عزت العلايلي... عملاق السينما المصرية (3 - 6)

«زائر الفجر» يصطدم بالرقابة في عهد الرئيس أنور السادات

نشر في 13-03-2024
آخر تحديث 12-03-2024 | 15:38
تألق الفنان عزت العلايلي على شاشة السينما، وخلال حقبتي الستينييات والسبعينيات من القرن الماضي، حصل على أدوار البطولة في أفلام مهمة، وأصبح ضيفاً في مهرجانات السينما العالمية، وبدت المعادلة الصعبة بين طموحاته الفنية الهائلة وتحقيق النجاح الجماهيري... وفي هذه الحلقة انطلقت رحلته إلى فضاءات أرحب مع النجومية والنجاح والشهرة. اجتاز العلايلي مرحلة الانتشار، وأصبح ممثلاً معروفاً، ودخل في منافسة شرسة مع نجوم من أجيال مختلفة، وسبق فنانين من جيله إلى بطولة أفلام عدة، وتعدَّدت أقنعته بين شخصيات متباينة، وبرع في أداء الأدوار المركبة والكوميدية والتراجيدية، ما جعله محل اهتمام كبار المخرجين، أمثال يوسف شاهين، وكمال الشيخ، وصلاح أبوسيف، وحسن الإمام، وتوفيق صالح. وكان الفنان الراحل من الممثلين القلائل، الذين اجتمعت عليهم آراء النقاد والجمهور، وتمتعوا بالتقدير خلال مسيرتهم الفنية، إذ كان يتعايش مع كل شخصية بعمق وإدراك لأبعادها النفسيّة، وبرزت موهبته في كل أعماله، وتجلت بشكل واضح في أفلامه مع المخرج يوسف شاهين.

وقدّم العلايلي خلال السبعينيات مجموعة من الأفلام الجيدة، منها «غرباء» (1973)، للمخرج سعد عرفة، وجسّد شخصية أستاذ جامعي (الدكتور فؤاد عبيد) أمام مجموعة من النجوم، منهم سعاد حسني وشكري سرحان وحسين فهمي وعماد حمدي.

ويناقش الفيلم أزمة فتاة تُدعى «نادية» حائرة بين أفكار ثلاثة رجال، الأول الفنان الذي تحبه، والثاني الأخ المتزمت، والثالث أستاذها في الجامعة، والمعروف بآرائه المتحررة.



اقرأ أيضا

وشارك العلايلي في بطولة فيلم «الأبرياء» (1974)، تأليف بهيج إسماعيل، وإخراج محمد راضي، وجسّد شخصية «الدكتور ممدوح» أمام ميرفت أمين ونور الشريف وغسان مطر ووحيد سيف. وتدور الأحداث حول الفتاة الريفية «فردوس» التي تطمح أن تكون طبيبة، وتترك منزل زوج أمها، وتتزوج من فنان تشكيلي، وحين يموت تقرِّر أن تشق طريقها بمفردها.

«لا تتركني وحدي»

وفي عام 1975، قدَّم العلايلي ثلاثة أفلام، أولها الفيلم الرومانسي «لا تتركني وحدي»، سيناريو عبدالحي أديب وإخراج حسن الإمام، ولعب دور الشاب الثري «عادل» وشارك في البطولة ميرفت أمين، وناهد شريف، ومحمود ياسين، ومريم فخرالدين، والممثل اللبناني سمير أبوسعيد.

واصطدم بالرقابة لأول مرة، حين شارك في بطولة فيلم «زائر الفجر» (1975)، سيناريو رفيق الصبَّان وإخراج ممدوح شكري، وشارك في بطولته ماجدة الخطيب ويوسف شعبان وتحية كاريوكا ومديحة كامل وسعيد صالح ورجاء الجداوي وعايدة رياض.

الممثل الشاب يلتقي فاتن حمامة في «ولا عزاء للسيدات»

وتزامن تصوير الفيلم، مع انتصار أكتوبر 1973 في عهد الرئيس أنور السادات، ما دفع الرقابة إلى تأجيل عرضه. وحاولت المنتجة وبطلة الفيلم ماجدة الخطيب، أن تجد حلا دون جدوى، وأصيب مخرجه الشاب ممدوح شكري بأزمة صحية، ورحل في نفس العام قبل أن يرى فيلمه على شاشة السينما.

وظل الفيلم ممنوعا مدة عامين، قبل أن تجيز الرقابة عرضه الأول بدور السينما في 3 مارس 1975، وأشاد به النقاد والجمهور. وتدور قصته حول مقتل صحافية شابة في شقتها، وينتقل المُحقِّق «عزت العلايلي» إلى مسرح الحادث، ويحاول التوصل إلى القاتل، ويأتي تقرير الطبيب الشرعي بأن الوفاة طبيعية نتيجة مرضها بالقلب، وبالبحث حول ملابسات وفاتها، تتسع دائرة الاشتباه، لتكشف العديد من السلبيات الاجتماعية.

«السقا مات»

وفي عام 1975 عاد العلايلي إلى دور «المحقِّق» أمام السندريلا سعاد حسني في فيلم «على من نطلق الرصاص؟» للمخرج كمال الشيخ، وشارك في البطولة محمود ياسين، ومجدي وهبة، وجميل راتب، وفردوس عبدالحميد، وأحمد توفيق، ووداد حمدي، وحسن عابدين، وعلي الشريف.

وكتب سيناريو الفيلم رأفت الميهي، ودارت أحداثه في إطار تشويقي، حول جريمة قتل المقاول «رشدي بك» ويهرب القاتل من الشركة، وأثناء خروجه تصدمه سيارة فيقع على جانب الطريق، وتنقل سيارة الإسعاف المصابين إلى أحد المستشفيات، ويفتح وكيل النيابة عادل (عزت العلايلي) باب التحقيقات، ويعمل على جمع الأدلة حول ظروف وكيفية القتل وعلاقة القاتل بالقتيل.

وكان العلايلي على موعد مع وحش الشاشة فريد شوقي في فيلم «السقا مات» (1977)، قصة الأديب يوسف السباعي، وإخراج صلاح أبوسيف، وشارك في بطولته أمينة رزق وشويكار وتحية كاريوكا، وقام بإنتاج الفيلم المخرج يوسف شاهين. ويعد دور «شوشة السقا» من أهم أدوار العلايلي خلال مسيرته الفنية، ودخل في مباراة تمثيلية مع النجم فريد شوقي الذي جسّد ببراعة دور «شحاتة أفندي» المغرم بتشييع الجنازات.

«على من نطلق الرصاص؟» مغامرة فنية جريئة مع سعاد حسني

تدور قصة الفيلم حول حياة «السقا شوشة» وفلسفة الحياة والموت، والصراع بين البقاء والفناء، ووقعت أحداثه في العشرينيات من القرن الماضي، وجرى تصوير معظم مشاهده في حارة شعبية بضاحية الحسين في القاهرة، وانتهى تصوير الفيلم خلال أربعة أسابيع فقط.

شهدت كواليس «السقا مات» العديد من المواقف الطريفة، وتحدث العلايلي عن ذكرياته مع فريد شوقي أثناء تصوير الفيلم، حيث تراجع وحش الشاشة عن النزول إلى القبر، وقال إنه سينزل إلى المقبرة مرة واحدة في العمر.

وقال العلايلي في لقاء تلفزيوني: «كنا نصوِّر في المقابر وفجأة اختفى الفنان فريد شوقي، وعلمت أنه أخد سيارته وغادر المكان، فطلبته من تليفون سيارتي، قلت له: (مشيت ليه؟) فقال لي: (أنا سأنزل القبر مرة واحدة... صلاح أبوسيف (المخرج) عاوز ينزلني من دلوقت)، فقلت له: (حقك عليَّ)، وطلبتُ من المخرج إلغاء المشهد، فوافق».

وقد احتل «السقا مات» المركز الـ31 في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، حسب استفتاء النقاد بمناسبة مرور 100 عام على أول عرض سينمائي بالإسكندرية (1896ــ 1996)، وحصل على جائزة جمال عبدالناصر للقيم العائلية في عام 1978، وجاء في المرتبة 36 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما العربية، حسب استفتاء لنقاد سينمائيين في مهرجان دبي السينمائي الدولي 2013.

«ولا عزاء للسيدات»

وكان العلايلي على موعد مع قصة نجاح جديدة، حين التقى سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في فيلم «ولا عزاء للسيدات»، قصة الكاتبة كاتيا ثابت، وسيناريو سمير عبدالعظيم، وإخراج هنري بركات، وشارك في البطولة جميل راتب وعبدالوارث عسر وناهد جبر ونعيمة وصفي وميمي جمال وأسامة عباس، وعُرِض الفيلم لأول مرة في 23 أغسطس 1979، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا.

«وقيدت ضد مجهول» تجربة فانتازية حول اختفاء هرم خوفو!

ويتناول هذا الشريط السينمائي قضية اجتماعية، حول تزايد الخلافات بين راوية (فاتن حمامة) وزوجها حمدي (عزت العلايلي) ليقررا الانفصال، وتذهب راوية للإقامة بمنزل والدها هي وابنتها، بينما يتزوج حمدي من الشابة الصغيرة ميرفت، وتحصل راوية على وظيفة سكرتيرة في إحدى الصحف، لتلتقي بطارق رئيس التحرير، وتتصاعد الأحداث.

وفي نفس العام، شارك في بطولة فيلم «خائفة من شيء ما»، قصة الأديب فتحي أبوالفضل وإخراج يحيى العلمي، وجسّد العلايلي شخصية «اللص رؤوف» أمام مجموعة كبيرة من النجوم، منهم رشدي أباظة ونجوى إبراهيم ومديحة يسري وصفية العمري وعماد حمدي وأبوبكر عزت، وإسعاد يونس، ومريم فخر الدين.

«الأقوياء والمجهول»

استهل العلايلي فترة الثمانينيات، بفيلم «الأقوياء» (1980)، وشارك في بطولته مع كوكبة من النجوم، منهم نجلاء فتحي ورشدي أباظة ومحمود ياسين ومديحة يسري، وتوفيق الدقن. والفيلم قصة محمد العشري وسيناريو عصمت خليل، وإخراج أشرف فهمي.

ويدور الفيلم في إطار اجتماعي، حول الفتاة «نادية» التي تفقد والدها وتقيم في منزل قريبها رشدي الباجوري، ليقنعها ابنه عادل باستغلال ثروة والدها بإنشاء مصنع للفلاحين الذين يهتم بمشاكلهم، لكنها تتعرض للعديد من المضايقات من الابن الثاني «رمزي»، لتقرر الرحيل، وتتصاعد الأحداث.

والتقي العلايلي مجددا مع النجمة نجلاء فتحي والمخرج أشرف فهمي في «المجهول»، المأخوذ عن مسرحية «سوء تفاهم» للكاتب الفرنسي ألبير كامو، وسيناريو مصطفى محرم، وشارك في البطولة عادل أدهم وسناء جميل وسمية الألفي، وتم تصوير الفيلم عام 1980، وتأخر عرضه إلى عام 1984.

وتدور القصة في أجواء قاتمة بأحد الأماكن النائية في كندا، وهناك تعيش «مديحة» مع والدتها وخادم أصم وأبكم وتديران فندقا صغيرا بعد أن هاجرا من مصر عقب طلاق الأم التي تخفي عن ابنتها أن لها شقيقاً في القاهرة يُدعى «ناجي»، ويحضر الشقيق إلى الفندق، دون أن تتعرف عليه الأم، وتتصاعد الأحداث إلى أن تنتهي بمشهد صادم.

«أهل القمة»

كان العلايلي على موعد مع أزمة رقابية أخرى، حين شارك في بطولة فيلم «أهل القمة» للمخرج علي بدرخان، ومُنِع الفيلم من العرض، بدعوى أنه ينتقد سياسات الانفتاح الاقتصادي، وشكا الفنان نور الشريف ــ المشارك في الإنتاج وأحد أبطال الفيلم ــ إلى الرئيس أنور السادات، وبعد أن شاهده اعترض على مشهد واحد، واستجاب الشريف لطلبه بحذف المشهد، وعُرض الفيلم في 11 مايو 1981، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا.

والفيلم عن قصة للكاتب الكبير نجيب محفوظ بذات العنوان، وسيناريو مصطفى محرم، تدور حول «اللص زعتر» الذي يعمل لدى «زغلول» صاحب إحدى شركات الاستيراد والتصدير، ويستغل زغلول إمكانات زعتر، ويكلفه بمهام مشبوهة تتعلق بتهريب بضائع من الجمرك، ويتعرف زعتر على سهام شقيقة ضابط المباحث محمد، ويربط الحب بينهما، ما يثير غضب محمد، ويستقل زعتر عن زغلول ويبدأ منافسته، ويتقدم للزواج من سهام ويرحب به محمد، ويكشف له زغلول حقيقته لكنه لا يصدقه.

ويحتل «أهل القمة» المرتبة رقم 37 في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وجسّد العلايلي شحصية الضابط محمد، أمام مجموعة من النجوم منهم سعاد حسني ونور الشريف وعمر الحريري وعايدة رياض.

ولعب الفنان عزت العلايلي شخصية «ضابط الشرطة» مرة أخرى، حين شارك في بطولة «وقُيدت ضد مجهول» مع مجموعة من النجوم، منهم محمود ياسين وصفية العمري ومحسن سرحان وهياتم ونبيل الحلفاوي وأحمد راتب، والفيلم من تأليف وإخراج مدحت السباعي، وعُرِض لأول مرة في 14 سبتمبر 1981.

يوسف شاهين يقاضي بطل «الاختيار»

جمعت صداقة وطيدة بين الفنان عزت العلايلي والمخرج العالمي يوسف شاهين، وتعاون الاثنان في أكثر من عمل سينمائي، منها «الاختيار» و«الناس والنيل» و«إسكندرية ليه؟» ولكن تعكر صفو صداقتهما، بعد اعتذار العلايلي عن عدم المشاركة في فيلم «عودة الابن الضال» وتجسيد إحدى الشخصيات الرئيسة.

كشف العلايلي سبب اعتذاره عن دور «طُلبة مدبولي»، فرغم أنه تعاقد رسمياً على الفيلم، لم يجد نفسه في الشخصية، وحينها رفع شاهين قضية ضد صديقه، ولاحقاً جرى التصالح بينهما، وتنازل المخرج عن القضية.

«السقا شوشة» ينقذ فريد شوقي من تصوير مشهد في المقابر

وذهب دور «طُلبة» في الفيلم، للنجم شكري سرحان، وظلت صداقة العلايلي بالمخرج يوسف شاهين من أهم العلاقات في حياته، وكان آخر لقاء فني بينهما في فيلم «إسكندرية ليه؟» (1979)، المستوحى من السيرة الذاتية للمخرج، وسفره لدراسة السينما في الولايات المتحدة.

وظل العلايلي من المرشحين الدائمين للمشاركة في أفلام يوسف شاهين التالية، ومنها فيلم «إسكندرية نيويورك» (2004)، واعتذر عن عدم أداء شخصية «يحيى» وذهب الدور إلى الفنان محمود حميدة.

مشروع فيلم لم يكتمل مع العندليب

كان الفنان الراحل عزت العلايلي يحكي في أي لقاء عن ذكرياته مع أصدقائه من النجوم وكواليس الأعمال التي شارك فيها، وفي لقاء له ببرنامج «ساعة صفا» مع الفنانة صفاء أبوالسعود، تحدث عن علاقة الصداقة القوية التي جمعته بالفنان الراحل عبدالحليم حافظ، ومشروع فيلم كان سيشاركه فيه ولكن لم يكتمل.

والفيلم كان سيجمعه بالعندليب الأسمر والسندريلا سعاد حسني، ومن إخراج يوسف شاهين، وكان بعنوان «الابن الضال» وسيظهران كشقيقين، لكن الثلاثة اعتذروا عنه، واضطر يوسف شاهين إلى تعديل السيناريو، وقدَّم الفيلم بعنوان «عودة الابن الضال» وظهرت فيه لأول مرة المطربة ماجدة الرومي.

ورجح العلايلي أسباب رفض عبدالحليم للفيلم، لاشتداد المرض عليه، بينما سعاد حسني كان لها تجربتان سابقتان مع شاهين في «الاختيار» و«الناس والنيل»، وكلتاهما لم تحقق نجاحاً جماهيرياً، رغم إشادة النقاد، ومشاركتهما في مهرجانات دولية.

فيلم عالمي يجمع العلايلي بنجوم هوليوود

بدأ الفنان العلايلي مشواره السينمائي عام 1962، وظهر في فيلمي «بين القصرين» إخراج حسن الإمام، و«رسالة من امرأة مجهولة» إخراج صلاح أبوسيف، وفي العام التالي جسّد شخصية «ضابط مصري» في الفيلم العالمي «كايرو» Cairo للمخرج البريطاني وولف ويلا، وبطولة ريتشارد جونسون وجورج ساندرز وإيزك بولمان، وإنتاج شركة مترو جولدن ماير الهوليوودية.

وفي فيلم «كايرو» ظهرت براعته في التمثيل باللغة الإنكليزية، مع مجموعة من النجوم المصريين منهم فاتن حمامة وأحمد مظهر وكمال الشناوي ويوسف شعبان وصلاح منصور وسعيد أبوبكر وعبدالخالق صالح.

ودارت أحداث الفيلم في إطار تشويقي، حول عصابة دولية يتزعمها لص دولي معروف، يستعين بعدد من اللصوص المحترفين، وبعض الشباب المتلهفين للثراء، ويخطِّط لسرقة إحدى القطع الأثرية النادرة من المتحف المصري بوسط القاهرة، وتكتشف الشرطة المصرية خيوط الجريمة، وتلقي القبض على اللصوص.

back to top