هل تصبح روسيا نسخة من كوريا الشمالية بسبب أوكرانيا؟

نشر في 27-11-2022
آخر تحديث 26-11-2022 | 20:57
 موقع 1945 تفيد التقارير بأن الكرملين خسر أكثر من 18 ألف وحدة من المعدات (دبابات، وناقلات جنود مدرّعة، وسفن عسكرية، وطائرات قتالية، ومدفعيات ضخمة) منذ أن أطلقت روسيا غزوها المشين وغير المبرر ضد أوكرانيا في فبراير الماضي، وتُعتبر هذه الخسائر الأكبر من حيث حجم المعدات التي تدمّرت أو صودرت منذ الحرب العالمية الثانية.

في وقتٍ سابق من هذا الشهر، خسر الكرملين أيضاً 24 دبابة و800 جندي خلال يوم واحد، تزامناً مع انهيار دفاعه في خيرسون، وخلال القتال على المدينة طوال أسبوع، خسرت القوات الروسية 2600 جندي، ويقال إن حصيلة القتلى الروس منذ بداية الغزو الشامل تجاوزت 83 ألف عنصر.

من المتوقع أن تفوق الميزانية العسكرية الروسية للسنة المقبلة التوقعات الأولية بنسبة 40% تقريباً، ولن يكون التعويض عن الخسائر الهائلة قليل الكلفة بأي شكل، وفي الوقت نفسه، دخل الاقتصاد الروسي رسمياً حالة من الركود في الأسبوع الماضي، فانكمش بنسبة 4.1% في الربع الثاني من هذه السنة، يليه تراجع آخر بنسبة 4% في الربع الثالث من السنة، ورغم تعويم البلد بفضل مبيعات النفط والبنزين بعد تحليق الأسعار غداة اندلاع الحرب، تواجه روسيا الآن حصاراً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تنكمش عائداتها في عام 2023.

على صعيد آخر، تشير التقديرات إلى تراجع الاقتصاد الروسي بنسبة 4.6% على مر السنة، وينذر هذا الوضع بثاني ركود تشهده موسكو خلال ثلاث سنوات، فقد لا يكون هذا الركود سيئاً بقدر الظروف التي واجهتها روسيا خلال أزمة كورونا، لكن لم يتّضح بعد ما سيفعله البلد لتجاوز هذا الوضع، نظراً إلى تراجع احتمال أن تستأنف روسيا علاقاتها التجارية العالمية سريعاً رغم انتهاء الحرب.



حاول بعض المشرّعين الأميركيين تخفيض حجم المساعدات المالية التي تتلقاها أوكرانيا، لكن يعتبر مركز تحليل السياسة الأوروبية التكاليف اللازمة لهزم روسيا «بسيطة» بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.

يذكر تقرير المركز أن إدارة بايدن تلقّت حتى الآن موافقة الكونغرس لتقديم مساعدات بقيمة 40 مليار دولار إلى أوكرانيا في عام 2022، علماً أنها طلبت مبلغاً إضافياً بقيمة 37.7 مليار دولار للعام نفسه، فقد وُضِع أكثر من نصف تلك المساعدات في خانة الدفاع.

يذكر مركز تحليل السياسة الأوروبية في تقريره: «تبدو هذه المبالغ باهتة وغير مؤثرة عند مقارنتها بميزانية الدفاع الأميركي الإجمالية التي تصل قيمتها إلى 715 مليار دولار لعام 2022، وتشكّل هذه المساعدات 5.6% من مجموع الإنفاق الأميركي على الدفاع، لكن تُعتبر روسيا أول عدوة للولايات المتحدة، وجزءاً من أشرس خصومها بعد الصين مباشرةً، وأول منافِسة استراتيجية لها. على المستوى الجيوسياسي، تشكّل هذه الحرب فرصة مناسبة كي تستنزف الولايات المتحدة قدرات روسيا الدفاعية التقليدية وتُضعِفها، من دون أن تنشر أي قوات ميدانية أو تجازف بحياة الأميركيين».

من الناحية الجيوسياسية أيضاً، لا بد من التشديد على الأثر التدميري للحرب في روسيا، فلا تعود موسكو بمستوى الخصوم الآخرين بعيداً عن قدراتها النووية، فقد أصبحت روسيا دولة معزولة ومفلسة، وهي تتكل على معدات بالية، حيث دمّرت هذه الحرب الكرملين بطريقة عجز عنها الجميع، بما في ذلك الرئيس رونالد ريغان حين حاول هزم الاتحاد السوفياتي خلال الثمانينيات، في أفضل الأحوال، قد تتحول موسكو إلى عاصمة أخرى لبلد معزول، على غرار كوريا الشمالية، بعد فشل محاولات استرجاع مجدها الغابر.

من المؤسف أن يدفع الشعب الأوكراني هذا الثمن الباهظ لإخماد المخاوف الأميركية من الدب الروسي خلال جيل كامل على الأقل.

*بيتر سوسيو

back to top