«داعش ـ خراسان» يتطلع إلى آفاق عالمية وأوروبا تتخوف من صيف ساخن

نشر في 26-03-2024 | 17:44
آخر تحديث 26-03-2024 | 17:47
جندي فرنسي قرب برج إيفل (شيخوا)
جندي فرنسي قرب برج إيفل (شيخوا)

أشرف الشاب ثناء الله غفاري (29 عاماً)، زعيم «تنظيم داعش - ولاية خراسان»، على عملية تحوّل جعلت من هذا الفرع الأفغاني أحد أكثر فروع الشبكة العالمية لتنظيم داعش المتشدد إثارة للرعب وقدرة على تنفيذ عمليات بعيدة عن قواعده في المناطق الحدودية بأفغانستان.

وأعلن هذا الفرع مسؤوليته عن إطلاق نار جماعي وقع يوم الجمعة الماضي في قاعة للحفلات الموسيقية بالقرب من موسكو. وقال مسؤولون أميركيون إن معلومات المخابرات تشير إلى أن التنظيم هو المسؤول بالفعل.

وأفاد خبراء أمنيون بأن اكتشاف جوازات سفر طاجيكية مع المسلحين الذين اعتقلتهم السلطات الروسية يشير إلى وجود صلة محتملة بجماعة غفاري التي تستقطب أفراداً بكثافة من دول آسيا الوسطى.

وفي السنوات القليلة الماضية، دأب تنظيم غفاري على مهاجمة روسيا ردّاً على تدخّلها الذي ساعد في إلحاق الهزيمة بـ «داعش» في الحرب الأهلية السورية.

عملية مطار كابول

عُين غفاري أميراً لـ «ولاية خراسان» عام 2020، وعزز سمعة التنظيم في تبنيه لنهج متشدد وتنفيذه لهجمات كبيرة. وجذب الفرع الاهتمام العالمي بتفجير انتحاري عام 2021 في مطار كابول الدولي أثناء الانسحاب العسكري الأميركي، أدى إلى مقتل 13 جندياً أميركيا وعشرات المدنيين. وفي سبتمبر 2022 أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري على السفارة الروسية في كابول أسفر عن سقوط قتلى.

لكن ربما وقعت العملية الأكثر جسارة حتى الآن في يناير بتفجير انتحاري مزدوج في إيران أدى إلى مقتل نحو 100 شخص أثناء تأبين قائد الحرس الثوري قاسم سليماني بالقرب من قبره في أكثر الهجمات دموية على الأراضي الإيرانية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وقبل الهجوم على مطار كابول عام 2021، لم يكن يُعرف سوى القليل عن غفاري، مما دفع واشنطن إلى إعلان مكافأة قيمتها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لمعرفة مكانه أو القضاء عليه. وقالت مصادر من «طالبان» إنه أفغاني - طاجيكي كان جندياً في الجيش الأفغاني، وانضم لاحقاً إلى «ولاية خراسان» الذي شكّل في أواخر عام 2014.

توسع إقليمي

وتحدثت «رويترز» إلى أكثر من 12 مصدراً، من بينهم مسؤولو أمن ومخابرات حاليون ومتقاعدون في أفغانستان وباكستان والعراق والولايات المتحدة، إضافة إلى أعضاء من حركة طالبان الأفغانية والباكستانية الذين قالوا إن تنظيم داعش استغل عدم قدرة «طالبان» على القضاء على قواعده الآمنة في شمال وشرق أفغانستان للتوسع إقليمياً.

وقالت المصادر، إنه في عهد غفاري استخدم التنظيم هجمات كبيرة كأداة لاستقطاب الطاجيك والأوزبك في أنحاء آسيا الوسطى وليس الأغلبية البشتونية في أفغانستان التي تشكّل العمود الفقري لـ «طالبان». وقالت وزارة الخارجية الأميركية في إعلان مكافأتها، إن غفاري، المعروف باسمه الحركي شهاب المهاجر، قائد عسكري محنّك، وأضافت أن عصمت الله خالوزاي الذي كان يدير شبكة من التحويلات المالية غير الرسمية، تُعرف باسم حوالة، من تركيا، هو «الميسر المالي الدولي» للتنظيم.

وجاء بتقرير صدر في يوليو 2023 مقدّم إلى مجلس الأمن الدولي عن التهديد الدولي الذي يشكله تنظيم داعش أن عدد أفراد «ولاية خراسان» يتراوح بين 4 و6 آلاف على الأرض في أفغانستان، من بينهم المقاتلون وأفراد من أسرهم.

أثر الهزيمة في العراق

ويقول خبراء أمنيون، إن توسع التنظيم يعود إلى انهيار «داعش» في الحرب بالعراق عام 2017.

وقال مسؤول أمني عراقي كبير، إن كثيرين من المقاتلين الأجانب فرّوا من العراق إلى أفغانستان وباكستان للانضمام إلى «ولاية خراسان»، حاملين معهم خبرات في حرب العصابات طورت قدرة التنظيم على تنفيذ هجمات في إيران وتركيا وأفغانستان.

وأضاف المسؤول أن الأمن العراقي يعتقد أن «ولاية خراسان» يعمل على إنشاء شبكة إقليمية من الخلايا الجهادية المقاتلة التي قد تساعد في تنفيذ هجمات دولية.

العامل الطاجيكي

وقال مسؤول مخابرات في «طالبان» إن 90 بالمئة من قيادات «ولاية خراسان» هم الآن من غير البشتون. والطاجيك والأوزبك هما المجموعتان العرقيتان الكبيرتان الأخريان اللتان تسكنان شمال أفغانستان.

وقال مولاي حبيب الرحمن، وهو قيادي كبير سابق لـ «ولاية خراسان»، استسلم لـ «طالبان»، لوسيلة إعلام أفغانية تدعى «المرصاد»، في نوفمبر، إن التنظيم نجح أيضاً في تجنيد مواطنين طاجيك. وأضاف: «يُقال لهم كنتم كفاراً وأصبحتم الآن مسلمين من جديد»، بعد انضمامهم إلى التنظيم.

ويبلغ عدد سكان طاجيكستان، وهي دولة ناطقة بالفارسية وأغلبية سكانها من المسلمين السنّة، 10 ملايين نسمة. وبعد حرب أهلية طاحنة في التسعينيات، ما زالت واحدة من أفقر الجمهوريات السوفياتية السابقة. ويعتمد اقتصادها كثيراً على التحويلات المالية لأكثر من مليون عامل مهاجر في روسيا. وقال مسؤولون طاجيك إن كثيرين من الطاجيك المقيمين في روسيا يشتكون من سوء المعاملة، مما يجعلهم أهدافاً أسهل للمتطرفين لاستقطابهم أثناء وجودهم بعيداً عن وطنهم. وقال جهاز الأمن الاتحادي الروسي (إف. إس. بي) في 7 الجاري، إنه أحبط هجوماً مسلحاً شنّه التنظيم على معبد يهودي بالقرب من موسكو.

صيف ساخن

وقبل يوم واحد من هجوم موسكو، قال مسؤول عسكري كبير للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي، إنه تبيّن أن جهود «طالبان» لقمع «ولاية خراسان» في أفغانستان ليست كافية. وقال قائد القيادة الوسطى الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، في شهادة مكتوبة إن «ولاية خراسان» جدد شبكاته رغم ضربات «طالبان».

وأضاف كوريلا في جلسة استماع للجنة بمجلس الشيوخ هذا الشهر: «يمتلك ولاية خراسان القدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأميركية والغربية في الخارج في غضون نحو 6 أشهر، دون إنذار أو إشارة تُذكر».

ونفذت السلطات في كثير من الدول الأوروبية بين يوليو وديسمبر من العام الماضي سلسلة من الاعتقالات لأشخاص يعتقد أنهم من «ولاية خراسان»، لاتهامهم بالتدبير لهجمات إرهابية.

وقالت مديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، كريستين أبي زيد، أمام لجنة بمجلس النواب الأميركي في نوفمبر إن «ولاية خراسان» استخدم حتى الآن «مجندين غير محنكين» في محاولات تنفيذ هجمات بأوروبا.

وقالت فرنسا التي تستضيف دورة الألعاب الأولمبية بدءا من أواخر يوليو، في وقت متأخر من مساء الأحد، إنها رفعت مستوى التحذير من الإرهاب إلى أعلى درجة بعد إطلاق النار في موسكو.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن هذا الاستنفار يأتي «بناء على معلومات ملموسة وذات مصداقية»، وأن «داعش خرسان» حاول بالفعل تنفيذ هجمات في فرنسا خلال الشهور الماضية.

كما تستعد ألمانيا لاستضافة نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم (يورو 2024) في يونيو المقبل، وهي ترى أن خطر الإرهاب «حاد»، بحسب وزيرة الداخلية نانسي فيزر. وفي الأسبوع الماضي تم القبض على اثنين يشتبه في انتمائهما لـ «داعش - خراسان» في مدينة تورينجن شرق ألمانيا، باعتبارهما شركاء في مؤامرة لمهاجمة البرلمان السويدي.

وحذرت بريطانيا مراراً وتكراراً من الخطر المتزايد لتنظيم داعش خراسان خلال الشهور الأخيرة، وفق مسؤول بريطاني.

back to top