جاسوسان ومصرفي ومؤرخ... «الحصن القومي» الذي ينعزل فيه بوتين

نشر في 14-03-2024
آخر تحديث 13-03-2024 | 17:09
الرئيس فلاديمير بوتين
الرئيس فلاديمير بوتين

لم تتغير أساليب فلاديمير بوتين طوال ربع قرن من السلطة، فتحول من رئيس وزراء متحمس إلى قيصر حرب، حتى بلغ من العمر 71 عاماً، وأصبح تدريجياً، وفقا لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، شخصية ثابتة منعزلة، لا تتواصل مع الآخرين إلا عبر الشاشات أو على بعد أمتار.

وأدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة عزلة بوتين، الذي انحسرت حاشيته وبات يقابل حفنة من الرجال يشاركهم فكرته «القومية» عن روسيا ومستقبلها. وتتكون هذه الحاشية الضيقة، من أربع شخصيات يمكنها الوصول إلى الرئيس الروسي في أي مكان وأي وقت، وهي مجموعة «سيلوفيكي»، وهي عبارة مشتقة من كلمة «سيلا»، وتعني القوة باللغة الروسية، وتشير إلى رجال أجهزة المخابرات والشرطة والقوات المسلحة.

الجاسوس رقم 1

أول المقربين للرئيس الروسي، هو نيكولاي باتروشيف، الذي يبلغ 72 عاماً وولد في لينينغراد وتربطه صداقة قديمة ببوتين منذ عملهما معا في الـ «كي جي بي». وترأس باتروشيف جهاز الأمن الفدرالي، خلفا لبوتين في عام 1999، ثم ترأس بعد سنوات مجلس الأمن الروسي، الذي يتلقى المعلومات الاستخبارية من جميع الأجهزة الروسية.

واعتبر البروفيسور البريطاني مارك غالوتي، المتخصص في المخابرات الروسية، أن باتروشيف هو «أكثر الصقور تشددا» في حاشية الرئيس الروسي، ووصفه بأنه «الرجل الذي يصب السم في أذن بوتين»، مشيرا إلى أنه كان أحد أقوى المؤيدين لضم شبه جزيرة القرم والهجوم على أوكرانيا.

ناريشكين

ثاني المقربين، هو سيرغي ناريشكين، 69 عاما، ويشغل منصب رئيس جهاز التجسس الأجنبي، وتعود صداقته لبوتين إلى تسعينيات القرن الماضي. بعد إدارة الشؤون المالية والاستثمارات في منطقة سان بطرسبرغ، شغل ناريشكين منصب نائب رئيس الوزراء، ثم رئيس الإدارة الرئاسية، وهو متعاون قيم ويحظى بثقة الرئيس الروسي. وتم انتخاب ناريشكين في 2011 نائباً بالدوما، وأصبح رئيساً له، ثم عهد له بوتين بعد خمس سنوات بقيادة الاستخبارات الأجنبية.

ويُنسب لناريشكين، وهو متعدد اللغات ويتحدث الفرنسية بطلاقة، الفضل في إقامة علاقات مع الجماعات اليمينية المتطرفة في الغرب. ويدعي أن بولندا تعتزم السيطرة على الأراضي الغربية لأوكرانيا، في خطوة تمهد لتدخل الحلف الأطلسي بشكل مباشر.

المصرفي

ويمثل يوري كوفالتشوك، 72 عاماً، الملياردير الوحيد الذي يستشيره بوتين اليوم، ويطلق عليه في موسكو لقب «المصرفي».

وقد ولد أيضا في لينينغراد، وكان جزءا من الدائرة الداخلية لبوتين منذ حوالي 30 عاما. وفي 2013، تم تنظيم حفل زفاف ابنة الرئيس كاترينا في منزل كوفالتشوك على بعد حوالي 50 كيلومترا من سانت بطرسبرغ.

وكوفالتشوك هو المساهم الرئيسي في بنك روسيا، وأحد المنظمين الرئيسيين لتحويل الأموال الروسية إلى الملاذات الضريبية. ويشارك هذا المصرفي الذي يرد في تصنيف مجلة فوربس لأغنى الرجال، أطروحات بوتين حول الرغبة الغربية في إضعاف روسيا وإذلالها.

ويمتلك كوفالتشوك العديد من وسائل الإعلام الروسية، ويشارك بنشاط في دعاية الكرملين. وتولى بعد وفاة يفغيني بريغوجين في أغسطس الماضي، إدارة «مصانع التضليل» التي طورها مؤسس «فاغنر» لخدمة روسيا.

المؤرخ

أما المقرب الرابع من بوتين، فهو فلاديمير ميدينسكي، 53 عاما، وقد ألف كتب التاريخ المدرسية الجديدة التي تم طرحها الخريف الماضي لطلاب المدارس الثانوية بروسيا. وأشرف ميدينسكي، الذي شغل منصب وزير الثقافة ثماني سنوات، على تأليف ونشر الكتب المدرسية المبنية على الأفكار التي طورها بوتين في السنوات الأخيرة، وأهمها الأخطاء التي ارتكبها الغرب ضد روسيا، وإعادة تأهيل ستالين، وتبرير الإجراءات الروسية، وإنكار أوكرانيا، وتشويه سمعة غورباتشوف، وكلها تدعم كلمة بوتين الشهيرة «إن سقوط الاتحاد السوفياتي يعد أعظم كارثة جيوسياسية في القرن الماضي».

وأصبح فلاديمير ميدينسكي أكثر من مجرد مستشار بسيط لبوتين، الذي أصبح شغوفا بالتاريخ القومي لروسيا. وكتب ميدينسكي النصوص التي وقعها بوتين والخطب التي ألقاها فيما يتعلق بالتاريخ. وبمرور الوقت ومن خلال نشر الكتب المدرسية الجديدة، ارتقى إلى رتبة كبير الأيديولوجيين.

back to top