هل يفاجئ «الفدرالي» بعدم خفض الفائدة نهائياً العام الحالي؟

نشر في 27-03-2024
آخر تحديث 26-03-2024 | 16:44
البنك الفدرالي الأميركي
البنك الفدرالي الأميركي
يعتبر خفض معدلات الفائدة الأميركية ثلاث مرات في العام الجاري هو السيناريو الأساسي لكل من «الفدرالي» والأسواق المالية، لكن هناك بعض الأصوات التي ترى احتمالات أخرى لمسار السياسة النقدية، ما يشمل عدد مرات أقل لخفض تكاليف الاقتراض.
أرسل مجلس الاحتياطي الفدرالي رسائل طمأنة للمستثمرين في الأسبوع الماضي، بعد أن تمسك بتوقعاته لمسار السياسة النقدية في العام الجاري.

لكن توقعات «الفدرالي» لم تمنع بعض المحللين من الحديث عن احتمالية عدم خفض الفائدة الأميركية نهائياً في 2024، مع استمرار التضخم المرتفع والاقتصاد القوي.

الأسواق تقلص توقعاتها

وشهدت توقعات الأسواق المالية بشأن موعد ووتيرة خفض الفائدة الأميركية حالة من التقلبات الحادة خلال الأسابيع الأخيرة. كانت الأسواق تتوقع في وقت سابق من هذا العام 7 عمليات خفض للفائدة الأميركية عام 2024، ما جعلها أعلى كثيرا من تقديرات «الفدرالي» التي تشير إلى 3 عمليات خفض فحسب، لكن أداة «فيد واتش» أشارت مؤخرا إلى تراجع توقعات المستثمرين إلى 3 عمليات خفض من جانب الاحتياطي الفدرالي في العام الجاري.

وتسعر الأسواق احتمالية تتجاوز 70% لقيام «الفدرالي» ببدء خفض الفائدة في اجتماع يونيو المقبل، بحسب أداة «فيد واتش»، وجاء التحول في توقعات الأسواق بعد موجة من التصريحات الحذرة من مسؤولي «الفدرالي»، إضافة إلى بيانات أفضل من المتوقع مرتبطة بالنمو الاقتصادي وسوق العمل والتضخم.

رؤية رسمية حذرة

يعتبر خفض معدلات الفائدة الأميركية ثلاث مرات في العام الجاري هو السيناريو الأساسي لكل من «الفدرالي» والأسواق المالية، لكن هناك بعض الأصوات التي ترى احتمالات أخرى لمسار السياسة النقدية، ما يشمل عدد مرات أقل لخفض تكاليف الاقتراض.

وبعد ساعات من اجتماع «الفدرالي» الأخير، أشار رئيس البنك في أتلانتا رفائيل بوستيك إلى أنه يتوقع عملية خفض واحدة فقط لمعدلات الفائدة في العام الجاري، بدلا من عمليتي خفض كان قد توقعهما سابقا، وبرر بوستيك توقعاته المحدثة بالتضخم المستمر عند مستويات مرتفعة، والبيانات الاقتصادية التي تأتي أقوى من المتوقع.

وقال عضو مجلس الاحتياطي الفدرالي: «حالياً، أصبحت أقل ثقة مما كنت عليه في ديسمبر حيال استمرار تباطؤ التضخم تجاه مستهدف البنك المركزي عند 2%». وكان مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي سجل 3.2% في فبراير على أساس سنوي.

وكان رئيس «الفدرالي» في مينابوليس، نيل كاشكاري، توقع أنه من المناسب خفض الفائدة الأميركية مرتين أو ربما مرة واحدة فحسب في العام الجاري، مبررا توقعاته بالبيانات الاقتصادية القوية منذ بداية هذا العام، والتضخم الأكثر رسوخا من المتوقع، ما قد يتطلب بقاء الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة طويلة.

لا خفض نهائياً؟



ولم يكتف بعض المحللين بتوقعات خفض الفائدة الأميركية بوتيرة أقل من تقديرات الفدرالي والأسواق، لكن عددا منهم أبدى اعتقاده بأن البنك قد لا يخفض تكاليف الاقتراض نهائياً في 2024.

وقال شان رايثاثا، كبير الاقتصاديين في «فانجارد»، إن السيناريو الأساسي للشركة يتمثل في عدم رفع الفائدة الأميركية في 2024، ما قد تكون له تداعيات على البنوك المركزية والأسواق حول العالم.

كما ذكر مارك أوكادا، المؤسس المشارك لشركة «سيكامور تري كابيتال بارتنرز»، أن هناك احتمالية ممكنة لعدم قيام الفدرالي الأميركي بخفض معدلات الفائدة في العام الجاري، مشيرا إلى أن شركته لا تزال في الفريق الذي يتوقع بقاء معدلات الفائدة الأميركية عند مستويات أعلى لفترة أطول.

على جانب موازٍ، يرى مادهافي أرورا، كبير الاقتصاديين في «إمكاي غلوبال فايننشال»، أن فرص خفض الفدرالي الأميركي معدلات الفائدة تتضاءل بشكل كبير، مع استمرار صعوبة خفض التضخم.

وقال المحلل إن هناك احتمالية مرتفعة لعدم خفض الفائدة الأميركية على الإطلاق في العام الجاري، مع صعوبة «الميل الأخير» في طريق السيطرة على التضخم.

ويعتقد أرورا أنه مع بقاء التضخم في نطاق بين 2.5% و3%، فإن الفدرالي قد يعود لسياسة منتصف التسعينيات، والتي تتمثل في عدم اتخاذ المزيد من التدابير القوية ضد التضخم، لكن مع إبقاء السياسة مقيدة.

كما يعتقد تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في «أبولو جلوبال مانجمنت»، أن الاقتصاد الأميركي لا يتباطأ، وبالتالي لا يحتاج الفدرالي إلى خفض معدلات الفائدة هذا العام، لافتا إلى أن بعض مؤشرات التضخم الأميركي في اتجاه صاعد، ما قد يجعل الفدرالي يواصل معركته ضد التضخم في معظم العام الحالي. وأوضح المحلل أن تضخم الأجور مستمر في نطاق 4% و5%، بالإضافة إلى سعي العديد من الشركات إلى زيادة الأسعار وسط التعافي المرتقب في سوق المنازل.

من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في أليانز محمد العريان إن الاحتياطي الفدرالي يجب أن ينتظر لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق من أجل خفض الفائدة، مضيفا أنه يعتقد أن مسؤولي الاحتياطي الفدرالي بحاجة إلى تأجيل الإطار الزمني لخفض الفائدة «بضع سنوات»، مع الطبيعة الثابتة للتضخم.

وكان العريان حذر مرارا من خطر قيام الفدرالي بخفض الفائدة في وقت مبكر عن اللازم، ما قد يؤدي إلى خروج التضخم عن السيطرة مثلما حدث في سبعينيات القرن الماضي.

هل تتأثر الأسواق؟

وساهمت رسائل الفدرالي الأميركي، خلال اجتماعه الأخير وتمسكه بوتيرة خفض الفائدة المتوقعة، في ارتفاع مؤشرات الأسهم لمستويات قياسية جديدة، وصعد مؤشر «إس آند بي 500» أعلى مستويات 5200 نقطة للمرة الأولى على الإطلاق بعد بيان الفدرالي، كما لامس «داو جونز» حاجز 39.900 ألف نقطة، قبل أن يتراجع قليلاً بنهاية تعاملات الأسبوع.

لكن شان رايثاثا، المحلل في «فانجارد»، أشار إلى أن تأثير عدم خفض الفائدة على سوق الأسهم سيتوقف على سبب إحجام الفدرالي عن القرار، مبينا أنه إذا كان عدم خفض الفائدة الأميركية بسبب قوة الاقتصاد، خاصة النمو المدفوع بجانب المعروض، والذي يعتبر مضادا للتضخم، فإن سوق الأسهم قد يواصل الارتفاع، لكنه أشار إلى أن «فانجارد» تعتقد أيضا أن سوق الأسهم الأميركي مبالغ في تقييمه حالياً.

كما يعتقد أرورا أنه رغم حقيقة أن آمال خفض الفائدة تعتبر عاملاً مؤثراً في الأسواق، فإنه من غير المرجح حدوث انهيار للأصول في الأسواق الناشئة حال عدم خفضها من جانب الفدرالي، متوقعا أن يؤثر إلغاء الفدرالي خطط خفض الفائدة على البنوك المركزية الأخرى، لكنه استبعد أن تشهد الأصول الخطرة حالة من الانهيار.

back to top