صهره في زعامة البلاد؟

أدّت طائرات بيرقدار المسيّرة التركية دورا كبيرا في أوكرانيا وليبيا وأذربيجان وسورية وغيرها، وحوّلت صاحبها سلجوق بيرقدار، مهندس الطيران (42 عامًا) إلى بطل شعبي في تركيا، وربما زعيمها التالي، بعد نهاية ولاية صهره رجب طيب إردوغان عام 2028.

وتظهر استطلاعات الرأي بيرقدار، وهو زوج سمية بنت الرئيس أردوغان، أنه أحد أكثر الشخصيات العامة شعبية في تركيا. وقال في مقابلة سابقة مع صحيفة وول ستريت جورنال إنه ليست لديه طموحات سياسية، لكنه لا يستبعد ذلك إذا طلب منه أردوغان الترشح في الانتخابات المقبلة.

ويدور حاليا في تركيا سؤال: مَن سيخلف أردوغان؟ بعد أن قال الرئيس في وقت سابق من هذا الشهر إن الانتخابات المحلية ستكون حملته الأخيرة «بموجب القانون». ولا يزال بإمكان الزعيم التركي أن يغيّر رأيه، لكنّ المراقبين يقولون إن السباق لخلافته قد بدأ بالفعل.

في هذا السياق، قال الأستاذ بكلية الحرب البحرية الأميركية والخبير في السياسة التركية، بوراك قادرجان «إنه صهر لائق لأردوغان. أعتقد أن الأصابع كلها تشير إلى بيرقدار»، الذي وُلد في إسطنبول لعائلة من المهندسين، وكان والده، أوزدمير بيرقدار، يعرف أردوغان منذ نشأته على ساحل البحر الأسود، وبقيا على اتصال عندما أسس شركته لقطع غيار السيارات في التسعينيات.

درس بيرقدار في إسطنبول، ثم في جامعة بنسلفانيا، الطائرات من دون طيار، وساعده والده في اختبار نماذج مع الجيش التركي.

وبحلول الانتخابات الرئاسية العام الماضي، أصبحت طائرات بيرقدار جزءًا أساسيًا من حملة لأردوغان، والتي صوّرها كرمز للفخر الوطني وتطلعات تركيا إلى نفوذ عالمي. ويعد بيرقدار، وخاصة شقيقه هالوك، الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة بايكار، بعد وفاة والدهما عام 2021، من بين الدائرة المقربة من مستشاري أردوغان، وقد اضطلعوا بدور أكثر بروزا في تمثيل تركيا بالخارج. ويعد هالوك بيرقدار زائرًا متكررًا لأوكرانيا، وقد تم تصويره العام الماضي وهو يستقبل الرئيس فولوديمير زيلينسكي في المطار عندما زار تركيا.

back to top