إلغاء «أفضلية المنتج الكويتي أمام الخليجي»... ضربة للصناعة الوطنية

صناعيون لـ «الجريدة•»: قرار سلبياته كبيرة وتبعاته ضارة على عماد الاقتصاد
• «الصناعات»: مجلس الوزراء تبنى رأياً متناقضاً لـ «الفتوى» وأغفل الأحكام القضائية
• الخرافي: لا جدال قانونياً بشأن أولوية المنتج المحلي وفقاً للقوانين السارية

نشر في 29-02-2024
آخر تحديث 28-02-2024 | 21:12
No Image Caption
تلقت الأوساط الصناعية الكويتية صدمة كبيرة من التوجيه الحكومي الذي أقره مجلس الوزراء أمس الأول، والذي يقضي بعدم منح المنتجات الكويتية أي أفضلية مقابل المنتجات الخليجية في المناقصات، إذ أبدى عدد من الصناعيين والخبراء استغرابهم الشديد من الإمعان في زيادة معاناة الصناعة المحلية التي تعاني أساساً من مشاكل مركبة ومتعددة. وأضاف هؤلاء الخبراء، في لقاءات مع «الجريدة»، أن هذا القرار من شأنه زيادة المعاناة في حين أن كل الدول تدعم منتجاتها وصناعاتها وتحميها بشتى الطرق إيماناً بأن الصناعة عموماً هي الرديف القوي والمرتكز الأساسي للاقتصاديات الحديثة، منتقدين غياب التسهيلات والدعم اللازم للصناعة الكويتية، وعدم تضمين البرنامج الحكومي محاور أساسية وبرامج تستهدف الارتقاء بالصناعة وزيادة رقعتها على خريطة التنمية. وأوضحوا أن الصناعة الكويتية تعاني دخول أسواق مجاورة وقريبة بسبب فرض الرسوم عليها، بالرغم من أن تكاليف التصنيع في الكويت مرتفعة ومكلفة ولا يوجد تكافؤ في هذه الكلفة. وطالبوا بضرورة إعادة النظر في القرار الذي يزيد من معاناة المصنعين والعمل على الاستماع إلى صوت الصناعيين وحل كل مشاكلهم، خصوصاً في ظل إسراع كل دول العالم لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، مؤكدين ضرورة أخذ العبر من الأزمات وآخرها «كورونا»، والتي أغلقت بعض الدول خلالها عمليات التصدير لتحقيق الأمن الداخلي أولاً. وتساءلوا هل بات مطلوباً إعدام الصناعة الكويتية التي تعتبر عنصر الأمان في ظل الأزمات؟!... وفيما يلي تفاصيل اللقاءات:

بداية، قال رئيس الاتحاد الكويتي للأغذية عبدالله البعيجان، إن قرار عدم منح أفضلية للمنتجات الكويتية على الخليجية في المناقصات سيضر كثيرا بالصناعة المحلية، مشيرا في ذات الوقت إلى أن دول الخليج تحمي صناعاتها ومنتجاتها بشتى الطرق.

وأضاف البعيجان أن دولا خليجية تفرض رسوما على المنتجات الكويتية للحد من منافسة منتجاتها بحجة عدم تكافؤ تكاليف الإنتاج، بالرغم من أن تكلفة الدول الخليجية هي الأقل، «ونحن في المقابل نلغي أفضلية المنتج الكويتي التي كانت قائمة بقرار وسائدة وهي أساسا كانت غير مفعّلة بالشكل الأمثل، وبعد إلغائها رسميا سيكون وضع الصناعة والمصنعين أصعب.

وأشار إلى أن هناك الكثير من القرارات الاقتصادية والتجارية البينية لا تلتزم بها دول خليجية أو ببعض الاتفاقيات الخاصة بالصناعات الكويتية، مشددا على ضرورة مراجعة كل الاتفاقيات الاقتصادية وتقييم الوضع مجددا بشكل دقيق للوقوف على مدى الالتزام بتلك الاتفاقيات قبل أن يتم إلغاء الأفضلية للمنتج الكويتي، «فالقرار منقوص ويحتاج إلى إعادة نظر».

المذن: أسرى للاستيراد

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة أفكار القابضة مشاري المذن، إن القرار مستغرب في ظل المعاناة التي تعانيها الصناعة الكويتية ولم تجد طريقا للحل.

وأشار المذن إلى أن القرار سيزيد من المصاعب والمتاعب والأكلاف على الصناعيين، وسيعرقل تطور ونمو هذا القطاع الذي يعد ركيزة أساسية للاقتصاد، ورديفا قويا للنفط ويحتاج اساسا الى الكثير من التطوير والتنمية.

وأوضح أن الصناعة المحلية تعاني اساسا من شح الدعم المقدم من الدولة، وهذا التوجه نسف القرار السابق بدعم وأفضلية المنتج الكويتي، وهذا الأمر تعمل به كل الدول التي تحمي صناعاتها ومنتجاتها.

وتابع أن الصناعات والمنتجات الكويتية تعاني ارتفاعات كبيرة في التكاليف، مشيرا إلى أنه بمقارنة بسيطة مع المنتجات الخليجية عموما والسعودية خصوصا نجد أن تكلفة مساحة 10 آلاف متر تقدر سنويا بنحو 4 آلاف دينار في حين يمكن للمصنع المحلي أن يدفع هذا المبلغ شهريا.



وأضاف أن تكاليف التشغيل في الإمارات والسعودية أقل بكثير من الكويت، وفي ظل هذا الوضع يتم إلغاء أفضلية المنتج الكويتي مع غياب الدعم الكافي أو المطلوب.

وأبدى المذن استغرابه من القرارات التي تضر الصناعة والمصنعين، وكأن هناك من يريد أن يبقى السوق الكويتي أسيرا للاستيراد وعدم تحقيق أي نوع من الاكتفاء الذاتي.

المطوع: غير داعمة للصناعة

بدوره، أكد خبير الشؤون الصناعية والتنمية المستدامة خالد محمد المطوع أن القرار في ظاهره يعود إلى التزام الكويت ببعض الاتفاقيات، وأنه قيمة مضافة من ناحية التعاون الخليجي مرورا بتشجيع الصناعات الخليجية كرؤية عامة مشتركة، «وعموما نحن لسنا ضد هذا التوجه او القرار، لكن قبل ذلك هناك استحقاقات واجبة وضرورية تجاه الصناعة المحلية أهمها حل مشاكلها ومشاكل المصنعين ومنحهم تسهيلات من شأنها أن تنعكس إيجابا على تنمية ونمو أعمالهم وطاقتهم الانتاجية».

وشدد المطوع على أن دعم المنتج الوطني الكويتي واجب وضروري حتى وإن كان ذلك عن طريق الاهتمام بالبنية التحتية الصناعية، وتسهيل منح الأراضي وتوفيرها بمرونة وتوفير الكهرباء ومحاولة تخفيف الأكلاف والدورة الروتينية الإدارية التي يعانيها المصنعون.

وقال إن «العالم الآن يسارع الخطى لتعزيز الصناعة كمحور ارتكاز اساسي في المنظومة الاقتصادية، ونحن أيضا نحتاج إلى تسريع الخطى ومواكبة الركب، خصوصا مع دخول عصر الصناعات التحويلية والطاقة البديلة، وهي قطاعات واعدة تحتاج إلى رؤية وإجراءات مرنة ومشجعة حتى ننجح فيها».

وأوضح أنه لا شك أن قرار إلغاء أفضلية المنتجات الكويتية سيكون له انعكاسات سلبية وآثار ضاغطة على الصناعات الكويتية والمصنعين في ظل إلغاء الأفضلية وفتح السقف بهذا الشكل دون إجراءات موازية أو التزام بما أعلنته الحكومة بتوسيع مشاركة القطاع الخاص.

ولفت إلى أن «التنمية المستدامة وإعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي تستدعيان أن ننظر بمجهر خاص لقطاعات واعدة ومهمة تمثل مصدرا إيراديا مستداما ورديفا آمنا للقطاع النفطي الذي يواجه تحديات في ظل ملف الحياد الكربوني، وأرى أن القطاع الصناعي هو من أهم القطاعات التي يمكن أن تحقق الأمان والقوة الاقتصادية».



وذكر المطوع أن القوانين والتشريعات غير داعمة أو مشجعة للصناعة، بل على العكس هناك إجراءات ضدها، ومن البديهي ألا يكون هناك دعم للصناعات الخليجية على حساب الكويتية.

الشرهان: الدول تدعم صناعاتها

بدوره، قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات الكويتية نائب الرئيس التنفيذي لشركة صناعات الشرهان، ناصر الشرهان: «ما نراه من قرارات تزيد العبء على الصناعة الكويتية والمصنعين، ويجعلنا نقول إننا وصلنا إلى مرحلة لم نعد نعرف طريقنا».

وأضاف الشرهان «ألا نتعلم من الأزمات التاريخية السابقة وآخرها أزمة كورونا التي أبسط دروسها أن وقت الأزمات يغلق الجميع حدوده ويمنح الأولوية لتحقيق الاكتفاء للأسواق المحلية، وهذا في حد ذاته يجعلنا نفكر ألف مرة في القطاع الصناعي الكويتي، وكيفية تنمية وتعزيز وتقوية الصناعات الكويتية بكل قطاعاتها».

وبين أن كل دول الخليج لديها دعم وأفضلية لمنتجاتها الوطنية، مشيرا إلى أن»القرار جاء بطريقة غير فنية، إذ إن الإعفاءات الأخيرة التي صدرت تخص النظام الموحد للإعفاءات الجمركية، ونحن ذهبنا في تفسيره لمصلحة المنتجات الخليجية».

وشدد على أن منح الأفضلية للمنتج الكويتي أمر ومبدأ واجب على الدولة أسوة بكل دول الجوار والعالم، مشيرا إلى أن الدول الاقتصادية والتجارية الكبرى تعزز من صناعاتها وتدعم صناعاتها بشتى الطرق، مطالبا بضرورة الالتفات إلى القطاع الصناعي بشكل علمي ومهني وفني ومدروس قبل فوات الأوان، خصوصا أن الصناعة هي الرديف الآمن للقطاع النفطي والعمق الاقتصادي القوي.

وتساءل: هل المطلوب إعدام الصناعة التي يتم الاعتماد عليها وقت الأزمات المفاجئة؟ لافتا إلى أن دول العالم باتت تتبنى استراتيجيات لترسيخ الأمن الاقتصادي والغذائي وهي استحقاقات ضرورية.

وأكد أن «علينا أن نرى كيف تدعم الدول المجاورة منتجاتها المحلية في كل مناقصاتها ومشترياتها».

ولفت إلى أن «الصناعة الكويتية عالية الجودة وتضاهي العالمية وتنافس في اسواق خارجية كثيرة وتجتاز أعلى المقاييس والمواصفات، وعلينا أن نستغل هذه الميزات ونضع برنامجا وخطة خلال 10 سنوات نصل بها لأن تكون رافدا استراتيجيا للقطاع النفطي ووعاء يستوعب العمالة الوطنية في أنشطة حقيقية مدرة».

وبين الشرهان أن «برنامج عمل الحكومة والحكومات السابقة لم يتطرق إلى القطاع الصناعي بشكل محدد، وفي المقابل ركزوا على القطاعات السياحية وليس لدينا مقوماتها، في حين أن لدينا مقومات صناعية وموقعا مميزا على تنمية القطاع»، مشيرا إلى أن عدم الاهتمام بالقطاع الصناعي يؤكد عدم الإيمان بقوة الاقتصاد لأن الاقتصاديات القوية والمتينة والمستدامة عمادها الصناعة.

المانع: أضرار للمنتجات المحلية

من جانبه، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك الكويتية مشعل المانع أن تعميم عدم أفضيلة المنتجات الكويتية على الخليجية في المناقصات سيضر المنتج المحلي، إذ ستضرر منه الشركات المنتجة المحلية ويهدد استدامتها.

وبين المانع أن السوق الكويتي يعتمد على 5% من المنتج المحلي، مشيراً إلى أنه من المفترض توفير الدعم وإعطاؤه الأولوية خاصة عندما يدخل المنتج الخليجي منافساً له في المناقصات.

وأوضح أن المنتج المحلي يواجه صعوبة في إجراءات النقل والتبادل التجاري مع الدول المحيطة، حيث تكون تلك الإجراءات طويلة وتجعل المنتج المحلي يواجه عقبات وسلبيات في التصدير.

وإضافة إلى ذلك فإن وجود المنتجات المحلية في السوق يساهم في مكافحة الإغراق لاسيما أن تزويد السوق بشكل كبير من تلك المنتجات يعمل نوعاً من التوازن بين المستورد والمحلي.



ورأى ضرورة أن يكون حجم الدعم كبيراً جداً، وأن تكون هناك وفرة في الإنتاج المحلي والاستدامة لهذه الشركات كي يساهم في استقرار المنتجات المحلية واستدامة لإيراداتها بالتالي تحقيق التوازن، متسائلاً عن سبب دخول المنتجات الخليجية رغم أن الخليجي في دولته مميز في مناقصته وفي الدول المجاورة يعطى الأولوية، ومثال على ذلك المنتج السعودي.

العبدالغني: يسيء للصناعة

وعقّب رئيس مجلس إدارة شركة «المهلب للمقاولات والتجارة» خالد العبدالغني على التعميم بتأكيد أنه ستكون له آثار سلبية على الصناعة في الكويت.

وذكر العبدالغني أن أثر هذا القرار «يسيء للصناعة الكويتية ويضعف تطورها وإمكانياتها بالصمود والتسويق لأن الأسواق الأخرى لديها حماية في حين سنكون خارج نطاق الحماية».

وأشار إلى «أننا سنفقد القدرة على الاستقرار لاسيما مع فتح الباب دون المساواة مطالباً بأن تكون المسطرة على الجميع».

وبين «أننا كصناعيين نحترم الاتفاقيات الدولية وبالأخص مع دول مجلس التعاون، لكن يجب أن تكون كل الأطراف ملتزمة، وألا يكون الالتزام من جهة دون أخرى.

وأشار إلى أن المنتج الكويتي لا يستطيع المنافسة في الأسواق الأخرى لوجود الحماية لمنتجاتها، وهو ما يشكل ظلماً للصناعي الكويتي، ولذا قد نخسر الكثير من الصناعات المحلية.

وبين أن التعميم سيفتح لهم أبواب الدخول في السوق المحلي وأخذ حصة كبيرة، مطالباً بأن تكون المسطرة موحدة على الجميع وهو ما يعتبر صعباً بالوقت الراهن، لافتا إلى ضرورة حماية المنتج المحلي، حتى لا نفقد منتجاتنا وتخرج من السوق وتواجه شبح الإفلاس، خصوصاً مع زيادة التكاليف عليها.

الملا: إزالة العراقيل

رأى عضو مجلس إدارة «مجموعة الملا» عبدالله الملا أن العديد من الدول الخليجية فتحت أسواقها مؤخراً لاستقطاب الاستثمارات غير المحلية، مما يحقق الأهداف التنموية على المستوى الاقتصادي وتنويعه.

وبين الملا أن الأسواق الخليجية باتت مفتوحة أمام المستثمرين الخليجيين، وعلى الدولة أن تخطو خطوات واضحة نحو إزالة كافة العراقيل التي تحد من منافسة الشركات المحلية والمتمثلة في المشكلات التي يعانيها المستثمر المحلي فيما يخص الأراضي والرسوم والعمالة.

وذكر أن الشركات والمؤسسات المحلية لديها مشكلات ينبغي حلها، مشيداً بتوجهات مجلس الوزراء الحالي بخصوص العمل على تنويع مصادر الاقتصاد المحلي.

وأضاف أن قرار المساواة بين المنتجين المحلي والخليجي في مسألة المناقصات سيكون أثره صحياً على السوق المحلي، مشيراً إلى أن الدول كافة لم تعد تنظر حالياً إلى صاحب الحلال، بل أصبحت لديها قناعة كبيرة بما يحقق الأفضلية للسوق المحلي عن طريق فتح باب المنافسة.

الجحيل: تأثير محدود

وأوضح عضو مجلس إدارة شركة مجموعة «الخليج للكابلات والصناعات الكهربائية» جحيل الجحيل أن «تعميم» مجلس الوزراء بشأن المساواة بين المنتجَين لن يكون له تأثير كبير على المنتج المحلي فيما يخص المنافسة.

وقال الجحيل، إن هذا القرار كان معمولاً به ومطبقاً منذ 10 سنوات، مشيراً إلى أن الكويت لا تملك القوة الصناعية الكبيرة التي يمكن أن تلبي طموحات وأهداف السوق المحلي، وفتح السوق أمام المنتجات والشركات الخليجية سيساعد على استقرار السوق المحلي.

الصانع: الدعم ضرورة

من جانبه، أبدى رئيس مجلس إدارة شركة الشعيبة الصناعية سابقاً عادل الصانع استغرابه من قرار مجلس الوزراء بإزالة الأفضلية للمنتج المحلي والمساواة فيما بينه مع المنتج الخليجي، مؤكداً ضرورة دعم المنتج المحلي باعتباره بوابة لتنويع الاقتصاد، وضرورة إعطائه أولوية حتى ولو بنسبة تصل إلى 5 في المئة.

وشدد الصانع على أهمية منح المنتج المحلي في المناقصات والمشروعات الحكومي أولوية، خصوصاً أنه يعزّز توجه إقامة مشاريع صناعية منتجة تُسهم بخلق الوظائف، كما يُحفز نشاط المشاريع والمنتجات المحلية ويؤسس لشركات ذات قيمة مضافة للاقتصاد.

المطوع: يشجع على المنافسة

بدوره، قال رئيس مجلس إدارة شركة «سدير للتجارة والمقاولات» طارق المطوع، إن المساواة بين المنتجين المحلي والخليجي تشجع على المنافسة وتحقق الهدف المنشود في خلق قيمة مضافة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية للسوق المحلي، كما هو معمول في بعض الدول الخليجية.

وبين المطوع أن تعدد المنتجات داخل السوق المحلي من خلال فتح المجال أمام المنتجات الخليجية بشكل كبير ضمن سياق القرار الصادر عن مجلس الوزراء يساعد على استقرار الأسواق في السوق المحلي، ويدعم المنافسة لتصب في مصلحة المستهلك والمواطن داخل السوق الكويتي.

وأشار إلى أن بعض الدول الخليجية اتجهت مؤخراً إلى فتح الأسواق لديها والعمل على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية الساخنة عن طريق فرض التشريعات والقوانين التي تهدف إلى إرساء قواعد المنافسة المحلية، وعلى سبيل المثال السوق السعودي، الذي بات مفتوحاً على مصراعيه أمام كل الشركات سواء الخليجية أو العالمية.

وأكد المطوع أن الدولة لديها القدرة على إزالة كل العراقيل التي تحد من أفضلية المنتج المحلي من خلال إقرار التشريعات والقوانين التي تدعم وتقوي من منافسته سواء داخل الأسواق المحلية أو الخليجية.

البسام: في مصلحة السوق

وفي السياق، قال نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة عربي القابضة، حامد البسام، إن معاملة المنتج الخليجي كالمنتج الكويتي تصب في مصلحة السوق المحلي، حيث يتيح المجال أمام تقديم أفضل الخدمات والمنتجات محلياً.

وذكر البسام أن فتح المجال أمام المنتجات الخليجية يساعد على استقرار الأسواق في السوق المحلي، ويدعم المنافسة لتصب في مصلحة المستهلك والمواطن داخل السوق الكويتي، مشيراً إلى أن العديد من الدول الخليجية عملت على فتح المجال أمام الشركات الخليجية والإقليمية للدخول والاستثمار فيها.

ولفت إلى اتجاه الكويت لتنويع المنتجات عن طريق المساواة بين المنتجين الخليجي والمحلي سيؤدي إلى تنويع مصادر المنتجات داخل السوق المحلي، مؤكداً ضرورة توافر عدد من المقومات للنهضة في الصناعة المحلية من خلال القرارات والتشريعات المنظمة لذلك.

«الصناعات»: مجلس الوزراء تبنى رأياً متناقضاً لـ «الفتوى» وأغفل الأحكام القضائية

رداً على قرار مجلس الوزراء رقم 160/ثانياً الصادر في اجتماعه رقم 7/2024 المنعقد بتاريخ 19 الجاري بتوجيه جميع الجهات الحكومية إلى الالتزام بالرأي الصادر من إدارة الفتوى والتشريع بتاريخ 13 سبتمبر 2022، والمتضمن أنه لا محل لتقرير أفضلية للمنتج المحلي في مواجهة المنتج الخليجي، صرح رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات الكويتية حسين الخرافي بأن قرار مجلس الوزراء استند إلى رأي لإدارة الفتوى مخالف لرأيين سابقين لنفس الادارة.

وقال الخرافي إن قرار المجلس جاء مخالفاً لأحكام القضاء وما استقر العمل عليه منذ تعديل المادة 62 من قانون المناقصات عام 2019 بموجب القانون رقم 74 لسنة 2019، مؤكداً انتفاء مبدأ المعاملة بالمثل من قبل دول مجلس التعاون الخليجي.

وأشار إلى أن هذا القرار الذي تم تعميمه على الجهات الحكومية يخالف توجه سمو رئيس مجلس الوزراء وخارطة الطريق التي أعلن عنها سموه بشأن ترسيخ الهوية الاقتصادية للبلاد وتسريع خطى الإصلاح المنشود من أجل تجاوز كل ما يعترض مسيرة العمل الوطني من تحديات، مؤكداً أنه لا جدال قانونياً على أولوية المنتج المحلي في مواجهة المنتج الخليجي في ظل التفسير الصحيح لنص المادة 62 من القانون رقم 49 لسنة بشأن المناقصات العامة 2016 المعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2019، وما استقرت عليه أحكام القضاء.

رأي «الفتوى»

ولفت الخرافي إلى أن بناء مجلس الوزراء قراره في التعميم على جميع الجهات الحكومية بالمساواة بين المنتج المحلي والخليجي في المشتريات الحكومية استناداً لرأي إدارة الفتوى الصادر بتاريخ 13/9/2022 هو أمر جانبه الصواب، لعدة أسباب أهمها:

1 - أن رأي «الفتوى» الذي تم الاستناد عليه قد خالف رأيين سابقين لذات الإدارة وهما على الترتيب: رأيها الصادر بتاريخ 04/03/2021 في الفتوى رقم 271/2021 والمنتهي إلى عدم وجود أي أولوية للمنتج الخليجي، وفقاً لأحكام قانون المناقصات بنصه الحالي. والثاني رأيها في الفتوى رقم 2203/2020 الصادرة بتاريخ 16/09/2020 والمشار بأسبابها ضمناً إلى أولوية المنتج المحلي وعدم وجود أي أولوية للمنتج الخليجي، بعد تعديل المادة 62 من القانون 49 لسنة 2016 في شأن المناقصات العامة المعدلة بالقانون 74 لسنة 2019 بنصها على أن هذا التعديل يسري من تاريخ العمل به أي بعد شهر من صدوره ونشره في الجريدة الرسمية، وهو ما يقطع بأن الرأي انتهى إلى أولوية المنتج المحلي إلا أنه ربط نفاذ تلك الأولوية ببدء العمل بتعديل المادة 62 بالقانون 74 لسنة 2019.

2 - أن رأي ادارة الفتوى استشاري وليس ملزماً، لاسيما أنه يخالف آراء سابقة لذات الجهة.

3 - أن رأيها الذي تم الاستناد عليه فضلاً عن مخالفته لرأييها السابقين قد خالف حكماً قضائياً فاصلاً وحاسماً في النزاع، وعلى النحو الذي سيرد بيانه تفصيلاً.

أحكام القضاء المستقرة

وعبّر الخرافي عن اندهاشه من صدور ذلك القرار بالمخالفة لأحكام القضاء التي نحمل لها جميعاً حكومة وشعباً القُدسية الواجبة والاحترام اللازم، لكون الأمر محسوما بحكم قضائي تضمن النص صراحة على أولوية المنتج المحلي.

وأضاف أنه بتاريخ 16/ 06/ 2021 صدر حكم المحكمة الكلية/ 12 إداري في الدعوى رقم 4454 لسنة 2020، الذي تأيّد استئنافياً بموجب الاستئناف رقم 1795 لسنة 2021 إداري عقود وطعون أفراد/3 مؤكداً رأي إدارة الفتوى السابق - بأنه بعد تعديل المادة 62 من قانون المناقصات لم تعُد هناك أي أولوية للمنتج الخليجي، وانحصرت الأولوية فقط للمنتج المحلي على سائر المنتجات الأخرى، حيث نص بالصفحة 15 منه صراحة على التالي:

«وحيث إنه في ضوء هذا التعديل (يقصد به وفقاً لأسباب الحكم المادة 62 من القانون 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة المعدلة بالقانون 74 لسنة 2019)، فإنّ المشرع قرر صراحة منح الأفضلية في الترسية للمنتج المحلي (الذي يتم إنتاجه داخل الكويت) ولم يمنح المنتج الخليجي أي أفضلية، وهو ما يستفاد منه أن المشرّع قد ألغى ضمناً منح أي أفضلية عند الترسية للمنتج الخليجي، وهو الأمر الذي يتعين معه الالتفات عمّا أثارته الشركة في ذلك الشأن».

وتعليقا على الحكم القاضي بعدم منح أي أولوية للمنتج الخليجي، قال الخرافي أن الحكم عنوان الحقيقة، لاسيما أنه قد جاء واضحاً تمام الوضوح وبنصوص صريحة وجليّة، لا شائبة فيه، ويتوافق مع المنطق القانوني الصحيح المستمد من نصوص واضحة الدلالة ووقائع قانونية حملت المحكمة على إصدار حكم حاسم وفاصل بالنزاع المعروض عليها، ومن ثم فهو حكم واجب النفاذ، وما كان لإدارة الفتوى أو لأي جهة حكومية أن تعارض ما انتهى إليه هذا الحكم.

وعن الطعن على الحكم السابق بـ «التمييز»، أفاد الخرافي بأن الحكم الاستئنافي لم يلقَ قبولاً لدى الشركة المدعية، فقامت بالطعن عليه أمام محكمة التمييز بتاريخ 12/ 06/ 2022، وضمنت الطعن طلب عاجل بوقف نفاذ الحكم الاستئنافي لحين الفصل في الطعن بالتمييز، إلا أنه بتاريخ 14/06/ 2023 قضت محكمة التمييز بعدم الموافقة على طلب وقف نفاذ الحكم الاستئنافي، بما مفاده الاستمرار في تنفيذ الحكم المطعون عليه، وأن أي وقف لتنفيذه أو عرقلته لإجراءات نفاذه يعد مخالفة قانونية تستوجب المساءلة القانونية.

وذكر أن المادة 79 من القانون 49 لسنة 2016 السابق الإشارة إليه، تؤكد أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في أي نزاع يتعلّق بالمناقصات العامة يعتبر حكم باتًّا لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، وأضاف أن مجرد الطعن بالتميّز لا يوقف تنفيذ الحكم، لاسيما مع رفض المحكمة طلب وقف التنفيذ الذي يؤكد نفاذه واستمراريته وكونه ملزماً للكافة.

القانون 49 لسنة 2016

وأوضح أن أولوية المنتج المحلي ثبتت في مواجهة المنتج الخليجي من خلال التفسير الصحيح لنص المادة 62 من القانون رقم 49 لسنة في شأن المناقصات العامة 2016 المعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2019، والغاية من التعديل.

وأشار الخرافي إلى أن المستقر عليه بأحكام محكمة التمييز أن الأصل في النصوص القانونية ألا تُحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها ويفصلها عن سياقها أو يخرجها عما اتجهت إليه إرادة المشرع، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في دلالته.

وأضاف أن نص المادة 62 من القانون 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة بعد تعديلها بموجب أحكام القانون رقم 74 لسنة 2019 خلا من أي أفضلية للمنتج الخليجي وإنما تضمنت أحكام المادة فقط الأولوية للمنتج المحلي، وهو ما مفاده أن المشرع ألغى ضمناً أي أفضلية عند الترسية للمنتج الخليجي- وهو ما استقر عليه حكم القضاء الكويتي على النحو السابق الإشارة إليه- الأمر الذي يعد معه صدور القرار المشار إليه بإعطاء المنتج الخليجي ذات الأولوية المقررة للمنتج المحلي مخالفاً لنص المادة 62 من القانون 49 لسنة 2016.

وأكد على أنه بعد استبدال نص المادة 62 من القانون 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة والتي كانت تنص على أفضلية للمنتج الخليجي لم نجد أي ذكر أو إشارة للمنتج الخليجي في نصوص قانون المناقصات لا من قريب أو بعيد.

وأضاف أن القول بأن لا أفضلية للمنتج المحلي على المنتج الخليجي يهدر الغاية من التعديلات السابقة على قانون المناقصات العامة والتي اشارت إليها صراحة المذكرة الإيضاحية للقانون 74 لسنة 2019 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة ويجعلها غير ذات قيمة وما كان لها أن تحدث، حيث نصت على: «لقد أظهر الواقع العملي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على نفاذ وتطبيق أحكام قانون المناقصات العامة المشار إليه، ضرورة إعادة النظر في بعض أحكام هذا القانون سواء فيما يتعلق بمفهوم المنتج الخليجي الذي يشمل كل منتجات دول مجلس التعاون طبقاً للاتفاقيات المعقودة في هذا الخصوص مما أثر سلبًا على المنتج المحلي للدولة، .... وأن القانون بوضعه الراهن لم يعطهم الفرصة لأن تكون لهم الأفضلية عند ترسية العطاءات، تاركًا ذلك للائحة التي جعلت هذا الأمر بيد السلطة التقديرية للجهاز المركزي للمناقصات العامة ممثلاً في مجلس إدارة الجهاز أو الجهة صاحبة الشأن»، بما مفاده أن التعديل السابق على قانون المناقصات رقم 49 لسنة 2016 تم خصوصاً لإعطاء الأولوية للمنتج المحلي، وأن السير في اتجاه معاكس لهذا التوجه يفرغ هذا التعديل من محتواه.

وعن الاتفاقيات الاقتصادية المبرمة بين دول مجلس التعاون، أكد الخرافي أن أحكام الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي الصادرة بالقانون رقم 5 لسنة 2003 – السارية في الوقت الراهن- لم تتضمن المساواة بين المنتج المحلي والخليجي في المشتريات الحكومية.

وأفاد تفصيلاً لذلك:

1 - أن الاتفاقية الصادرة عام 1981 والتي أشارت بالمادة الأولى منها إلى (معاملة السلع المنتجة في أي من دول المجلس معاملة المنتجات الخليجية) هي الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي الصادر بالموافقة عليها القانون رقم 58 لسنة 1982 وقد تم إلغاؤها بموجب نص المادة (32) من الاتفاقية الموحدة بين دول مجلس التعاون التي تمت الموافقة عليها بموجب القانون رقم 5 لسنة 2003، وهذا النص كان النص الوحيد والصريح في الاتفاقيتين الذي يشير إلى معاملة المنتجات والسلع ذات المعاملة، ومن ثم لا يجوز الاحتكام أو حتى الاهتداء بنص ملغى ولو أرادت دول المجلس ذلك لنصت عليه صراحة.

2 - خلو الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي الصادرة بالقانون رقم 5 لسنة 2003 من إشارة لتفضيل أو أولوية أو مساواة لمنتجات الدول الأعضاء في كل دولة من عدة إلا في موضعين على الترتيب التالي:

- ما تمت الإشارة إليه بالمادة الأولى من الاتفاقية من معاملة السلع المنتجة في أيٍّ من دول المجلس معاملة المنتجات الوطنية قد جاء في سياق الحديث صراحةً عن التبادل الجمركي فلا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره لوضوح النص.

- ما تمت الإشارة إليه بالمادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الصادر بالموافقة عليها القانون رقم 5 لسنة 2003، والتي نصت على (معاملة مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بأي دولة من دول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها)، جاء بنص عام يتعلق بمعاملة مواطني المجلس الطبيعيين والاعتباريين معاملة المواطنين في ممارسة النشاط الاقتصادي وهو ما لم تخل به دولة الكويت دون إشارة بالنص لأي مزايا للسلع والمنتجات أو أن تعامل معاملة المنتجات الكويتية، ومن ثم لا يجوز تخصيصه والدليل على أن النص عام:

- لو أراد المشرع النص على معاملة السلع والمنتجات ذات المنشأ الخليجي معاملة المنتجات المحلية لنص على ذلك صراحة ولكان حق لتلك المنشآت ذات المزايا التي تتمتع بها المنشآت المحلية والمستثمر الكويتي، ولو أراد المشرع معاملة مواطني المجلس الطبيعيين والاعتباريين معاملة المواطنين - على إطلاقه - لكان حق لمواطني مجلس التعاون تقاضي دعم عمالة وطنية وبدل إيجار وبدل علاء المعيشة وباقي المزايا الأخرى التي تخصص للمواطنين، وهو ما يؤكد أن النص عام ومن ثم لا يجوز تخصيصه.

- وما يؤكد أيضاً أن النص عام وأن الاتفاقية جاءت بمبادئ عامة وتركت للدول الأعضاء وضع القواعد الإجرائية والتنفيذية لها هو ما أشارت إليه المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الصادر بالموافقة عليها القانون رقم 5 لسنة 2003، بعد أن أشارت إلى أن يُعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كل المجالات الاقتصادية، أضافت في نهاية تلك المادة على أن تتفق الدول الأعضاء على استكمال القواعد التنفيذية الكفيلة بتنفيذ ذلك وتحقيق السوق الخليجية المشتركة، مما يؤكد أن النص عام ومن ثم لا يجوز تخصيصه.

3 - دليل آخر على عدم وجود أي معاملة ذات أفضلية للمنتجات والسلع بالاتفاقية هو ما نلمسه على أرض الواقع من نهج معظم الدول الموقعة على الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي الصادرة بالقانون رقم 5 لسنة 2003 حيث راعت تلك الدول مصالح مواطنيها بتنظيم أفضلية صريحة لمنتجاتها عن المنتجات الخليجية على النحو الذي جاء تنظيمه من المملكة العربية السعودية في إقرارها للمحتوى المحلي.

4 - وعلى فرض أن المقصود بالمساواة في المعاملة هو مساواة السلع والمنتجات أيضاً وليس الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون فقط فهو أمر لم تخل به أيضاً دولة الكويت كون النص أشار إلى أن يعامل مواطنون دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون بأي دولة من دول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها ومن ثم فإن المنتج الخليج الذي يتم إنتاجه في دولة الكويت سيعد بالطبع منتجاً محلياً لانطباق تعريف المنتج المحلي عليه (كل منتج يتم إنتاجه داخل دولة الكويت) وسوف يأخذ ذات الأولوية الممنوحة للمنتج الكويتي دون تفريق بينهم ودون إخلال بأحكام الاتفاقية رغم أن أحكامها وكما سبق القول بعيدة كل البعد عن هذا الفرض.

المعاملة بالمثل

أفاد الخرافي بأن انتفاء مبدأ المعاملة بالمثل يعطل العمل بأي أفضلية للمنتجات الأخرى، وأضاف أن المادة 62 من القانون 74 لسنة 2019 المشار إليه تضمنت النص صراحة على مراعاة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وإذ ما سلمنا جدلاً أن الاتفاقية الموحدة لدول مجلس التعاون التي تمت الموافقة عليها بموجب القانون رقم 5 لسنة 2003 تضمنت أولوية المنتجات ذات المنشأ الخليجي ومساواتها بالمنتجات المحلية، - وهو ما لا نقر به ونؤكد عدم ثبوته على النحو السابق الإشارة إليه تفصيلاً- فإن منح أي أفضلية للمنتجات الخليجية مرهون بالمعاملة بالمثل، بما مفاده بأنه يشترط لإقرار أي أفضلية لمنتجات وطنية داخل دولة الكويت أن تعامل دول تلك المنتجات منتجات دولة الكويت بالمثل على أراضيها وذلك بفرض أفضلية مساوية لمنتجاتها، وهو ما لم نلمسه على أرض الواقع ويدفعنا لإقرار أفضلية للمنتج المحلي على سائر المنتجات كون جميع الدول الموقعة على الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي الصادرة بالقانون رقم 5 لسنة 2003 قد راعت مصالح مواطنيها بتنظيم أفضلية صريحة لهم عن المنتجات الخليجية على النحو الذي جاء تنظيمه من المملكة العربية السعودية في إقرارها للمحتوى المحلي بل وإنشاء هيئة مستقلة لرعاية مصالحه ومتابعة تطبيقه، ونهجت ذات التوجه الإمارات وقطر وعمان بتفضيل منتجاتها المحلية على جميع المنتجات المستوردة بما فيها منتجات دول مجلس التعاون الخليجي.

أولوية ثابتة ومحسومة

أشار الخرافي إلى أن أولوية المنتج المحلي على سائر المنتجات الخليجية ثابتة محسومة من خلال تعديل نص المادة 62 من القانون رقم 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة بالقانون 74 لسنة 2019، والهدف والغاية من تعديلها التي تضمنتها المذكرة الإيضاحية للتعديل، وكذلك استقرار أحكام القضاء، ورأي «الفتوى والتشريع» في فتاوى سابقة والمنتهية إلى التقرير بأنه لا محل لأي أولوية للمنتج الخليجي بعد التعديل التشريعي المشار إليه، وهو ما يتماشى مع توجه سمو رئيس مجلس الوزراء السابق الإشارة إليه تفصيلاً.

وناشد الخرافي سموه بالتدخل الحاسم والسريع لإنهاء هذا النزاع لصالح المنتج المحلي، لاسيما في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم وتؤثر على اقتصاديات الدول، ولا جدال في أن مراعاة المصلحة العامة للدولة على وجه العموم، ومراعاة مصالح مواطنيها ومؤسساتها الاقتصادية ومنتجاتها المحلية على وجه الخصوص هو من أهم الأهداف التي تحرص عليها الدول، الأمر الذي نرى معه ضرورة تغليب المصلحة العامة، ومراعاة مصالح المواطنين والاقتصاد المحلي بالتقرير صراحة بأفضلية المنتج المحلي في مواجهة المنتج الخليجي.

اجتماعات مع الوزراء

أفاد الخرافي بأن قرار مجلس الوزراء بتوجيه جميع الجهات الحكومية بالالتزام برأي إدارة الفتوى بتاريخ 13/09/2022، والمتضمن أنه لا محل لتقرير أفضلية للمنتج المحلي على الخليجي يخالف توجه سمو رئيس مجلس الوزراء وخارطة الطريق التي أعلنها بشأن الالتزام بأحكام الدستور، وتعزيز الانفتاح الاقتصادي، وتحسين بيئة العمل الحكومي ورفده بالكفاءات الوطنية المؤهلة، وترسيخ الهوية الاقتصادية للبلاد، وتسريع خطى الإصلاح المنشود من أجل تجاوز كل ما يعترض مسيرة العمل الوطني من تحديات، لاسيما في تلك المرحلة الفاصلة بالغة الدقة التي تنطوي على الكثير من التحديات ومعوقات الإصلاح، وتتسم بالعديد من التطلعات، والتي تتطلب -كما تفضل سموه- العمل الجاد والمثمر، ومضاعفة الجهود، والإنجاز الحقيقي، لتحقيق المزيد من الازدهار والإنجازات في شتى المجالات من أجل وطننا الغالي، وتحقيق تطلعات وأماني المواطنين.

وأضاف الخرافي أن لهذا القرار آثاراً سلبية على الصناعة المحلية، أخصها هجرة الاستثمارات الأجنبية والمحلية لدور الجوار، لما تمنحه تلك الدول من مزايا وتسهيلات للمستثمرين لديها، لاسيما إذا ما نظرنا إلى أهمية الصناعة المحلية، ودورها في استقرار ونمو الاقتصاد الوطني، إذ تمثل إحدى أهم الركائز والبدائل الإستراتيجية لتنويع مصادر الدخل القومي، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي للمواطنين من خلال استيعابها للعمالة الوطنية، وتوفير المتطلبات الضرورية لهم، مما لازمه تضافر كل الجهود الوطنية لدعمها، وتذليل كل العقبات التي تواجه مسيرتها، ووضع الخطط والبرامج التي تستهدف نموها وتطورها، وهو ما حرصت عليه جميع الدول، حيث قامت بسن القوانين والقرارات التي تدعم صناعتها، وتحقق الاستقرار لها، إيماناً منها بما للصناعة المحلية من مساهمات مباشرة ومؤثرة في مسيرة الإنماء ونهضة الاقتصاد القومي، وتحقيق التنمية المستدامة بل وتجاوز عوائق الإصلاح ومعوقات النهوض الاقتصادي، إذ لا يمكن لأى مجتمع أن يحقق نهضة حضارية ويتجاوز معوقات النهوض إلا بالاعتماد على صناعته المحلية، وبسواعد أبنائه وطاقاتهم، وانطلاقاً من أسس فكرية يشترك في تحقيقها ويتبناها صراحة أو ضمنيا كل الجهات الحكومية.

وعن دور الاتحاد في الدفاع عن أولوية المنتجات المحلية، أشار الخرافي إلى أن الاتحاد لم يدع باباً إلا طرقه، ولا سبيلاً إلا سلكه لنصرة الصناعة المحلية، وإعطاء المنتج المحلي الأولوية.

وأضاف أن اتحاد الصناعات الكويتية دافع بشراسة عن تلك القضية، حيث سبق له أن خاطب وزير التجارة وزير الدفاع ووزير الإسكان وغيرهم بشأن أولوية المنتج المحلي في مواجهة المنتج الخليجي، فضلاً عن اجتماعه الأخير المنعقد يوم 14/02/2024 مع وزير العدل بصفته المشرف على أعمال لجنة المناقصات لحسم نزاع أولوية المنتج المحلي في المشتريات الحكومية، وأولويته على جميع المنتجات الأخرى، وأنه تفهم رؤية الاتحاد ووعد بتوجيه المختصين بدراستها ودعوتنا لاجتماع تال لعرض ما انتهت إليه الدراسة، إلا أن الاتحاد قبل مرور أسبوع واحد من هذا الاجتماع فوجئ بصدور قرار مجلس الوزراء المشار إليه بالمخالفة لرؤية الاتحاد، وما استقر عليه القضاء، وما تم الوعد بدراسته.

خزعل: عواقب سلبية على الأمن الدوائي في البلاد

صرح رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب للشركة الكويتية - السعودية للصناعات الدوائية، د. راشد خزعل، بأن قرار إلغاء الأفضلية للمنتج الكويتي في المناقصات ستكون له عواقب وخيمة، خصوصا أنها ستلغي عن صناعاتنا هامش الأفضلية 20 بالمئة، وهو ما يفقدنا أي ميزة كبلد منشأ.

وقال: من قوة تأثير القرار لدينا تحالفات وشركاء عالميون تواصلوا معنا يستفسرون عن القرار، وهو ما يعكس تخوّفهم، في حين أن كل دول العالم تدعم الصناعة وتشجع على نقل المحتوى والتطوير، ولا سيما الصناعة الدوائية التي تحتاج الى مزيد من الاستثمارات ونقل المعرفة، حتى تصل إلى مرحلة تحقيق الأمن الدوائي.

وأضاف: نحن على مشارف تدشين مصنع جديد عالي التكلفة، وسيكون من أكثر المصانع تطورا وتعقيدا، واستيراد معداته الرئيسية يبدأ في يونيو وتدشين المصنع في نهاية العام الحالي، وهذا القرار سيعرقل المشروع.

وقال إن بعض الدول تعطي حتى 90 بالمئة دعما في حالة المنتج المحلي لما تقدمه الصناعة المحلية من استثمار في الاقتصاد والعمالة الوطنية وتشجيع استقطاب استثمارات عالمية.

وتابع: سيفقد المستثمر الثقة في الاستثمار بالكويت، في ظل قرارات مفاجئة كهذه، معلنا أن المصنع يُعد من المصانع الرئيسية في المنطقة، لكوننا أحد المصانع العشرة الكبرى التي تملك المعرفة في الصناعات والتنوع بمختلف خطوط الإنتاج على مستوى نحو 120 مصنعا دوائيا بالمنطقة.

وأضاف: نملك مصنعا تتنوع خطوط إنتاجه، ولدينا صناعات دوائية مهمة وحساسة، وعليها طلب كبير محليا وإقليميا، ونحقق جزءا من الأمن الدوائي وفي ظل إلغاء الدولة هامش الدعم سيفقدنا أي ميزة وسيسبب خسائر جوهرية للمصنع.

وأتساءل: هل يُوجد مستثمر يستثمر في أي سوق لا يحصل على أي ميزة أو دعم، مقارنة بالدول المجاورة التي تقدّم كل وسائل التشجيع للتعزيز الصناعات المحلية.

وكشف أن الطاقة الإنتاجية بالكامل تم تسخيرها خلال أزمة كورونا للسوق الكويتي، مشيرا الى أن تحقيق الأمن الدوائي مبدأ أساسي مهم واستراتيجي، فضلا عن أن الاقتصاد الكويتي اقتصاد ناشئ، وبالتالي الدعم ضروري، ويجب ألا ننفصل أو ننعزل عن الرَّكب العالمي والإقليمي في دعم الصناعة.

النوري: مأزق للشركات الكويتية

قال المدير العام الاقليمي لمصانع الطابوق الأبيض والبلاط المتداخل في شركة أسيكو أحمد النوري ان الشركات الكويتية ستكون المتضررة من هذا القرار الخاطئ، مطالبا بأن تكون للشركات المحلية الاولوية في المناقصات كما كان معمولاً به سابقا.

وشدد النوري على انه من الواجب إلزام الشركات الاجنبية بفتح فروعها في الكويت، وأن تدفع رسوما وتوظف الكويتيين وبعدها تتم المساواة، كما هو معمول به في الدول الخليجية، إذ ان شركاتنا تقوم بتوظيف وتعيين مواطني تلك الدول في الخارج.

ورأى أن الشركات الكويتية ستواجه مأزقا بهذا القرار، كما سيزيد الإغراق لاسيما مع المشاريع الاسكانية بدخول شركات من الخارج وجلب منتجات الطابوق الابيض وإغراق السوق فيها، مما ستضرر منه الشركات المحلية التي تدفع رسوماً للدولة، مؤكدا ان الأفضل هو عدم المجاملة على حساب مصلحة الشعب.

back to top